الأربعاء، ٢٣ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠١ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

عن الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ومالك بن نبي

عن الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ومالك بن نبي
الاثنين ٠٧ سبتمبر ٢٠٠٩ - ١٤:٣٢ م
10

السؤال:

تثار أقاويل كثيرة حول محمد عبده، وتلميذه رشيد رضا، وجمال الدين الأفغاني، والطهطاوي، وأخيرًا مالك بن نبي بين المدح والذم، ومن علماء كبار، فهل لك شيخنا أن تضعنا في الصورة بخصوص كل منهم؟ وماذا قدم سواء إيجابًا أو سلبًا؟ وكيفية التعامل معهم؟ ومع من يقدم بعضهم كنماذج؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

أولاً: فبالنسبة للأشخاص المسئول عنهم فإذا استحضرنا القواعد الشرعية في كون الشخص الواحد قد يجتمع فيه ولاء وبراء، ومن استصحاب العذر بالجهل والتأويل، ومن التثبت قبل الحكم؛ يمكن أن نخلص إلى النتائج التالية إجمالاً:

الطهطاوي: رمز من رموز التغريب، آثاره معروفة مشهورة، ولا يشفع له كونه أزهري الأصل، بل هذا مما يزيده عيبًا أن يسافر مع بعثة محمد علي إلى فرنسا كواعظ للبعثة ليحافظ لها على دينها، فيعود ليدعو إلى مدينة النور باريس، معجبًا بنمط الحياة الفرنسي جملة وتفصيلاً.

جمال الدين الأفغاني: توجد حوله كثير من علامات الاستفهام، لا سيما في جذوره الشيعية، ومن الباحثين من يتهمه بالعمالة الصريحة، ولكن الأقرب كونه صاحب دعوة حركت الماء الراكد كما يقولون على الرغم من إفراطها في العقلانية، وأما علاقته بالماسونية فأصول العقلانيين لا تمنع من الالتقاء مع مثل هذه المحافل -لخدمة الإسلام في ظنهم-؛ لا سيما مع عدم الوضوح الكامل لأغراض الماسونية في ذلك الوقت، بل كانت تبدو كجمعيات حقوق الإنسان في هذا الزمان، والذي ما زال كثير من العقلانيين يرون جدوى التعامل معها.

محمد عبده: تأثر بدعوة الأفغاني، إلا أنه أمثل منه بكثير من جهة اعتنائه بالعلوم الشرعية، وهو في العقيدة على مذهب الأشاعرة، وأما في الفقه فلا يخرج في الغالب عن الفقه السني، وإن كان مفرط في التعليل، ومتوسع فيما يدخله الاجتهاد، كانت له علاقة ببعض الجمعيات الماسونية، وكانت له علاقة بسفراء إنجلترا وفرنسا في مصر، وكل هذا يدخل عند العقلانيين في نطاق خدمة الدين كما أسلفنا، ويذكر لمحمد عبده أنه مهد الطريق للاطلاع على تراث ابن تيمية -رحمه الله-، وأنه وقف في وجه الدعاوى التي تعزو تخلف المسلمين إلى دينهم، بل بيَّن العكس، وإن كان في سبيل هذا البيان سلك السبيل الذي ما زال يتبعه الكثيرون عليه حتى الآن من ترقيع الإسلام، ومحاولة التلفيق بينه وبين الحضارة الغربية.

محمد رشيد رضا: هو التلميذ النجيب لمحمد عبده، ولكن ما إن آلت إليه قيادة المدرسة الفكرية لمحمد عبده حتى توجه بها توجها سلفيًّا واضحًا، وإن فاتته بعض المسائل التي بنى فيها مذهبه على أصول عقلانية لم يعد بحثها على الأصول السلفية، أو علق القول فيها على صحة الأحاديث رغم أنها معلومة الصحة، ككثير من جزئيات الإيمان باليوم الآخر.

يعزى لمحمد رشيد رضا الوقوف وراء نشر كتب ابن تيمية وابن القيم -رحمهما الله- بقوة، ومحاربة الصوفية، والوقوف في وجه التغريب.

ودعم الرافعي، ومحمود شاكر دعمًا كبيرًا في حربهما الفكرية ضد طه حسين.

مالك بن نبي: داعية جزائري عني بما عني به دعاة عصره -رشيد رضا، ومحمود شاكر- من محاولة تأصيل دعوة إلى الإسلام تقوم على الكتاب والسنة، وإن لم تخل هي الأخرى من شوائب عقلانية، وكانت له جهود طيبة في مجال إعجاز القرآن، وإعجاز التشريع الإسلامي، قدم الأستاذ محمود شاكر لكتاب مالك بن نبي: "الظاهرة القرآنية" بمقدمة حافلة تدل على تقديره للجهود العظيمة التي بذلها في هذا الباب في هذا الكتاب وغيره.

ومما ينبغي الإشارة إليه: أن الاستفادة من جوانب الحق عند كل هؤلاء لن يتسنى إلا لمن يملك قدرًا كافيًا من العلوم الشرعية.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية