الجمعة، ٢٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٣ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

آداب اللقاء تحت ظلال السيوف

آداب اللقاء تحت ظلال السيوف
الأربعاء ٢٨ يناير ٢٠٠٩ - ١٩:٥٥ م
9

آداب اللقاء تحت ظلال السيوف

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فيا أخي المجاهد في سبيل الله على أرض غزة الصامدة، وغيرها من ثغور المسلمين في كل مكان، أسأل الله -تعالى- لنا ولك الثبات والصبر والقبول والفوز بإحدى الحسنيين.... آمين.

فهذه بعض آداب اللقاء وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء، علَّمنا الله -تعالى- إياها، وكذا رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أذكّرك بها؛ لتكون منك على بال.

أولاً: الثبات والصبر وكثرة ذكر الله -تعالى-، والمحافظة على الصلوات:

قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(الأنفال:45).

وثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت لشمس قام فيهم، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ) ثُمَّ قَامَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِىَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ) رواه البخاري ومسلم.

قال قتادة -رحمه الله-: "افترض الله ذكرَه عند أشغلِ ما يكون، عند الضرب بالسيوف".

وقال ابن كثير -رحمه الله-: "فأمر -تعالى- بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم، فلا يفروا ولا ينكلوا ولا يجبنوا، وأن يذكروا الله في تلك الحال ولا ينسوه، بل يستعينوا به ويتكلوا عليه، ويسألوه النصر على أعدائهم" اهـ التفسير 7/98.

وقال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ . فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)(البقرة:238-239).

قال ابن كثير: "لما أمر -تعالى- عباده بالمحافظة على الصلوات، والقيام بحدودها، وشدَّد الأمر بتأكيدها؛ ذكر الحالَ التي يشتغل الشخص فيها عن أدائها على الوجه الأكمل، وهي حال القتال والتحام الحرب فقال: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا) أي: فصلوا على أي حال كان، رجالا أو ركبانا: يعني: مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، كما قال مالك عن نافع أن ابن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف وَصَفَها، ثم قال: "فإن كان خوفٌ أشد من ذلك صلَّوْا رجالا على أقدامهم، أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها"، قال نافع: "لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". رواه مسلم

ولمسلم أيضاً عن ابن عمر قال: فإن كان خوف أشد من ذلك فصل راكباً أو قائماً تومئ إيماء، عن جابر بن عبد الله قال: "إذا كانت المسايفة فليومئ برأسه إيماء حيث كان وجهه فذلك قوله: (فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا)" رواه ابن أبي حاتم.

وعن ابن عباس قال: "فرض اللهُ الصلاةَ على لسان نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة". رواه مسلم

وبه قال أحمد -رحمه الله- أن صلاة الخوف تفعل في بعض الأحيان ركعة واحدة إذا تلاحم الجيشان، وكذا قال غير واحد.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: "حضرت مناهضة حصن تسْتَر عند إضاءة الفجر، واشتد اشتعال القتال، فلم يقدروا على الصلاة، فلم نصل إلا بعد ارتفاع النهار، فصليناها ونحن مع أبي موسى، ففتح لنا"، قال أنس: ،وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها". رواه البخاري.

قوله -تعالى-: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ) أي: أقيموا الصلاة كما أمرتم (كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون) أي: مثل ما أنعم عليكم وهداكم للإيمان، وعلمكم ما ينفعكم في الدنيا والآخرة، فقابلوه بالشكر والذكر... اهـ بتصرف 1/ 295.

ثانياً: الصمت والسكينة إلا من ذكر الله:

عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تتمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاثبتوا، واذكروا الله، وإن أجلبوا وصاحوا فعليكم بالصمت) رواه عبد الرزاق في مصنفه.

وعن ابن جريج عن عطاء قال: "وجب الإنصات وذكر الله عند الزحف"، ثم تلا هذه الآية، قلت: "يجهرون بالذكر؟" قال: "نعم".

ثالثاً: السمع والطاعة في المعروف، وترك التنازع والاختلاف، والحرص على ألفة القلوب واجتماعها:

قال الله -تعالى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(الأنفال:46).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "وأن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك. فما أمرهم الله -تعالى- به ائتمروا، وما نهاهم عنه انزجروا، ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوا فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم، (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) أي: قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال" اهـ 7/98

وقال -تعالى-: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)(آل عمران:152).

رابعاً: عدم التشبه بالمشركين في نياتهم الفاسدة، وأخلاقهم الردية:

قال الله -تعالى-: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)(الأنفال:47)

قال ابن كثير -رحمه الله-: "يقول -تعالى- بعد أمره المؤمنين بالإخلاص في القتال في سبيله وكثرة ذكره، ناهيًا لهم عن التشبه بالمشركين في خروجهم من ديارهم (بَطَرًا) أي: دفعا للحق، (وَرِئَاءَ النَّاسِ) وهو: المفاخرة والتكبر عليهم، كما قال أبو جهل، فانعكس ذلك عليه أجمع، (وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) أي: عالم بما جاءوا به وله، ولهذا جازاهم على ذلك شر الجزاء لهم." اهـ 7/106.

خامساً: الحذر من الذنوب والمعاصي؛ فهي سبب التبديل والتغيير:

كما قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ)(الأنفال:53-54).

قال ابن كثير -رحمه الله-: "يخبر -تعالى- عن تمام عدله، وقسطه في حكمه، بأنه -تعالى- لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه" اهـ 7/106

وفي وصية عمرَ لسعدٍ -رضي الله عنهما- عندما بعثه إلى العراق أميراً للفاتحين: "يا سعد بن وُهَيْب، لا يُغرَّنَّك من الله أن قيل: خالُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه؛ فإن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكن يمحو السيء بالحسن، وإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، فالناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، الله ربهم وهم عباده، يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عنده بطاعته، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ بُعث إلى أن فارقنا عليه فالزمه؛ فإنه الأمر، هذه عظتي إياك، إن تركتها ورغبت عنها حبط عملك، وكنت من الخاسرين" البداية 4/ 25.

سادساً: الحذر من البغي والغدر والخيانة:

فإنها خزي وهزيمة وإدالة للعدو علينا، قال الله -تعالى-: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)(الأنفال:58)

قال ابن كثير -رحمه الله-: "يقول -تعالى- لنبيه -صلوات الله وسلامه عليه-: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ) قد عاهدتهم (خِيَانَةً) أي: نقضًا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) أي: عهدهم (عَلَى سَوَاءٍ) أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حَرْبٌ لهم، وهم حَرْبٌ لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك، قال الراجز: "فَاضْرِبْ وُجُوهَ الغُدر الأعْداء حتى يجيبوك إلى السواء"، وعن الوليد بن مسلم أنه قال في قوله: (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) أي: على مهل، (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) أي: حتى ولو في حق الكافرين، لا يحبها أيضًا.

روى الإمام أحمد بسنده، عن سليم بن عامر، قال: كان معاوية يسير في أرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم، فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر... الله أكبر، وفاء لا غدرا، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ومن كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلَّنَّ عقدة ولا يشدها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء) قال: فبلغ ذلك معاوية، فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة -رضي الله عنه-. اهـ 7/108.

سابعاً: أن القتال لإعلاء كلمة الله -تعالى-:

فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟" قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) متفق عليه.

قال البسام -رحمه الله-: "ومن الجهاد في سبيل الله دفع الكفار عن بلدان المسلمين وأراضيهم لا سيما الأمكنة المقدسة، كالقدس، والمسجد الأقصى، ودفع الحكومات الشيوعية عن بلدان المسلمين، كما كان في أفغانستان وغيرها من بلدان المسلمين التي هي تحت سيطرة أعدائهم، فقد جاء في سنن أبي داود وغيره من حديث سعيد بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد)، وفي سنن أبي داود أيضاً عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: "يا رسول الله، أخبرني عن الجهاد والغزو"، فقال: (يا عبد الله بن عمرو إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا، وإن قاتلت مرائياً مكاثراً بعثك الله مرائياً مكاثراً، يا عبد الله بن عمرو على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تيك الحال)". اهـ من توضيح الأحكام (6/246).

وقال أيضاً: "هذه هي آداب الحروب الإسلامية والجهاد في سبيل الله: التقوى، والاعتماد على الله -تعالى-، والدعوة إلى الخير، والدخول في دين الله -تعالى-، فإذا دخل الإنسان في الإسلام فليس مستعمراً، ولا مسترقاً، ولا مضطهداً، وإنما هو مسلم، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم.

فإن لم يجيبوا إلى الإسلام؛ فلهم الحرية في البقاء على دينهم، على أن يؤدوا جزية هي لحقن دمائهم، والحفاظ عليهم من عدوهم، ورعاية مصالحهم.

فإن أبوا عن هذا، وأصروا على الوقوف في وجه الدعوة، فلم يدعوها تبلغ المستعدين لقبولها؛ فالمسلمون مضطرون لقتالهم؛ لتصل دعوة الله ودينه حيث أراد الله -تعالى-، فإذا قام قتال المسلمين مع عدوهم فإنه قتال رحمة، فكل من لا علاقة له بالقتال لا يقتل، فلا يُقتل شيخ كبير، ولا راهبٌ في معبدِه، ولا صَبِي، ولا امرأة، وإنما يوجه القتال إلى المقاتلين المعاندين، الصادِّين دين الله، ثم إن هذا القتال ليس قتال ثأر وانتقام، يحصل به تمثيل، وتشويه للقتلى، فلا تمثِّلوا.

وإذا أُبرم عهدٌ مع العدو، فليحافظ على الوفاء به، والتزام شروطه وبنوده، وليُعقَد على ذمة القائد، ولا يُعقد على ذمة الله -تعالى- وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ خشية أن يحصل غدر، فتنسب الخيانةُ والغدرُ إلى عهد الله -تعالى- وإلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهما مبرآن من ذلك.

وكذلك إذا أريد نزول العدو على الحكم، فلا ينزلون إلا على حكم منسوب إلى اجتهاد القائد، ولا إلى حكم الله؛ لئلا تخطئوا في الحكم، فيكون الخطأ منسوباً إلى أحكام الله -تعالى-، فإن القائد باجتهاده لا يدري هل يقع على الحق نفس الأمر، وهو حكم الله ومراده أم لا" اهـ من توضيح الأحكام (6/271)

ومن البغي: البغي على إخوانك المسلمين الذين يبذلون ما في وسعهم من دعوة وبيان لنصرة الدين والمسلمين في كل مكان بالمستطاع... فاحذر ذلك، فكلٌ يقوم بواجب وقته، سواء في السراء والضراء، وما يجب عليك الآن هو الثبات والصبر ومجاهدة العدو، وتسأل الله ذلك، فالله المستعان.

ثامناً: توخِّي الوقت المناسب للقتال:

عن معقل بن يسار أن النعمان بن مقرن -رضي الله عنه- قال: "شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَكَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ الْقِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ وَيَنْزِلَ النَّصْرُ" رواه أحمد، وأصله في البخاري، وصححه الألباني.

قال العلامة البسام -رحمه الله-: "كان النعمان بن مقرن -رضي الله عنه- يقتدي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في جهاده وغزواته، وكان قتاله أول النهار، حينما يكون الأنفس والأبدان نشيطة بعد راحة الليل، وحينما يكون الوقت بارداً، وحينما تكون البركة التي قال عنها المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِى فِى بُكُورِهَا) رواه أبو داود والترمذي والنسائي، وصححه الألباني.

وإذا فات وقت الصباح، ولم يحصل إنشاب القتال فيه؛ فإنه لا يقاتل في وسط النهار، حين خمود الأذهان وخمول الأبدان، وارتفاع الشمس، وإنما يؤخره حتى تزول الشمس، ويبرد الجو، وتهب الرياح التي يُرسلها الله -تعالى- عادة بنصر عباده المؤمنين، كما قال -تعالى-: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا)(الأحزاب:9).

وكما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (نُصِرْتُ بِالصَّبَا وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ) متفق عليه.

فكان -صلى الله عليه وسلم- يتوخى هذا الوقت حين برودة الجو، وهبوب الرياح المسائية، وكل هذا ما لم يُباغِتْهم العدو، أو يفاجئهم بغارة غير منتظرة، فحينئذ يجب ردها وصدها، ولا يؤخذ ذلك لأي وقت من الأوقات.

وفي الحديث اتخاذ الأسباب النافعة، والتدابير المفيدة، مع الاستغاثة بالله -تعالى-، والاتكال عليه، ورجاء نصره وعونه، لتجتمع القوة المادية والمعنوية" اهـ توضيح الأحكام (6/274).

والله -تعالى- أعلم.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة