الأربعاء، ١ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٠٨ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

حول الاستدلال بحديث الأقرع والأعمى والأبرص على جواز التمثيل الديني

حول الاستدلال بحديث الأقرع والأعمى والأبرص على جواز التمثيل الديني
الأربعاء ٠٣ مارس ٢٠١٠ - ١٩:٠٠ م
13

السؤال:

قال بعض العلماء المعاصرين بجواز التمثيل الديني مستدلاً على ذلك بحديث الثلاثة من بني إسرائيل الذين أراد الله أن يبتليهم، وفيه أن الملك قد تمثل لكل واحد منهم في صورته، فأتى الأقرع في صورته، والأبرص في صورته، والأعمى في صورته. فما صحة هذا القول؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فأرى أن هذا القول ليس بصحيح؛ لأن الملائكة تتمثل حقيقة، فهي تتشكل في صورة حقيقية لا تمثيلية، فالملائكة جعل الله لها القدرة على أن تتشكل في صور، وليست الصورة التي خُلقت عليها فقط، فهذا تكليف لهم بأمر من الله -تعالى-، وهم يفعلون ما يؤمرون.

ونحن لم يؤذن لنا أن نكذب، ولا أن نقول خلاف الحق، فالذي يمكن من هذا الحكاية، فيقول الحاكي مثلاً أن فلانـًا سينقل لنا أقوال فلان، ويتم الحوار على ذلك، وهذه صورة لتجنب الكذب، وحتى لا يمثل شخصٌ أنه جورج أو فرعون -مثلاً-، فلا يُتخيَّل أن يمثل أحدٌ دور فرعون ويتشبه به، ولكن يقول: إن فرعون قد قال كذا، فهذا -على الأقل- يكون حاجزًا نفسيًا حتى لا تصل إليه أمراض هذه الشخصية، وقد أثبتت دراسات علمية أن الذي يمثـِّل شخصية معينة يمكن أن تتسرب إليه بعض صفات تلك الشخصية، فهذا خطر عظيم أن نضيع شخصًا مسلمًا ونجعله يتشبه بفرعون فيقول: (أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى) مثلاً.

ثم لابد أن يكون الأمر قد وقع، وليس أي تمثيل ديني؛ لذلك أقول إن الأمور التاريخية التي قد وقعت، وهناك أقوال منقولة، ونقول أن فلانًا سينقل لنا قول فلان، وفلانًا سيحكي لنا قول فلان، ونتركهم ينقلون لنا الأقوال بعد ذلك بشرط أن يكون هذا قد وقع فعلاً؛ فهذا يجوز.

أما أن نخترع نحن قصة لم تقع، ونسمي أشخاصًا، ونقول بجواز ذلك؛ فأنا أرى أن هذا الأمر يُمنع منه ولو كان ذا أغراض صحيحة، فلابد أن نصل للأغراض الصحيحة بالوسائل الصحيحة.

الكلمات الدلالية