الجمعة، ٣ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ١٠ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

وإن وضعت الحرب أوزارها

وإن وضعت الحرب أوزارها
الخميس ٢٢ يناير ٢٠٠٩ - ١٩:٤٤ م
16

وإن وضعت الحرب أوزارها

كتبه/ أحمد جميل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فبعد بضع وعشرين يومًا من حرب يهود السافرة على المسلمين في قطاع غزة، وما رافق ذلك من قتل ودمار هائلَين على النحو الذي نرى ونسمع على الشاشات، فها هي بوادر سكوت متقطع لأزيز الطائرات، وتراجع -على استحياء- لجنود اليهود، وخفوت لصوت المدافع والطلقات، بإعلان وقف لإطلاق النار من اليهود، أعقبه إعلان متبادل بوقف الهجمات من جانب جُلّ فصائل المقاومة الفلسطينية، وإن وُصفت تلك الهدنة -إن صح التعبير- بأنها هشة -على الأقل حتى كتابة هذه السطور-، وأيضًا لغدر اليهود المعهود فإنها تشير إلى اتجاه لنهاية هذه الحرب، ووضع أوزارها، لكن:

وإن وضعت الحرب أوزارها: فمع حبنا لحقن دماء المسلمين، ورفع البلاء عنهم؛ فإنها ليست نهاية المطاف؛ فالمعركة الفاصلة لم تحن بعد مع يهود؛ فقد روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ).

وبغضنا ليهود قبل أن يكون لاغتصابهم الأرض وهتكهم العرض، وسفكهم الدماء؛ فهو لكفرهم بالله -عز وجل-، ونسبهم صفات النقص له -تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا-، ومعاداتهم الحق وعدم قبولهم به، وتكذيبهم وإيذائهم وقتلهم الأنبياء.

معاداتنا ليهود عَقدِيّة دائمة، كغيرهم من الكافرين -نصارى كانوا أو ملحدين أو وثنيين-، دائمة حتى يراجعوا دينهم، ويسلموا وجوههم لله، فإن فعلوا صاروا إخواننا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، نحبهم ونواليهم وننصرهم (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)(التوبة:11).

فلا يَغترنَّ مُغتَرٌ أن الصراع على سلطة أو أرض أو ثروة، فضلاً أن يكون على سلام!

فإن كان الصراع عقدي، فلا يقوم به إلا أصحاب العقيدة.

وإن وضعت الحرب أوزارها: وكفّ المسلمون أيديهم عن يهود؛ فلن يكفـُّوا هم أيديهم عن المسلمين؛ لأن عقيدتهم الباطلة تحثهم على بغضنا وحربنا بشتى الصور، بل قيام دولتهم عندهم مُرتَهِن بزوال الإسلام والمسلمين، والكل عند يهود يصدر عن عقيدة، ويتحرك بدوافع إيمان.

ففي الوقت الذي نـُعلـِّم فيه أبناءنا الحساب والعدَّ على الفاكهة والطيور والحيوان -مثلاً-؛ فإن المعلمة اليهودية تعلم طلابها الحساب بمثال كهذا: "قتل زميلك خمسة مسلمين، وقتلت عشرة، فبكم تفوقت على زميلك؟!".

ويخطئ أيضًا من يختزل الصراع مع يهود في أشخاص أو أحزاب، فالحمائم عندهم صقور، فما بالك بالصقور كيف يكونون؟! و"نتنياهو" و"شارون" و"باراك" و"أولمرت" وغيرهم؛ كلهم وجه واحد لعملة واحدة.

وإن وضعت الحرب أوزارها: وأسرع يهود بإعلان فرحتهم، وزعم انتصارهم، فهل انتصروا حقا؟!

أما على المستوى العسكري؛ فإنه نفق مظلم آخر -بعد حرب لبنان 2006م- دخلت فيه ولم تستطع الخروج منه بسلام، جيش هو رابع قوة في العالم كما يزعمون يُخلـَّى بينه وبين مجموعة من المجاهدين مُسلَّحة بأسلحة خفيفة وبدون غطاء جوي، واليهود بغطرسة يعلنون في أول الهجوم أن أهدافهم ستتحقق بسهولة في بضعة أيام، وقد كانت أهدافهم تتمثل في: إيقاف صواريخ المقاومة، والقضاء على حماس كسلطة وعلى رجالها كرموز -بالقتل أو الأسر-، وتوفير الأمن للمستوطنات المتاخمة للقطاع؛ فإذا بهم بعد ثلاثة أسابيع يستجدون الشرق والغرب على موائد الاتفاقيات؛ لتحقيق ذات الأهداف التي لم تأتِ بها ذراع القوة، ويُخلـِّفون وراءهم -أيضًا- عشرات القتلى والجرحى والآليات المدمرة، وآلاف المُروَّعين في المدن والمغتصبات الإسرائيلية التي أصابها الشلل من صواريخ المقاومة التي لم تـُواجه بنظام للدفاع الجوي، فضلاً عن اختراق لشبكات الاتصالات الصهيونية، وكذا بعض القنوات ومحطات الإذاعة، ومعلوم أن عجز الطرف القوي عن تحقيق النصر -حتى مع عدم غلبة الخصم الضعيف- يـُعَد هزيمةً لذلك القوي.

وأما على الصعيد السياسي؛ فقد خرج اليهود أيضًا بخسارة كبيرة، فلم تَدُمْ طويلاً مساحيق التجميل لصورتهم القبيحة أمام بقية العالم الذي لم يكن يعرف بعدُ مَن هم اليهود.

وأما الجبهة الداخلية؛ فحديث التصدع والانقسام حتى أثناء العمليات العسكرية بين مطرقة الاستمرار وتحمل المزيد من الخسائر، وسندان الانسحاب بخُفَّيْ حنين.

اللهم إلا إذا كان تدمير الحرث والنسل -مع اعتبار عدم تكافؤ القوى- يُسمَّى انتصارًا!!

وإن وضعت الحرب أوزارها: في ميدان القتال المسلح؛ فهناك ميادين أُخَر ما زالت وستستمر الحرب فيها مستعرة وبضراوة ربما أشد مما شهدناه في عملية "الرصاص المسكوب"، وإلا فاليهود وأذنابهم ما انفكـُّوا يغزون المسلمين فكريًّا؛ ليُميِّعوا هـوية الأمة، ويبثون سمومهم في الإعلام والتعليم، ويُهوِّدون الاقتصاد على طريقتهم الربوية، ويُغرِقون الناس في المادة والشهوات، ويـُذيبون عقيدة الولاء والبراء -الفطرية في النفوس- شيئًا فشيئًا.

وهم في حربهم تلك يستخدمون كل الوسائل والإمكانيات، ليظفروا بشيء من أغراضهم، ولكن هيهات (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(الصف:8)، وينفقون بلايين الدولارات؛ ليحققوا طرفًا من مآربهم، وأنـَّى لهم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)(الأنفال:36).

فليأخذ بنو الإسلام حذرَهم، ولا يركنوا لراحة ولا دَعة، وليفهم كل مسلم أن المسئولية جماعية، وأن الخندق واحد، وكل على ثغر؛ فليحذر أن يـكون الخلل من قِبَله.

وإن وضعت الحرب أوزارها: في قطاع غزة؛ فما زال المسلمون يواجهون عدوانًا غاشمًا في العراق، وأفغانستان، والشيشان، والصومال، واضطهادًا في الهند وكشمير والصين، وتَرَبُّصًا من الصرب في البلقان، وحملاتٍ من التنصير ما تفتأ تهدأ لاسيَّما في إفريقية، وآسيا، وغيرها من الدول الفقيرة، إلي غير ذلك من قائمة طويلة معروفة...

والمسلمون في كل مكان يحتاجون -كأهل غزة- إلي مثل هذه الصور المشرقة من التضامن التي رأيناها في الأحداث الأخيرة، دعاءً وتبرعًا وتكاتفًا ونصرةً، يحتاجون إلى الشعور بمعنى الأخوة الإيمانية الحقـَّة، فعلينا استثمار يقظة روح "الجسد الواحد" التي بدأت تحيَا في الأمة، فلا ينبغي أن يكون التعاطف لحظيًّا، والشعور الوجداني عند الأزمات وفقط.

وأظن أن الدرس كان كافيًا لاستيعاب الحكام والمحكومين لنظرية "فَرِّقْ تَسُدْ" التي يلعب على وترها "الآخر"؛ لتمزيق المسلمين، وإشغالهم بالقوميات والعصبيات والطائفيات...، إشغال الشعوب حتى عن مجرد تذكر فكرة الخلافة الإسلامية الكبرى التي كانت قائمة منذ عهد ليس ببعيد، وإن كانت في آخر زمانها اعتراها من الوهن ما أثـَّر على لُبِّها وحقيقة جوهرها، فلم يبقَ منها إلا بعض "الشكليات"، لكنْ كان من أهم فوائد وجود هذه الخلافة الحفاظُ على هذه الروح العامة والشعورُ بأخوة الدين.

وإن وضعت الحرب أوزارها: ودارت الأيام دورَتَها، ثم طلع علينا يومًا ما منافقٌ عليم اللسان، وإن كان من جلدتنا، لكن يدور في فلك يهود وغير يهود، طلع علينا ليخدعنا بمعسول الكلام، ويمنينا بالأماني الباطلة، ويـُخدِّر شعور الأمة تجاه قضاياها، ويـُخذِّل في صفوف المسلمين، فماذا نتوقع؟!

هل سننخدع له بعدما كشفت هذه الحرب بصورة صلعاء سافرة مَن العدو ومَن الصديق، مَن النائحة الثَّكْلى ومَن المُستأجَرة، ومَن المناصر ومَن الخائن؟!

إن "غزة" قبل أن تتخلى عنها حكومات العالم أو تسكت عن ظلمها؛ باعها مَن كانوا يَلبسون ثياب "النضال الوطني"، أو يتكلمون بتفويض رسمي من الشعب الفلسطيني -زعموا-.

وهم أنفسهم الذين وقفوا متفرجين على المأساة بعدما دَلّـوا على عورات المجاهدين، وجلسوا شامتين منتظرين نصر يهود؛ ليأخذوا نصيبًا من الكعكة.

وإن كان "العملاء" من قبل يديرون قواعد لعبتهم من وراء الستار، ويتحركون بحرية من الأبواب الخلفية؛ فإن عملاء هذه الحرب تبجَّحوا بلا حياء، وأظهروا نواياهم الخبيثة بلا مواربة، فهل من معتبر؟!

وإن وضعت الحرب أوزارها: وقد رأينا استنكارًا دوليًّا وشعبيًّا لمجازر غزة، وظن البعض أن بوسعه الوقوف مع بعض هؤلاء المستنكرين في خندق واحد، طالما أن العدو مشترك، فسمعنا الإشادة والتهليل بأناس لهم أغراضهم المختلفة من وراء مواقفهم تلك، ليس منها -قطعًا- الدفاع عن الإسلام والمسلمين، وإلاَّ فكيف "للشيوعية" -مثلاً- التباكي على الإسلام وهو على رأس قائمة أعداءها؟!

أم كيف "للعلمانية" الدفاع عن المسلمين -لكونهم مسلمين- وهي التي ما قامت إلا على فصل الدين عن الدولة؟!

وهل "الروافض" أصبحوا هم الأمل في نصر الأمة؛ ليفرح ببعض خطاباتهم مـَن فرح؟!

إن تجربةَ التوحد لمجرد التوحد -دون وضع أساس لهذه الوحدة-، وجمع الناس في عباءة فضفاضة، والتغاضي عن عقائدهم الخربة -والكل إنما تحركه عقيدة-؛ لَتجربة حَقِيقَة بإعادة النظر، وقد جنى المسلمون منها الثمار المُرَّة في الماضي والحاضر.

ولو لم يكن من حنظل الثمار إلا ضياع شخصية الإسلام، وهدم معالم التوحيد؛ لكفى والله، فكيف والحال أن هذه الوحدة المُفترَضة ما تلبث أن تنقلب إلى فـُرْقـَة، والألفة إلى شقاق بعد ما يزول هذا العدو المشترك؟! وحينئذ تنكشف الحقائق، وتتبين نوايا هؤلاء الذين وضع المسلمون فيهم ثقتهم، وتحضرني بعض الأمثلة، من أبرزها:

تحالف العرب مع دول الاستعمار الأوروبي ضد الدولة العثمانية، فلما أُنْهِكَت قواها، وخارت عزيمتُها؛ إذا بالغرب يستدير على مائدة العرب لِيـَلْتَهـِم دولَهم، في حقبة من أسود صفحات تاريخنا ظلامًا.

ولما غَضَّت بعض فرق المجاهدين الأفغان الطرفَ عن مخالفات حلفائهم، وانشغلوا بالاتحاد السوفييتي؛ رحل الروس وشاهدنا الخصام والقتال بين حلفاء الأمس في مشهد محزن.

وما برحت بعض طوائف التيارات الإسلامية تـُهمِّـش من هذه القضية حتى كادت تندرس سمات شخصيتها، وتَمَّحِي آثار دعوتها؛ بوضع أيديها في أيدي العلمانيين تارة، والقوميين تارات، بل وأعداء سابقين كالاشتراكيين والشيوعيين؛ بدعوى التعاون والوحدة وتكثير الصف!! (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(الأنعام:153).

وإن وضعت الحرب أوزارها: فهذه دعوة للصف الإسلامي، لترتيب البيت من الداخل، ووضع أُسُسٍ بـَـنـَّاءة للتعاون، بمزيد من المكاشفة، وكثير من المصارحة.

ملؤها الحبُ في الله، والتناصحُ دون منابذة، ميزانُها الشرعُ، بقـِسط يرجع الكل إليه برضًى، لا يجد في نفسه حرجًا من قبوله، والتمسكُ بمنهج معصوم لا تعصب فيه لأشخاص ورموز أو نظريات وأفكار.

نعم، لقد انشغل الإسلاميون خلال تلك الحرب بقضية غزة -ولا غرو إذ هي طاعة الوقت-، لكن لا ينبغي أن تكون دعوتنا ردة فعل على أفعال الآخرين، ولا يسوغ لنا ألاَّ يكون هناك منهج واضح نسير عليه، لا يتغير "كإستراتيجية" وإن اختلفت "تكتيكات" كل مرحلة.

يجب أن تكون الرؤى شاملة والخطوات ثابتة، فالطريق طويل وشاق، يحتاج لمزيدٍ من الصبر والثبات، واستقراءٍ للسنن الكونية والشرعية.

نحتاج إلى تربية كبيرة لأجيال المسلمين على معاني الإسلام الشامل.

نحتاج إلى الانشغال بالعمل المثمر حقًّا، بالأهم عن المهم، وأن نطرح جانبًا القضايا الفرعية التي يـُشغَل بها الشباب عن تعلم العلم النافع والمشاركة في عمل دعوي صالح.

نحتاج لعدم التحقير من شأن بعضنا البعض، أو التقليل من أعمال تدفع بمسيرة العمل الإسلامي للأمام، أيًّا كان شأنها.

وفي الجملة رأب الصدع، واللين في أيدي الإخوان، ومراجعة الإخلاص... والله المستعان.

(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف:108).

وإن وضعت الحرب أوزارها: وقد تكلم الدعاة والعلماء عن أن أول أسباب النصر الحقيقي مراجعة الأمة لدينها، وإنابتها إلى ربـِّها؛ فأين ترجمة ذلك لواقع حَيٍّ ملموس ترجمةً عمليةً على الأرض؟!

من الناس من مرَّت عليه الأحداث كأضغاث أحلام، لا يعرف منها إلا كونها خبرًا من ضمن أخبار كثيرة تمر عليه في شريط الأخبار أسفل شاشة "الفيلم" أو "المسلسل" أو "المباراة" التي يشاهدها.

ومن الناس من علـَّق المسؤولية في رقبة "زيد" أو "عمرو" ليُخلِّيَ ساحتَه، ويـُسكتَ تأنيبَ ضميره، أو ظنَّ القضية "يحتكرها" الدعاة والعلماء أو أبناء الصحوة وفقط، وكأنه ليس له مكان.

ماذا قـدّمت لأمـَّـتك ودينك؟؟ فالقطار يمضي ولا يتوقف مسيره على أحد، فليلحق به مَن يلحق.

ودورك أنت تبحث عنه بنفسك، وخندقك تستطيع حفرَه بيديك... لكن -فقط- إن أردت!

وإن وضعت الحرب أوزارها: وقد كان يُرجِف كثيرٌ من المنهزمين نفسيًّا أن الأمة موقعُها في "صفحة العالم" موقع "المفعول به" من الجملة اللغوية، لا تملك شيئًا من أمرها، و لا يسعها إلا أن تنتظر ما يفعله بها "الفاعل"، الذي هو -قطعًا- اليهود والأمريكان وغيرهم.

فجاءت هذه الأحداث وغيرها لتثبتَ بـ"البرهان" لا "الكلمات" أن إرجاف المرجفين "لا محل له من الإعراب".

وقد راهنت الشعوب من قبل على الحصان الاشتراكي تارة، والقانون الدولي تارة، والأمم المتحدة ومجلس الأمن مرات ومرات، فخسر الرهانَ المراهنون خسارة فادحة... وضعت ثقتَها على موائد المفاوضات، ومباحثات السلام؛ فخرجت صفر اليدين.

حتى أمَّل البعض على "أوباما أميركا"؛ فلاذ بصمت مطبق، وأهدى له اليهود هدية كرسيـِّه الجديد بإيقاف الحرب قبل مراسم التنصيب!!

إذن... فلماذا لا تسير الجموع من الآن -وعن قناعة- خلف اللواء الإسلامي؟؟ وليست هذه دعوة للتجربة -حاشا لله-؛ فالإسلام هو الحق، وشرع الله لا يـُجرَّب، لكن ما الذي بقي لنا لنبكي عليه -سيما وأن ذلك هو الخيار الصحيح والوحيد المتبقي للأمة-؟!

فاللهم رُدَّ المسلمين إلى دينك ردًا جميلاً، وهيِّئ للأمة أمرَ رشد يـُعَز فيه أهلُ طاعتك، ويـُذَل فيه أهلُ معصيتك، ويـُؤمر فيه بالمعروف ويـُنهى فيه عن المنكر... آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة