قصة أصحاب الفيل (خطبة
مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، أما بعد،
فقد قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ .
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ . وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا
أَبَابِيلَ . تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ . فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ
مَأْكُولٍ)(الفيل).
1- مقدمة:
إشارة السورة إلى مكانة
هذه البقعة المقدسة من أرض الله، والتي اختارها الله لتكون منطلق النور على مر
العصور، ومركز دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمطاردة الجاهلية في أنحاء الأرض.
2- ملخص الخطبة:
جملة ما تشير إليه الروايات عن هذا الحادث:
- أن الحاكم الحبشي
"أبرهة" بنى كنيسة عظيمة جمع فيها كل أسباب الفخامة على نية أن يصرف
العرب عن البيت الحرام ويحجوا إليها.
- العرب وأهل اليمن
أنفسهم يزهدون في كنيسته، ويغضون من فعله.
- رجل من العرب يقصد
كنيسة أبرهة بالإهانة، فيتغوط في محرابها ويلوثه.
- أبرهة يغضب ويقسم
ليهدمن البيت، فيخرج بجيش على رأسه فيل كبير يقصد الكعبة.
- لما نزل بالقرب من
مكة؛ أرسل بعض جنده فساقوا له أموالاً لقريش وغيرهم، ومنها مائتا بعير لعبد
المطلب.
- عبد المطلب يطلب لقاء
أبرهة، وكان عليه مهابة، فأكرمه أبرهة لما دخل، وسأله عن حاجته.
- عبد المطلب يعلن عن
طلبه للبعير؛ مما زهد فيه أبرهة حتى قال له: "أتكلمني في مائتي بعير وتترك
بيتك الذي هو دينك ودين آبائك، وقد جئتُ لهدمه"؟!
- قال عبد المطلب:
"أنا رب الإبل وإن للبيت ربًّا سيمنعه"، فقال: "ما كان ليمتنع
مني".
- عبد المطلب يرجع إلى
قريش، ويأمرهم بالخروج من مكة إلى رؤوس الجبال.
- نفر من أهل مكة مع عبد
المطلب يدعون الله ويستنصرونه عند باب الكعبة قبل خروجهم.
- جيش أبرهة يتوجه
قاصدًا الكعبة، والفيل يبرك ويمتنع.
- الله -عز وجل- ينزل
عليهم العذاب؛ بأن جاءت طير صغيرة تحمل أحجارًا صغيرة مثل الحمص والعدس، وأرسلتها
على جنود أبرهة فما منهم من أحد أصابته إلا هلك، وليس كلهم أصابت.
- أبرهة يكون من
الفارين، لكنه ظل يتساقط جسده أثناء الطريق إلى أن وصل اليمن وبقية قليلة لتكون
عبرة لقومهم.
الدروس والفوائد:
1- من دلائل النبوة:
قال العلماء: وكانت هذه الآية لأمرين عظيمين:
أحدهما: لأجل البيت.
الثاني: لأجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ولد في ذلك
العام وكان جنينًا.
فإن قيل: إنه كان لأجل
البيت؛ فقد علم أنه ليس من أهل الملل من يحج إليه إلا أمة محمد -صلى الله عليه
وسلم-.
وشواهد النبوة ظاهرة:
- فلو غلب الحبشة؛ لكان
السبي وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- وليدًا.
- أهل الكتاب أقرب، لكن
الإسلام سيظهر، وستكون الكعبة قبلة أهله.
2- الجزاء من جنس العمل:
- أراد أبرهة صرف الناس
عن البيت، فصرف الله الناس عن كنيسته، وقيل أنها احترقت.
- جاء بأقوى الحيوانات،
فسلط الله عليه أضعف المخلوقات.
- أراد نقض البيت حجرًا
حجرًا، فأسقط الله أعضاءه أنملة أنملة.
- لما خرج بطرًا وكبرًا
من داره؛ رده الله ذليلاً مخذولاً.
- لما تتابعوا على البيت
أرسالاً؛ أرسل الله عليهم الطير أرسالاً.
- لما أرادوا نقض أحجار
البيت؛ عذبهم الله بالحجارة.
- لما خرج معهم أبو رغال
دليلاً فمات في الطريق؛ صارت العرب ترجم قبره كلما مرت به.
3- فاعتبروا يا أولي الأبصار:
- تذكير القرآن بالقصة،
فيه تحذير لكل من اغتر بقوته وأراد الاعتداء على حرمات الله.
- قال الله -تعالى-: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ
قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ)(محمد:13).
- نزلت سورة قريش بعدها:
(لإِيلافِ قُرَيْشٍ . إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ
وَالصَّيْفِ . فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ
جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)(قريش).
4- فضل البيت الحرام:
1- اختار الله مكانه: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)(آل عمران:96)، (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا
تُشْرِكْ بِي شَيْئًا)(الحج:26).
- عن قتادة أن نبيّ الله
-صلى الله عليه وسلم- قال يوما لأصحابه: (هَلْ تَدْرُونَ
مَا البَيْتُ المَعْمُورُ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإنَّهُ مَسْجِدٌ في
السَّماء تَحْتَهُ الكَعْبَة لَوْ خَرّ لَخَرّ عَلَيها، أَوْ عَلَيْه) رواه ابن جرير في تفسيره، وقال الألباني: إسناده مرسل
صحيح.
2- بناه الملائكة والأنبياء:
عن عبد الله بن عمرو بن
العاص -رضي الله عنهما- قال: "بعث الله جبريل إلى آدم فأمره ببناء البيت،
فبناه آدم، ثم أمره بالطواف به". تفسير ابن كثير.
- وقال -تعالى-: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ
وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)(البقرة:127).
3- يجذب القلوب إليه:
- قال الله -تعالى-: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ)(البقرة:125)، وقال: (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ)(إبراهيم:37).
4- العبادة فيه لا تتوقف:
قال الله -تعالى-: (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ
وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)(الحج:26)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ
وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
5- فيه آيات بينات:
- (الحجر الأسود - مقام
إبراهيم - الركن اليماني - الملتزم - زمزم - الحجر).
- وادٍ لا زرع فيه ولا
ماء؛ ليزهد فيه الكفار والطواغيت ويتفرغ لخيره المؤمنون.
6- الصلاة فيه بمائة ألف صلاة: قال -صلى الله عليه
وسلم-: (صَلاَةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ
مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ) رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الألباني.
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com