الأربعاء، ١ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٠٨ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

مسائل في رؤية الهلال بأوكرانيا

مسائل في رؤية الهلال بأوكرانيا
الاثنين ٢٩ أغسطس ٢٠١١ - ١٤:٤٦ م
8

السؤال:

نحن مسلمو شبه جزيرة القرم الواقعة في جنوب أوكرانيا، نتوجه إليكم ببعض الأسئلة المتعلقة ببداية شهر رمضان ونهايته، ولكن نريد في البداية أن نوضح لكم حالنا باختصار.. أوكرانيا لا يوجد بها مركز إسلامي واحد معتبر لمسلمي أهل السنة، وفي أوكرانيا أربع مؤسسات يسمونها: "دار الإفتاء" أولى هذه المؤسسات يسيطر عليها الأحباش، والثانية والثالثة تقعان في مدينتي دونتسق وكييف (وهاتان المنطقتان يمثل المسلمون فيهما أقلية شديدة، وتفتقران جدًا إلى العلم الشرعي والمساجد)، ولا عبرة بهاتين المؤسستين، فكأنهما غير موجودتين.

أما المؤسسة الرابعة فتقع عندنا في شبه جزيرة القرم، وللعلم فإن القرم هي في الأصل أرض إسلامية منذ زمان الدولة العثمانية، ولكن بسبب الاحتلال والهجرة وذوبان المسلمين في الثقافات الأخرى صار المسلمون أقلية في بلادهم، فإنهم يمثلون الآن حوالي 13% من سكان القرم، ومع كل هذا فإنه وللأسف الشديد ينتشر الجهل وتشيع المعاصي، وتُهمل الواجبات بين معظم المسلمين هناك حتى صاروا مسلمين بالاسم فقط.

وبين مَن يلتزم بالصلاة انتشار الفرق والجماعات المختلفة: كالأحباش، والصوفية، والإخوان المسلمين، وحزب التحرير؛ إضافة إلى وجود التكفيريين، أما فيما يتعلق بمسألة بداية شهر رمضان ونهايته نجد بعض هذه الفرق كحزب التحرير لا تعتمد على دار الإفتاء الرسمية وحساباتها الفلكية.

أما السلفيون: فإنهم مع قلة عددهم قد اختلفوا في هذه المسألة، فبعضهم يدعون إلى الاعتماد على قول دار الإفتاء الرسمية رغم أنها لا تعتمد على الرؤية، بل على الحسابات الفلكية، إضافة إلى كونها صوفية وعصبية فحتى لو أن القائمين عليها تركوا الحسابات الفلكية وقرروا الاعتماد على الرؤية البصرية فإننا لا تثق في عملهم وصلاح دينهم، فلا ندري: هل هم على علم بضوابط الرؤية أم لا؟ وكذلك لا نثق بشهادتهم بسبب الضلالات والفسوق المنتشر بينهم. أما البعض الآخر من السلفيين؛ فيرون متابعة المؤسسات الإسلامية المعتبرة خارج أوكرانيا.

وهكذا كما ترون فإنه ليس في أوكرانيا مؤسسة معتبرة لأهل السنة ترتب أمورهم وتفتيهم في أمور دينهم.

وأما الذي دفعنا إلى الكتابة إليكم يا فضيلة الشيخ فهو ما حدث هذه السنة (وكذلك حدث قبل ذلك في سنوات ماضية) فلقد أعلنت دار الإفتاء لمسلمي القرم عن موعد بداية شهر رمضان ونهايته قبل مجيء الشهر بمدة؛ اعتمادًا على الحسابات الفلكية من تركيا التي لا تعتمد على الرؤية، وأعلنوا أن رمضان سيكون 29 يومًا، وحدَّدوا بذلك يوم العيد فلما دخل اليوم الثلاثون من رمضان أفطروا وأعلنوا العيد، ولكن في الدول التي تعتمد على الرؤية أعُلن أن ذلك اليوم هو المتمم لشهر رمضان وليس يوم العيد، فصار مسلمو القرم -وغيرهم- في حيرة.. هل يتبعون دار الإفتاء الرسمية رغم أخطائهم أم يُعتمد على قول المؤسسات الإسلامية المعتبرة خارج أوكرانيا؟

وهذا الموقف يحدث كثيرًا مع الأسف الشديد، وفي السنوات الماضية سبّب اختلافات ومنازعات بين المسلمين؛ ولذلك نريد أن نسال فضيلتكم الأسئلة الآتية:

1- هل يصح الصيام طبقًا للحسابات الفلكية بغير الاعتماد على الرؤية؟

2- هل يجوز لمسلمي القرم في المسائل المتعلقة ببداية شهر رمضان ونهايته اتباع المؤسسات الإسلامية المعتبرة خارج أوكرانيا: كالسعودية مثلاً، لا سيما وأنه ليس هناك فروق في التوقيت بين المملكة وأوكرانيا؟

3- هل يجب قضاء الصوم لمن أفطر اليوم الأخير من رمضان مع عدم الرؤية ظنًا أنه يصوم ويفطر مع أهل البلد، وترك أهمية الرؤية البصرية؟

4- ماذا نفعل في حال لمّا أعلنت دار الإفتاء الرسمية بداية شهر رمضان ونهايته طبقًا للحسابات الفلكية، وكان ذلك مختلفًا مع ما أثبتته الرؤية؟ هل يجب علينا حينئذ أن نبين للناس أن هذا خطأ، ومِن ثمَّ نخبرهم بالأيام الصحيحة الموافقة للرؤية؟ هل يجب ذلك؟ وهل يجوز مع العلم بأن هذا ربما يؤدي إلى حدوث فتنة، والاتهام بما يسمونه: "الوهابية"، وغير ذلك.. إضافة إلى الضغط من الحكومة؟ أم أن علينا أن نخفي صومنا أو فطرنا؛ منعًا من حدوث الفتنة؟ وكذلك هل يجب أن نخرج إلى صلاة العيد، مع علمنا بأن هذا اليوم هو مِن أيام رمضان؟ وهل يجوز لإمام المسجد الذي يُتابع المؤسسات الإسلامية المعتمدة على الرؤية من خارج أوكرانيا، هل يجوز له أداء صلاة العيد في اليوم الذي تحدَّد وفقا للرؤية البصرية مع مخالفته لليوم الذي حددته المؤسسات الرسمية في أوكرانيا؟ وهل يجب ذلك؟

حفظكم الله للإسلام والمسلمين وجزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فلا يصح الصوم والفطر اعتمادًا على الحسابات الفلكية دون الرؤية، وإنما يمكن أن يكون الحساب الفلكي للاستئناس به على صدق الشهود.

2- الصحيح أن لكل أهل بلد رؤيتهم، وبالتالي فأنصحكم أن تقوم المؤسسة الرابعة في شبه جزيرة القرم بتولي الأمر باستطلاع الهلال، والاستئناس بالحسابات، وهي جيدة في النفي لا في الإثبات؛ أعني أنه يُراعى التدقيق في شهادة الشهود الذين أثبت الحساب خطأ رؤيتهم، لكن لا يمكن الاعتماد على الحساب في إثبات دخول الشهر دون رؤية؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلاثِينَ يَوْمًا) (رواه البخاري ومسلم واللفظ له)، وبالتدرج سوف يعتمد المسلمون على قرارات هذه المؤسسة.

3- في مسألة وجوب القضاء لمن أفطر بناء على الحساب دون رؤية؛ لأن أهل البلد قد أفطروا خلاف بين أهل العلم، والذي أراه: لزوم القضاء في هذه الحالة، وليس في كل حالة.

4- إذا كانت ستقع فتنة بسبب مخالفة أهل البلد وضرر معتبر؛ جاز لكم كتمان صومكم وفطركم، وتخرجون إلى العيد مع الناس، ولكن أنتم ذكرتم في السؤال أن المسلمين أقلية أصلاً ومختلفون، فإذا كان اختلافهم لا يحصل بسببه اجتماع عامتهم على أمر واحد، فالذي قلت من أنكم تعلنون الصوم والفطر على الراجح الصحيح هو الواجب؛ وإلا جاز لكم إخفاء ذلك.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية