الجمعة، ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

التفصيل في حكم الجماعة الثانية

التفصيل في حكم الجماعة الثانية
الأحد ٢١ ديسمبر ٢٠٠٨ - ١٣:٣٨ م
9

السؤال:

ما حكم إقامة الجماعة الثانية في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب؟ فأنا وصلت المسجد بعد انتهاء الجماعة الأولى فماذا افعل؟ وما الرد على من يقول أن ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يرجع إلى بيته ويصلي مع أهل بيته جماعة، وأن الصحابة كانوا يصلون بمفردهم إذا تعثر أحدهم عن الجماعة الأولى؟

الجواب:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالصحيح أن الجماعة الثانية مشروعة، ولو في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب، وإن كان كثيرٌ من العلماء يشترط إِذْنَ الإمام، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي أُمَامَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي، فَقَالَ: (أَلاَ رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا يُصَلِّى مَعَهُ)، فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (هَذَانِ جَمَاعَةٌ) (رواه أحمد، وصححه الألباني)، وهو صريح في مشروعية الجماعة الثانية في مسجد له إمام راتب، وهو مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم عموم الأدلة تقتضي فضيلة الجماعة ولو كانت جماعة ثانية.

وأما الأحاديث في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في بيته فلم تثبت مرفوعة، بل موقوفة على بعض الصحابة، ولو ثبتت لما كان فيها دلالة؛ إذ لم يرد فيها أنه كان هناك جَمْعٌ لم يصلوا فَمُنِعُوا من الصلاة؛ فلعله لم يجد غيرَ أهلِ بيتِه يصلي معهم، وبالنسبة لمن فعل ذلك من الصحابة فربما خوفًا من أن يُنْسَبَ له مخالفةُ الإمام، أو كان ممن يرى لزوم استئذان الإمام الراتب فلم يتيسر له، فهي وقائع أعيان محتملة لا عموم لها، ثم قد ثبت عن أنس -رضي الله عنه- أنه "جَاءَ إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى جَمَاعَةً" (رواه البخاري معلقًا مجزومًا به)، وإذا اختلف الصحابة لم يكن بعضهم حجة على بعض؛ كيف وتَرْكُ مَنْ تَرَكَ ليس بحجة، وليس صريحًا في المنع، بل محتمل، ولا تثبت البدعية بمجرد ترك بعض الصحابة، وإنما كان لعلة، بل لا تثبت البدعة مع وجود العموم إلا بالاجتماع على الترك.

وأما زَعْمُ مَن يقولُ لا يشرع ذلك إلا لمفترض يؤم متنفلاً فمحمولٌ على الظاهر، لا يقول به إلا من ينكِرُ القياسَ، وابن حزم نفسُهُ يثبت مشروعية الجماعة الثانية من عموم الأدلة، ثم قد سَمَّى النبيُ -صلى الله عليه وسلم- الاثنَيْنِ المصَلِّيَيْنِ جَمَاعَةً, فهذا المعنى حاصل في من كان مفترضًا يؤم مفترضًا، ومَن منع مِن العلماء إنما منع لعدم إذن الإمام لا للبدعية.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية