الثلاثاء، ٢٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٧ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

هل يجوز استخدام الكحول كوقود والانتفاع به فيما فيه إتلافه

هل يجوز استخدام الكحول كوقود والانتفاع به فيما فيه إتلافه
السبت ١١ يوليو ٢٠٠٩ - ٢١:٠٤ م
10

السؤال:

فضيلة الشيخ أعلم أنكم تقولون بنجاسة الخمر، وبناء عليه الكحول الإيثيلي باعتبار أنه المادة المسكرة، ولكن أشكل علي ما يلي:

1- هل يجوز شراء السبرتو واستخدامه كوقود للسبرتايه ونحوها؟ أم يجوز استخدامه في ذلك دون شرائه؟ وإذا أجزتم الانتفاع به في ذلك؛ لمَ تحرمون شراءه من أجل هذه المنفعة؟

2- أنكم تقولون بجواز استخدام الكحول فيما فيه إتلافه كحرقه، وبالتالي فقد وصل إلى فهمي أنكم تجيزون استخدامه كوقود تصنع عليه المشروبات ونحوه، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحًا أليس هذا معارضًا لما ذكرتموه من قوله تعالى: (فاجتنبوه) أنه أمر بالاجتناب مطلقًا، في حين أنه لو أتلفه بالحرق كوقود كان منتفعًا به في الحقيقة كما هو معلوم؟

3- لماذا نحمل قوله تعالى: (فاجتنبوه) على الاجتناب المطلق، ولا نقول كما قال العلامة ابن عثيمين وغيره بأن المحرم شربه فقط دون سائر الاستخدامات، خصوصًا وأن هذا هو ما يتبادر من الآية، والله أعلم؟

4- هل يحرم الانتفاع بكل ما كان نجسًا، أم هناك صور لهذا؟ وما هي؟ وهل مسألة عدم الانتفاع بالكحول مبنية على القول بنجاسته بمعنى أن من يقول من العلماء بطهارته يلزمه أن يجيز استخدامه ولا يحرم الانتفاع به واستخدامه في غير الشرب والتعاطي، أم ماذا؟

5- أليس قوله تعالى: (رجس من عمل الشيطان) دليل على النجاسة المعنوية لا الحسية؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فيجوز استخدام الكحول الإيثيلي "الخمر" كوقود، ولا يجوز بيعه لذلك، وكذلك شراؤه؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ)، فَقِيلَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؛ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُود،ُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟" فَقَالَ: (لا هُوَ حَرَامٌ) (متفق عليه)، والراجح أن الضمير يعود على البيع، فلما ذكروا له منفعة مباحة في شحوم الميتة ليتوصلوا بذلك إلى استثنائها من تحريم البيع؛ رد النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، وجزم بحرمة البيع ولو لمنفعة مباحة، ومن يُحرِّم المنفعة يقول بحرمة البيع كذلك، فكذلك الخمر من يجوِّز استعمالها كوقود -وهو الراجح- لا يجوِّز بيعها لذلك، والشراء والبيع حكمهما واحد.

2- حرق الخمر نوع اجتناب لها، وإذا تحولت إلى نار فقد استحالت، ولم تعد النار نجسة كشحوم الميتة التي يستصبح بها، وهذا الانتفاع مع الإتلاف لا دليل على تحريمه؛ لأن الضمير في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (هُوَ حَرَامٌ)؛ يعود على المقرر في أول الحديث المتكرر ذكره المسئول عنه وهو البيع.

3- نقول بأن ظاهر لفظ الاجتناب هو الاجتناب المطلق فيبقى اللفظ على إطلاقه حيث لا مقيد له، ثم وصفه بالرجس يقتضي عدم ملامسته كذلك فقد تأكد الحكم بالنجاسة من الوجهين، وإنما نجوَّز استخدامًا فيه تلف النجس من خمر أو ميتة أو تحولها.

4- مسألة الانتفاع غير مسألة البيع وغير مسألة النجاسة؛ فلا يلزم من الحكم بالنجاسة تحريم الانتفاع، ولا من الحكم بالطهارة جواز البيع؛ فالأصنام أحجارها طاهرة يجوز استعمالها بعد كسرها -بعد الكسر في البناء وغيره-، ولا يجوز بيعها طالما بقي وصف الأصنام قائمًا بها.

5- ظاهر كلمة الرجس النجاسة حسًّا ومعنى، تركنا معناها الحسي في الميسر والأنصاب والأزلام؛ للإجماع وغيره من الأدلة، وبقي الحكم في الخمر على ظاهره.

وجزاك الله خيرًا على هذه المناقشة العلمية.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية