دروس من قصة نبي الله
نوح -عليه السلام- (خطبة مقترحة)
كتبه/ سعيد محمود
الحمد لله، والصلاة
والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمة الخطبة:
- نوح -عليه السلام- أول
رسول إلى البشرية؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في
حديث الشفاعة قال: (... فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُونَ
يَا نُوحُ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللَّهُ
عَبْدًا شَكُورًا) (متفق عليه).
1- حال الناس قبل بعثته:
- ظهور التوحيد عشرة
قرون؛ قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "وبين آدم ونوح عشرة قرون كلها على التوحيد".
- بداية الشرك في الأرض،
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في قوله -تعالى-: (وَقَالُوا
لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ
وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) (نوح:23)، قال: "هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح -عليه
السلام- فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا
يجلسون فيها أنصابًا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وانتسخ
العلم عبدت" (رواه البخاري).
- "درس"
التحذير من الغلو في الصالحين:
عن عائشة -رضي الله
عنها-: "أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً
رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِىِّ -صلى الله
عليه وسلم- فَقَالَ: (إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ
فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا،
وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ
اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (متفق عليه).
2- دعوته -عليه السلام-:
- حكمة إرسال الرسل؛ قال
الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ
رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (النحل:36).
- دعوته قومه إلى
التوحيد ونبذ الشرك: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى
قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ
إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (الأعراف:59)، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ
نَذِيرٌ مُبِينٌ) (هود:25).
- دعوتهم إلى توحيد
العبادة بتذكيرهم بمعاني ربوبية الله فيهم: (فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا . وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ
جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا . مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ
وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) (نوح:10-14).
3- تكذيب قومه له:
- التمسك بالشرك ورفض
التوحيد: (وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا
تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) (نوح:23).
- الاتهام بالبشرية
استكبارًا: (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ
قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلا بَشَرًا مِثْلَنَا) (هود:27).
- الاتهام بطلب الرياسة
والصدارة: (مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ
أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) (المؤمنون:24).
- الاتهام بالضلال
والجهل والجنون: (قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا
لَنَرَاكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الأعراف:60)، (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا
وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) (القمر:9).
- الاتهام بالتأثير على
الضعفاء والفقراء، والتحقير للأتباع: (وَمَا نَرَاكَ
اتَّبَعَكَ إِلا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ) (هود:27).
- "درس"
التهمة هنا مدح عظيم لأتباع نوح -عليه السلام-؛ فإنهم استجابوا على الفور ولم
يتباطأوا:
قال النبي -صلى الله
عليه وسلم-: (وما عرضتُ الإِسلام على أحد إِلا كانت له
كَبْوَة، إِلا أبو بكر، فإنه لم يَتَلَعْثَم فيّ) (رواه البيهقي في دلائل النبوة).
4- صبره -عليه السلام- واستمراره في الدعوة:
- دفاعه عن الدعوة
والرسالة: (قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ
وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ . أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي)
(الأعراف:61-62).
- تواضعه -عليه السلام-
في دعوتهم: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ
عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ
عَلَيْكُمْ) (هود:28).
- إظهار البراءة من طلب
الدنيا والطمعِ فيما عندهم: (وَيَا قَوْمِ لا
أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالا إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ) (هود:29).
- طول زمان دعوته وعظيم
جهده: (إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا)
(نوح:5)، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ
أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا) (العنكبوت:14).
- "درس": صبر
الداعي على الدعوة والتكذيب:
(وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا
كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا) (الأنعام:34).
5- الإصرار على الكفر من قومه، واللجوء إلى الله منه -عليه السلام-:
- الإعراض والاستكبار من
قومه: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ
جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا
وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا) (نوح:7).
- التهديد والتحدي: (قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ
الْمَرْجُومِينَ) (الشعراء:116).
- مظاهر الخاتمة السوء
ظاهرة عليهم: (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ
أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ
رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (هود:34).
- نوح -عليه السلام-
يتضرع إلى الله: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا
كَذَّبُونِ) (المؤمنون:26)، (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (الصافات:75)، (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ
الْكَافِرِينَ دَيَّارًا . إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا
يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا) (نوح:26-27).
- الدعوة المستجابة
والتبشير بالنجاة للمؤمنين: (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ
أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا
كَانُوا يَفْعَلُونَ) (هود:36)، (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي
مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ . فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ .
وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)
(القمر:10-12).
6- نزول العذاب:
- الأمر بصنع السفينة: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا
تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (هود:37).
- فجور القوم
واستهزاؤهم: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ
عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) (هود:38).
- الأمر بركوب السفينة:
(قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) (هود:40).
- نزول المطر وانفجار
العيون: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ
. وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) (القمر:11-12)، (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ) (هود:42)، (مِمَّا
خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا) (نوح:25).
- ابن نوح يكفر: (وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ
مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ) (هود:42).
- "درس":
القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء:
قال -تعالى-: (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي
مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56)، وقال النبي -صلى الله
عليه وسلم-: (وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ
بِهِ نَسَبُهُ) (رواه مسلم).
7- العاقبة للمؤمنين:
- قال الله -تعالى-: (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ
وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ)
(الأعراف:64)، وقال: (وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا
بِآيَاتِنَا) (يونس:73)، وقال: (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ
وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) (هود:48)، وقال: (فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً
لِلْعَالَمِينَ) (العنكبوت:15).
8 - الدرس العظيم:
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ .
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) (الحاقة:11-12)، (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ
تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ
لِلْمُتَّقِينَ) (هود:49).
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com