الثلاثاء، ٢٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٣٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

شبهة وجوابها حول قول النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موته: (ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ)

شبهة وجوابها حول قول النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موته: (ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ)
الأربعاء ٢٢ سبتمبر ٢٠١٠ - ١٨:٠٣ م
14

السؤال:

ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ائْتُونِي بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ)، قَالَ عُمَرُ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- غَلَبَهُ الْوَجَعُ، وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا"، فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: (قُومُوا عَنِّي، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ)، فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَبَيْنَ كِتَابِهِ" (متفق عليه)، وقد سمعت أحد العلماء يهاجم موقف عمر -رضي الله عنه- برفض أن يكتب النبي -صلى الله عليه وسلم- الكتاب.

فهل عمر أعلم من النبي -صلى الله عليه وسلم- بما فيه الخير لأمته؟!

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذا إياك أن تسميه أو تقول عنه عالمًا؛ فالذي يهاجم عمر -رضي الله عنه- شيعي خبيث، مبتدع ضال، وعمر -رضي الله عنه- متفق على فضيلته، وأنه اجتهد وراجع، وكان آخر الأمرين من الرسول -صلى الله عليه وسلم- موافقة عمر، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ)، وفي رواية في الصحيحين: "فَتَنَازَعُوا وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيِّ تَنَازُعٌ"، فإنما أراد عمر -رضي الله عنه- أن المنافقين ربما حاولوا أن يطعنوا في أمر الكتاب لأجل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان في مرض موته، وربما نسبوا إليه ما لم يقله، أو يحاول البعض أن يقول: "لم يُتبيَّن من كلامه"؛ لأن المريض في مرض الموت ربما يتكلم بكلام قد لا يفهمه السامع، ويظن أنه قال كلمة غير الكلمة التي قال، فربما طعن بعض الناس في الكتاب، ولذلك قال عمر -رضي الله عنه-: "عِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا"، ونعم صدق -رضي الله عنه-، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ).

وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: (ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ وَأَخَاكِ حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ) (رواه مسلم)، فأخبر -صلى الله عليه وسلم- عن عزمه أن يكتب كتابًا حتى لا يتمنى متمنٍ، فكان -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يكتب لأبي بكر كتابًا لكي يكون هو الخليفة؛ فلما اختلفوا عليه وخشي مما خشي منه عمر من أن يقال: "هَجَر"، أي أن يقال: كلامه غير مفهوم، ليس أنه "خرَّف" -والعياذ بالله-، ولكن المريض يتكلم أحيانـًا بكلام قد لا يفهمه السامع له؛ لأنه فيه نوع من الثقل عليه، فالبعض يقول: هل قال كذا أو كذا أم كلمة أخرى؟ فربما تدسس المنافقون من خلال هذا.

ثم كتاب الله فيه الشورى، كتاب الله فيه: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى:38)، وكتاب الله فيه فضيلة أبي بكر -رضي الله عنه-؛ قال الله -تعالى-: (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة:40).

ففضائل أبي بكر في الكتاب سوف تجعل الأمة تتفق عليه، ولذا قال: (وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلاَّ أَبَا بَكْرٍ)، فترك النبي -صلى الله عليه وسلم- الكتاب.

وابن عباس -رضي الله عنهما- كان يرى أنهم لو كتبوا الكتاب لزال الخلاف، وقال: "إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَبَيْنَ كِتَابِهِ"، والحقيقة أن هذا اجتهاد ابن عباس -رضي الله عنهما-، وإلا فالحقيقة أننا لسنا بحاجة إلى كتاب؛ لأن الشيعة يقولون: "إن هناك كتابًا لعلي"، فلو كان النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب كتابًا لأبي بكر -رضي الله عنه- فكانوا سيقولون: "هذا كتاب مكذوب، الصحابة غيروا، لم يسمعوا جيدًا، كان كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- غير واضح، كان في مرض الموت... إلخ".

فكان أحسن ما تم هو أن الأمر كان شورى بين المسلمين، ووقع -بحمد الله- ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن الذي اختاره المسلمون هو ما كان يريده هو -عليه الصلاة والسلام-، وهو الذي قدره الله -عز وجل- وشرعه أن يُختار أفضل الأمة الذي اختاره النبي -صلى الله عليه وسلم- لدينهم حين أمَّره أن يصلي بالناس في مرض موته -عليه الصلاة والسلام-، وعلي -رضي الله عنه- بجواره ولم يقل مرة واحدة: "مروا عليًا فليصلِ بالناس"، فهذه إشارة قوية جدًا إلى تقديم أبي بكر -رضي الله عنه-.

هذا بالإضافة إلى تقرير أن الأمر شورى في الأمة، وليست وراثة، ولا حتى تولية للعهد، وإن كانت تولية العهد جائزة، لكن الأكمل منها حال النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث تركها شورى؛ لأجل أن تقرر الأمة مبدأ الشورى في اختيار الإمام، وأن يكون الإمام مختارًا من أهل الحل والعقد بالمشاورة بين المسلمين، فكان فيها مصالح عظيمة، ولذلك نقول: إن هذا الكتاب الذي أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكتبه قد انتهى آخر الأمرين منه -عليه الصلاة والسلام- إلى تركه.

ولو كان واجبًا أتراه كان يترك أن يبلغ ما أمر الله به؟ أو أن يكتم ما أمر بتبليغه؟!

الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي جاهد كل هذا الجهاد في قوم يكذبونه ويشركون بالله ويشتمونه، ويدمون وجهه الشريف -عليه الصلاة والسلام-، وما ترك أن يبلغ شيئًا ولا كتم شيئًا، أفتراه مع انتصاره وتعظيم أصحابه له ووجود أهله معه يكتم ما أمره الله به؟! أيتصور ذلك؟! أيتصور أن يكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- خاف من أصحابه؟! سبحان الله!

فعقيدة الشيعة فاسدة؛ يتهمون النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه كتم ما أُمر به، فكان سيكتب كتابًا ثم يلغي ما أمره الله به وكتم ذلك، والصحابة كتموه! نعوذ بالله من ذلك.

وإياك والقنوات الفضائية التي فيها من أنواع الضلالات ما فيها، خصوصًا تلك التي يمولها الشيعة، وكثير من شيوخ السوء في القنوات الفضائية يروجون لفكر الشيعة وينتسبون إلى السنة فضلاً عن قنواتهم: كـ"المنار"، وهم لا علماء ولا غيره؛ بل هم أعداء للدين في الحقيقة

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية