السبت، ١٩ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٧ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الإخلاص (2)

الإخلاص (2)
الأربعاء ٢٨ فبراير ٢٠٢٤ - ٠٩:٠٢ ص
42

الإخلاص (2)

كتبه/ طلعت مرزوق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فنستكمل في هذا المقال حديثنا عن الإخلاص.

مِن فضائل الإخلاص:

- النجاة مِن إغواء الشيطان: قال الله -تعالى-: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (ص 82، 83)، وقال: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف: 24)، (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا) (مريم: 51). وقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بخُلفٍ عنه (الْمُخْلَصِينَ) بكسر اللام مع ترك هاء السكت، وباقي الرواة بفتح اللام مع ترك هاء السكت. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر. (مُخْلَصًا) بفتح اللام، وباقي القراء بكسرها.

- طهارة القلب مِن الغل، فعن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌ثَلَاثٌ ‌لَا ‌يغل ‌عليهن ‌قلب ‌امرئ ‌مُسْلِمٍ: ‌إِخْلَاصُ ‌الْعَمَلِ ‌لله وَالنُّصْحُ لأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تَحُوطُ مَنْ وَرَاءَهُمْ) (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

- نصر الأمة، فعن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (‌إِنَّمَا ‌يَنْصُرُ ‌اللهُ ‌هَذِهِ ‌الْأُمَّةَ ‌بِضَعِيفِهَا ‌بِدَعْوَتِهِمْ، ‌وَصَلَاتِهِمْ، ‌وَإِخْلَاصِهِمْ) (رواه النسائي، وصححه الألباني، وهو في البخاري وغيره دون ذكر الإخلاص).

- تفريج الكروب، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: (انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ حتَّى أوَوُا المَبِيتَ إلى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عليهمُ الغَارَ، فَقالوا: إنَّه لا يُنْجِيكُمْ مِن هذِه الصَّخْرَةِ إلَّا أنْ تَدْعُوا اللَّهَ بصَالِحِ أعْمَالِكُمْ، فَقالَ رَجُلٌ منهمْ: اللَّهُمَّ كانَ لي أبَوَانِ شَيخَانِ كَبِيرَانِ، وكُنْتُ لا أَغْبِقُ قَبْلَهُما أهْلًا ولَا مَالًا، فَنَأَى بي في طَلَبِ شَيءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عليهما حتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لهما غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُما نَائِمَيْنِ وكَرِهْتُ أنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُما أهْلًا أوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ والقَدَحُ علَى يَدَيَّ، أنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُما حتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا ما نَحْنُ فيه مِن هذِه الصَّخْرَةِ. فَانْفَرَجَتْ شيئًا لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ. قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ كَانَتْ لي بنْتُ عَمٍّ، كَانَتْ أحَبَّ النَّاسِ إلَيَّ، فأرَدْتُهَا عن نَفْسِهَا، فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حتَّى ألَمَّتْ بهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي، فأعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ ومِئَةَ دِينَارٍ علَى أنْ تُخَلِّيَ بَيْنِي وبيْنَ نَفْسِهَا، فَفَعَلَتْ، حتَّى إذَا قَدَرْتُ عَلَيْهَا، قالَتْ: لا أُحِلُّ لكَ أنْ تَفُضَّ الخَاتَمَ إلَّا بحَقِّهِ، فَتَحَرَّجْتُ مِنَ الوُقُوعِ عَلَيْهَا، فَانْصَرَفْتُ عَنْهَا وهي أحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، وتَرَكْتُ الذَّهَبَ الَّذي أعْطَيْتُهَا، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا ما نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، غيرَ أنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ الخُرُوجَ منها. قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وقالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إنِّي اسْتَأْجَرْتُ أُجَرَاءَ، فأعْطَيْتُهُمْ أجْرَهُمْ غيرَ رَجُلٍ واحِدٍ تَرَكَ الَّذي له وذَهَبَ، فَثَمَّرْتُ أجْرَهُ حتَّى كَثُرَتْ منه الأمْوَالُ، فَجَاءَنِي بَعْدَ حِينٍ فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، أدِّ إلَيَّ أجْرِي، فَقُلتُ له: كُلُّ ما تَرَى مِن أجْرِكَ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ والرَّقِيقِ، فَقالَ: يا عَبْدَ اللَّهِ، لا تَسْتَهْزِئُ بي! فَقُلتُ: إنِّي لا أسْتَهْزِئُ بكَ، فأخَذَهُ كُلَّهُ، فَاسْتَاقَهُ، فَلَمْ يَتْرُكْ منه شيئًا، اللَّهُمَّ فإنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وجْهِكَ، فَافْرُجْ عَنَّا ما نَحْنُ فِيهِ. فَانْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ) (متفق عليه).

- شفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قلتُ يا رسولَ اللَّهِ من أسعدُ النَّاسِ بشفاعتِك يومَ القيامةِ؟ فقال النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: (‌لَقَدْ ‌ظَنَنْتُ ‌يَا ‌أَبَا ‌هُرَيْرَةَ ‌أَنْ ‌لَا ‌يَسْأَلَُنِي ‌عَنْ ‌هَذَا ‌الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ؛ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ) (رواه البخاري).

- الفوز بنعيم الجنة، قال الله -تعالى-: (إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ . أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ . فَوَاكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (الصافات: 40-43).

اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة