الثلاثاء، ٧ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ١٤ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

مدارسة القرآن في رمضان

مدارسة القرآن في رمضان
الخميس ١١ سبتمبر ٢٠٠٨ - ١٥:٢٥ م
15

مدارسة القرآن في رمضان

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ" (متفق عليه).

- قال ابن رجب -رحمه الله-: "دلَّ الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على مَن هو أحفظ له، وفيه دليل على استحباب الإكثار مِن تلاوة القرآن في شهر رمضان "وخاصة ليلاً"؛ لأن في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن المدارسة كانت ليلاً؛ ولأن الليل تنقطع فيه الشواغل، ويجتمع فيه الهم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر، كما قال -تعالى-: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلاً) (المزمل:6)" (اهـ بتصرف مِن لطائف المعارف ص246).

- وقال الشيخ ابن باز -رحمه الله- في فوائد هذا الحديث أيضًا: "شرعية المدارسة، وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان؛ لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر مِن اثنين فلا بأس، يستفيد كل منهم مِن أخيه، ويشجعه على القراءة وينشطه، فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم مِن المذاكرة والمطالعة فيما يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير" (اهـ مِن الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح ص14).

- ودلَّ الحديث أيضًا على أن تلاوة القرآن مِن أفضل القربات في شهر رمضان؛ فالقرآن نور وهدى، وموعظة وشفاء لما في الصدور، وحياة، كما قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ . لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر:29-30).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ, فَإِنَّهُ رَأسُ كُلِّ شَيْءٍ, وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ, فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ الْإِسْلَامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ, فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي السَّمَاءِ, وَذِكْرُكَ فِي الْأَرْضِ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (كِتَابُ الله هُوَ حَبْلُ الله المَمْدُودُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ) (أخرجه ابن جرير، وصححه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ وَرَسُولَهُ, فَلْيَقْرَأ فِي الْمُصْحَفِ) (رواه البيهقي، وحسنه الألباني)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- وإذا كان الأمر كذلك، فإني أقترح أن يكون في مساجدنا ربط للناس بكتاب ربهم -تعالى-، فتكون هناك مقرأة بعد صلاة العصر، يقرأ الشيخ جزءًا محددًا -ولو ربعًا-، ويردد وراءه الحاضرون، ثم بعد ذلك يبدأ تفسيره ويـُرجَّح مِن تفسير الجزائري -حفظه الله-.

- وكذلك الكلمة التي تُلقى بيْن ركعات صلاة التراويح، تكون مجملاً للآيات التي تتلى في الصلاة، وهذا له أثر مفيد جدًّا على نفوس الحاضرين.

- وكذلك بعد مقرأة صلاة العصر تُعقد حلقة لتحفيظ سورة للحاضرين مع عقد مسابقة فيها في آخر رمضان.

- وكذلك تهيئة المساجد وفتحها خاصة بعد صلاة العصر إلى المغرب، وبعد العشاء إلى ما يشاء الله، وكذلك بعد صلاة الفجر إلى صلاة الضحى؛ لاستقبال العابدين والصالحين مِن عباد الله، وهذا مِن تعمير بيوت الله، كما قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة:18).

والله المستعان والمسئول أن يوفقنا لطاعته ومرضاته.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية