الاثنين، ١٣ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

مسائل حول أقوال تنسب لشيخ الإسلام ابن تيمية

مسائل حول أقوال تنسب لشيخ الإسلام ابن تيمية
السبت ١٧ أكتوبر ٢٠٠٩ - ١٧:٣٨ م
12

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سماحة الشيخ المبارك.. قرأت لكم في موقعكم الموقر بعض الكلمات التي كانت في إجابة عن موقفنا من أهل العلم الذي وقعوا في بعض البدع أو التأويلات المخالفة لمنهج أهل السنة، ورأيت في هذه الفتوى الإلحاح على التسليم -ولو ظاهرًا- دون التنبيه أن شيخي الإسلام ابن قيم الجوزية وابن تيمية قد قالا بفناء النار، وبمخلوقات لا أول لها، والأعجب أن يقال: وانتصرا لها بعد ذكر المسألتين، ثم تكرر الأمر مرة أخرى بتعديلٍ عن سياقه الأول بأن فناء النار ردده شيخ الإسلام ابن قيم الجوزية في كتبه، وهذا مع ما فيه من النَّظَر إلا أنه صحيحٌ في جملته وأَمثل من القول الأول في صَدْرِ الفتوى، وأن شيخ الإسلام قال بحوادث لا أول لها على من يفسرها بمخلوقات لا أول لها.

أفلا كان من فضيلتكم التنبيهُ على أن هذا الأمر غير مُسَلَّمٍ نسبته إلى شيخ الإسلام، أعني فَهما وتدبرا لنصوصه التي تناول فيها تلك المسألة بالذكر؟ حتى لا يطال أهل البدع مقام الشيخين -رضي الله عنهما وليسا بالْمَعْصُومَيْنِ- بالسوء والطعن، عندما تَخرج الكلمة مِنْ دواة أحد رموزِ السلفية في مصر، مسلما بأن الشيخين انتصرا لهذين المسألتين، واعتنقَاها عقيدة؟!

ألم يكن من الواجب على سماحة الشيخ المبارك الجليل أن يرشد أبناءه من أمثالي في أثناء الإجابة أن هذا موطن بحث، ومحل جدل إثباتا ونَفيا وتأويلا؟

بدا الكلام كأنه أَمر مفروغ منه ضربةَ لازب، وهذا فيه ما فيه يا سماحة الشيخ المبارك.. رضي الله عنكم يا سيدنا وبارك فيكم وحفظكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فجزاكم الله خيرًا، وبارك فيك، أما مسألة: "حوادث لا أول لها" ففيها التفصيل في شرائط شرح المنة، وبيَّنا فيها أن كلام شيخ الإسلام ابن تيمية يحتمل أنه قصد بالحوادث التي لا أول لها أفعال الرب -عز وجل-، وهذا هو الصحيح؛ فإن الرب -سبحانه- لم يزل فعالاً لما يريد، ويحتمل أنه قصد مخلوقات لا أول لها، فهذا قول ضعيف، بل باطل؛ رغم أن كثيرًا من الأفاضل المعاصرين ينتصر له ويقرره، وهو مخالف للدليل الواضح من السنة في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ خَلْقَهُ اللَّهُ الْقَلَمَ) (رواه أبو نعيم في الحلية، والبيهقي، وصححه الألباني).

ومع ذلك فنحن نذكر ذلك من باب التأكيد على حرمة أهل العلم، وإن أخطأوا فليس لأهل البدع -إن شاء الله تعالى- مدخل في الطعن، فما من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وأما مسألة فناء النار: فأنا لا أشك أن الإمام ابن القيم -رحمه الله- قد انتصر لها في كتابيه "شفاء العليل"، و"حادي الأرواح"، وينقل في "شفاء العليل" أنه سأل شيخ الإسلام ابن تيمية عنها فقال: "هذه مسألة عظيمة" دون أن يصرح عنه بالنقل الصريح قوله بها، وإن كان قد ذكر في "الوابل الصيب" القول الآخر -قول أهل السنة- بعدم فنائها إلا أنه لم يحتج له، بخلاف فعله في "شفاء العليل"، و"حادي الأرواح"، وهما مؤلفان بعد موت شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول فيهما عنه: "قدس الله روحه"، وهي عرفـًا لا تقال إلا فيمن مات.

وحتى لو كان ابن القيم قد رجع عن هذا القول فالغرض المقصود حاصل من إثبات احتمال الخطأ على مقتضى الدليل، مع المحافظة على حرمة أهل العلم والاستغفار لهم والترحم عليهم، وعلى أي حال فالمسألتان بالفعل محل بحث ونظر في إثباتهما أو نفيهما عن الشيخين الجليلين كما نبهت، وجزاك الله خيرًا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية