الاثنين، ٢٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٦ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

حكم الترتيب بين الأعضاء في الوضوء

حكم الترتيب بين الأعضاء في الوضوء
السبت ١١ يوليو ٢٠٠٩ - ٢١:٠٣ م
16

السؤال:

سمعت فضيلتكم في شرح صحيح مسلم، وفي شرح السنة للبغوي ترجحون عدم وجوب الترتيب في الوضوء، وأن المرء إذا استحم ولو من غير غسل جنابة وأفاض الماء على أعضاء الوضوء بأي صورة كانت بنية الوضوء كان متطهرًا، ويجوز له الصلاة بهذا الاستحمام، فأردت تحرير هذه المسألة من خلال النقاط الآتية:

1- قال المخالف: إن الله أمر بهذا وظاهر الأمر الوجوب، ولا يليق بنا أن نخالف ظاهر الأمر بلا قرينة ظاهرة، وادعاء أن الواو لا تقتضي الترتيب مع أنه لا يمتنع أن تأتي ويراد بها الترتيب؛ هل هذا يكون إلا تحكمًا محضًا؟

2- قال ابن قدامة -رحمه الله- في "المغني": "ولنا أن في الآية قرينة تدل على أنه أريد بها الترتيب؛ فإنه أدخل ممسوحًا بين مغسولين، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، والفائدة هاهنا الترتيب، فإن قيل: فائدته استحباب الترتيب. قلنا: الآية ما سيقت إلا لبيان الواجب؛ ولهذا لم يذكر فيها شيئًا من السنن". فصاحب "المغني" قد رد على مَن قال: إن الفائدة هي الاستحباب، فما هو جواب فضيلتكم؟

3- قال بعضهم إنه لا يجوز الاستدلال على عدم وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء بحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ -رضي الله عنه- قَالَ: "أُتِيَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ، ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا" (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، لأن أصلاً المضمضة والاستنشاق غير واجبتين، فهل هذا الكلام صحيح؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فالواو تقتضي مطلق الجمع، وليس ظاهرها الترتيب، والأصل براءة ذمة المكلف بأي جمع بيْن المأمورات وقد حصل ولو مع عدم الترتيب؛ فليس في ترك الترتيب مخالفة لظاهر الآية.

2- الفائدة في قطع النظير عن نظيره استحباب الترتيب، وهي سيقت لبيان الواجب في المغسولات والممسوح، ولا يلزم ألا تتضمن مستحبات من غير جهة الأمر؛ فالمقصود ذكر فائدة لقطع النظير عن نظيره، وإنما استفيد الوجوب من صيغة الأمر، والتفريق بين المغسولين بممسوح لم يأتِ بصيغة تدل على الترتيب، والاقتران بين واجب ومستحب متكرر في آيات قرآنية وأحاديث نبوية كثيرة، ودلالة الاقتران ضعيفة في التسوية في أحكام ما قرن بينهما في سياق واحد.

3- إذا قلنا بعدم وجوب المضمضة والاستنشاق كما هو مذهب الشافعي والجمهور، وهو الراجح عندي، فلا يكون في الحديث دليل على عدم وجوب الترتيب، ويبقى الاستدلال بالبراءة الأصلية؛ لأن الذي يقول بالوجوب هو الذي عليه أن يأتي بالدليل ولم يسلم له ما أتى به من دليل، وأما إذا قلنا بوجوب المضمضة والاستنشاق كما هو مذهب أحمد فيكون الحديث دليلاً على عدم وجوب الترتيب.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية