الأحد، ٢٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

دروس من قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)

دروس من قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)
الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠٠٩ - ٢١:٣١ م
14

دروس من قصة نبي الله إبراهيم -عليه السلام- (2) (خطبة مقترحة)

مواصلة الدعوة، واتصال المحنة

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- مقدمة:

- حاجة الداعي إلى قوة القلب في مواجهة الظالمين والمحاربين للدعوة، أبرز ما يميز طريقة دعوة إبراهيم -عليه السلام-، قال الله -تعالى- عنه: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (الأنعام:81).

- كذلك ترسخت قوة القلب واليقين بضعف أهل الباطل في قلوب أتباع محمد -صلى الله عليه وسلم-.

قال ربعي بن عامر -رضي الله عنه- لما دخل على قائد الفرس، وقد سأله: "ما جاء بكم؟!"، قال: "إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه؛ لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله".

قالوا: "وما موعود الله؟".

قال: "الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي" البداية والنهاية.

2- محنة النمروذ:

قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:258) "شرح القصة من خلال التفسير".

- استعداد الداعي لمناظرة أهل الطغيان من مهام الدعوة: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ).

- قسوة قلوب الظالمين لا تهيب الدعاة المخلصين: (قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)، وقتل رجلاً وترك آخر.

- ضعف الباطل وهزيمته أمام الدعوة الصادقة الواضحة الطريق: (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ).

- هلاك الظالمين وهوانهم على الله؛ ذكر المفسرون: أن هلاك النمروذ كان بسبب ذبابة دخلت في منخره فجعلوا يضربونه على رأسه؛ لتخرج حتى أهلكه الله!!

3- قصة إحياء الطير ومنحة عين اليقين:

قال الله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:260) "شرح القصة من التفسير".

- ذكر المفسرون لسؤال إبراهيم -عليه السلام- أسبابًا منها؛ أنه لما قال النمروذ: (قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)، أحب أن يترقى من علم اليقين بذلك إلى عين اليقين.

- لو كان شاكًا لكنا نحن أحق به؛ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ) (متفق عليه).

- رؤية الآيات العظام زيادة ثبات لحجة النبي على قومه؛ قال الله -تعالى- في شأن موسى -عليه السلام-: (لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى) (طه:23)، وقال في شأن محمد -صلى الله عليه وسلم-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) (الإسراء:1)، وقال في شأن إبراهيم -عليه السلام-: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام:75).

4- هجرته -عليه السلام-:

- هاجر إبراهيم -عليه السلام- أكثر من مرة؛ إما خروجًا من أرض الكفر والتكذيب، أو نشرًا لدعوة الحق والنور؛ قال الله -تعالى-: (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (العنكبوت:26).

- الهجرة إلى بلاد الشام؛ قال -تعالى-: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:71).

- الهجرة سنة الأنبياء؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- في حديث بدء الوحي أن ورقة بن نوفل قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟؟ قَالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا... ) (رواه البخاري).

5- وقفات حول معنى الهجرة:

- ليست الهجرة للمؤمنين نزهة أو رحلة، ولكنها مغادرة للأهل والأوطان والأملاك، والتخلي عن ذلك لله -عز وجل-؛ قال الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (النحل:41)، وقال: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:110).

- صور مشرقة للهجرة في أتباع الأنبياء:

- هجرة أصحاب الكهف: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى . وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا... ) (الكهف:13-14).

- هجرة أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم-: "هجرة آل أبي سلمة - هجرة مصعب بن عمير - هجرة صهيب الرومي" راجع السيرة.

- الهجرة كانت وصفـًا استحق أصحابه أعلى المكانات عند الله -تعالى-؛ قال الله -تعالى-: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحشر:8).

- قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا) (متفق عليه)، فتبقى الهجرة إلى الله -تعالى- قائمة إلى قيام الساعة "هجرة من أماكن الكفر والفساد والمعصية - هجرة إلى الله بالقلب في كل وقت وحين".

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة