الخميس، ٢٤ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٢ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

توضيح حول منهج جماعة الإخوان

توضيح حول منهج جماعة الإخوان
الخميس ١٩ مارس ٢٠٠٩ - ٢١:٥٣ م
9

السؤال:

عن جماعة الإخوان المسلمين؛ فقد حدث لي إشكال عند قراءتي لقول فضيلتكم:

(الجماعة تجمع إلى الخير كثيراً من الدَخَن والبعد عن السنة والتعصب الممقوت والفتاوى الباطلة والتقليد الأعمى والمداهنات السياسية والإقرار بالبدع ولا أعني أن كل شخص منهم فيه ذلك ولكن هذا في جملة الجماعة فأنصحك أن تبحث عن أهل السنة وأتباع سلف الأمة فتكون معهم.

وأما إلغاء عقيدة الولاء والبراء واتخاذ الفكر العلماني فلا يجوز أن يقال عنهم ككل مثل هذا الكلام وإنما صدر كلام باطل عن أفراد كثيرين من دعاتهم وقادتهم، لكن لا يعمم هذا الحكم على الجميع.

والصحيح أنه يعامل كل فرد فيهم بما يستحقه فمن كان على عقيدة فاسدة وبدعة عومل بناء على ذلك، ويلزم تعليمه ودعوته إلى الله.

ومن أظهر عقيدة أهل السنة ومنهجهم عومل على ذلك وأظنك تعلم أن من المنتسبين للجماعة مع سلفية عقيدتهم الدكتور الأشقر والدكتور مصطفى حلمي والدكتور عبد الكريم زيدان -حفظهم الله-. أفترضى أن يقال عن هؤلاء مع ما تعلم من سلامة عقيدتهم أنهم من الفرق النارية؟! وإن كان الانتماء لمثل هذه الجماعة على ما هي عليه لا يجوز للسكوت على كثير من المنكرات).

والإشكال هو أنني في فهمت من خلال كلامك أن هذه الجماعة منهجها فيه ضلال وبدع كثيرة، ولكن بها أشخاص أصحاب عقيدة ومنهج سليم فلا يجوز أن نحكم علي الجماعة بأنها من الفرق الضالة، ولكن الجماعة كلها من أهل السُنة في الجملة؟ فهل هذا الفهم صحيح؟

وإذا كان صحيحاً فلمَ لمْ نـُفرق في الحكم بين الحكم العام والحكم على سبيل التعيين... فمثلاً: أقول جماعة الإخوان المسلمين من الاثنتين وسبعين فرقة وكما هو معلوم أنها ليست كلها في مخلدة في النار، وهكذا نكون حكمنا على الجماعة كمنهج وعقيدة، أما كأفراد فهذا يدخل في باب الحكم على المعين، ولا نحكم على معين إلا بعد بيان حاله ومناقشة حجته إلي آخره، وبالتالي فإن السادة العلماء الذين ذكرت فضيلتك أسماءهم هؤلاء ليسوا من الفرق النارية؛ لعلمنا بسلامة عقيدتهم ومنهجهم وإن انتموا تنظيمياً إلي جماعة الإخوان التي تـُخالف أهلَ السُنة في أشياء كثيرة في العقيدة والمنهج؟

وهناك تسجيل صوتي استمعت للشيخ الألباني -رحمه الله- وهو يقول: (ليس صواباً أن يُقال أن الإخوان من أهل السُنة)، وقد قرأت رسالة لأستاذ بجامعة الأزهر فرع المنيا وهو ذو عقيدة سلفية وضَّح في كتابه ما خالف فيه الشيخ حسن البنا -رحمه الله- عقيدة السلف، وعدم تحريره الجيد لمنهج السلف في باب الأسماء والصفات.

أرجو ألا أكون قد أطلت في السؤال... ولكن معذرة فهذه شبهة خطرت علي تفكيري وأنا أقرأ الفتوى في موقع فضيلتكم.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فالإجابة المذكورة فيها وصف لحال الجماعة وعملها وسلوكها وكثير من أفرادها، أما المنهج فإن الذي يمثله كتاب الأصول العشرية للشيخ حسن البنا -رحمه الله-، وهذه الأصول لا تتبنى موقف أهل البدع في أي أصل كلي من أصول الاعتقاد، ولكن فيها إجمال في 3 مواضيع تحتاج إلى تفصيل، ويحتمل تفسيرين موافق لأهل السنة ومخالف، فمن انتمى لأهل السنة وانتظم في الجماعة حمل الكلام على الموافق، ومن خالفهم حملها على المخالف.

وهذه المواضيع هي:

- كلامه على التوسل أنه خلاف فرعى وليس من مسائل العقيدة، وهو يحتمل أن يحمل على نوع من أنواع التوسل البدعي؛ وهو التوسل إلى الله بحق فلان أو بجاه فلان دون دعائه من دون الله ودون طلب الدعاء منه. فهذان النوعان لا خلاف في بدعتيهما الأول شرك والثاني بدعة وشرك أصغر، أما التوسل بالحق والجاه في دعاء الرب -سبحانه- فهو بدعة على الراجح، والخلاف فيه سائغ.

وأما الموضوع الثاني: فهو في البدع الإضافية، منها ما هو موضع اتفاق عند أهل السنة، وبعضها مختلف فيه، ومن هنا كان الكلام محتملاً وخطؤه في إطلاقه وليس في تبينه لموقف أهل البدع, وحتى كلام الشيخ حسن البنا -رحمه الله- في كتاب العقائد عن التفويض كلام محتمل رغم أن ظاهره تفويض المعنى، لكن قد ورد مثله عن بعض السلف قالوا: أمروها كما جاءت لا كيف ولا معنى، وتأول الكثير من العلماء هذا الكلام على نفى المعاني الباطلة مع أن ظاهره التفويض.

وقد نص الأستاذ حسن البنا في الأصول العشرية على ترجيح مذهب السلف إجلالا، ومن هنا قلنا: إن المنهج إذاً تمثله الأصول العشرية لم يتبين موقف أهل البدع، ولكن أجمل في مواطن، وأظن أن الإجمال مقصود في محاولة للتوسط بين أهل السنة وبين غيرهم من أهل البدع، ولكنه موقف غير مرضي، ولكنه يمنع عن إطلاق وصف الفرقة النارية على الجماعة ككل، بل من فسر الكلام بالبدعة كان من أهل البدع، ومن حملها على ما يوافق السنة كان من أهل السنة، وليس هذا من باب الامتناع من تبديع المعين مع الحكم بالبدعة على النوع؛ لأن هذا الحكم إنما يكون مع التصريح بالبدعة التي يلتزم بها جميع أفراد الفرقة، وأمَّا ما ذكرت من كلام الشيخ الألباني فصحيح؛ لأنه لا يصح أن تحكم على جماعة أنها من أهل السنة وهي ينتسب إليها أناس من أهل البدعة، ونحن قلنا إن منهم من هو من أهل السنة ومنهم من هو من أهل البدع.

وأما الموضوع الثالث: فهو يتعلق فيما شجر بين الصحابة من خلاف، فهو قد نص على السكوت عن ذلك، لكن دون أن ينص على إمامة الصديق والفاروق وعثمان، مع أنه لم يصرح قط في شيء من كتبه بخلاف ذلك، ولكن لابد من النص على إمامتهم وفضلهم؛ لئلا يظن أن السنة والشيعة يسعهم السكوت عن الفريق الآخر وتـُنسى قضية الإمامة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية