السبت، ٢٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٠٤ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

ما يحل في بيع التقسيط وما يحرم

ما يحل في بيع التقسيط وما يحرم
الأحد ٢٥ يوليو ٢٠١٠ - ١٧:٥٩ م
8

السؤال:

هل يجوز البيع بالتقسيط؟ وإن كان يجوز فما هي الطرق التي تجعله حلالاً ولا يوجد فيه شبهة حرام؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فبيع التقسيط جائز بالإجماع كما نقله غير واحد منهم الخطابي والبغوي وابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية بشرطه فقد سئل رحمه الله "عَنْ رَجُلٍ مُحْتَاجٍ إلَى تَاجِرٍ عِنْدَهُ قُمَاشٌ فَقَالَ: أَعْطِنِي هَذِهِ الْقِطْعَةَ فَقَالَ التَّاجِرُ مُشْتَرَاهَا بِثَلاثِينَ وَمَا أَبِيعُهَا إلا بِخَمْسِينَ إلَى أَجَلٍ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ؟ أَمْ لا؟"

فَأَجَابَ :

"الْمُشْتَرِي عَلَى ثَلاثَةِ أَنْوَاعٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ السِّلْعَةَ يَنْتَفِعُ بِهَا لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ التِّجَارَةَ فِيهَا فَهَذَانِ نَوْعَانِ جَائِزَانِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) وَقَالَ تَعَالَى: (إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) لَكِنْ لابُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُضْطَرًّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُبَاعَ إلا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ مِثْلَ أَنْ يُضْطَرَّ الإِنْسَانُ إلَى مُشْتَرَى طَعَامٍ لَا يَجِدُهُ إلا عِنْدَ شَخْصٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَهُ إيَّاهُ بِالْقِيمَةِ قِيمَةِ الْمِثْلِ. وَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ إلا بِأَكْثَرَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِقِيمَةِ الْمِثْلِ وَإِذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلا قِيمَةُ الْمِثْلِ وَإِذَا بَاعَهُ إيَّاهُ بِالْقِيمَةِ إلَى ذَلِكَ الأَجَلِ فَإِنَّ الأَجَلَ يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي إنَّمَا يُرِيدُ بِهِ دَرَاهِمَ مَثَلا لِيُوَفِّيَ بِهَا دَيْنًا وَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا فَيَتَّفِقَانِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَثَلا الْمِائَةَ بِمِائَةِ وَعِشْرِينَ إلَى أَجَلٍ فَهَذَا كُلُّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُعِيدَ السِّلْعَةَ إلَيْهِ؛ فَهُوَ (بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ). وَإِنْ أَدْخَلا ثَالِثًا يَشْتَرِي مِنْهُ السِّلْعَةَ ثُمَّ تُعَادُ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ بَاعَهُ وَأَقْرَضَهُ فَكَذَلِكَ وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَأْخُذُ السِّلْعَةَ فَيَبِيعُهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يَشْتَرِيهَا بِمِائَةِ وَيَبِيعُهَا بِسَبْعِينَ لأَجْلِ الْحَاجَةِ إلَى دَرَاهِمَ. فَهَذِهِ تُسَمَّى: "مَسْأَلَةُ التَّوَرُّقِ" وَفِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالأَقْوَى أَيْضًا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَأَنَّهَا أَصْلُ الرِّبَا كَمَا قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَغَيْرُهُ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ." (مجموع الفتاوى29/498-500).

وقد اشترى النبي -صلى الله عليه وسلم- طعامًا نسيئة -أن يسدد الثمن بالتقسيط أو بعد مدة-، ورَهن درعه؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِير" (متفق عليه)، حتى لو كان في التقسيط زيادة عن الثمن الفوري، وإنما المحرم في ذلك غرامة التأخير، أي: زيادة القسط إذا تأخر عن السداد؛ فهذا ربا.

وكذا دخول وسيط ثالث يدفع الثمن نقدًا، ثم يتولى هو تحصيل الأقساط؛ لأن هذا الثمن الذي دفع نقدًا قد صار قرضًا لمشتري السلعة يُسدد بالزيادة أو شراء للدين من البائع بزيادة عنه، وكلاهما محرم، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الذهب والفضة -ومثلهما النقود-: (مِثْلا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى، الآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ) (رواه مسلم)، وقال: (وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) (متفق عليه).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية