الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

خواطر حول برلمان الثورة*

متى يؤمن النواب جميعهم بأن العبرة بالثراء الفكري لا الصوتي؟!

خواطر حول برلمان الثورة*
عبد المنعم الشحات
الأحد ٢٩ يناير ٢٠١٢ - ١٦:٥٨ م
3542

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

1- فهناك مَن يُقال له: "أتعبت مَن جاء بعدك"، ولكن الحزب الوطني يقال له: "أرحت مَن جاء بعدك!"، ومع هذا فلا ينبغي أن يركن الأعضاء إلى هذه المقارنة -التي ستكون جزمًا في صالحهم-؛ لأن المقارنة مع آمال الشعب ستكون دائمًا مرهقة لهم.

2- الأستاذ ممدوح إسماعيل والأعضاء الذين أضافوا قيد: "ما لم يخالف شرع الله" أخذوا بالعزيمة، ومَن سكت أخذ بالرخصة استنادًا إلى أن الدستور ينص على مرجعية الشريعة، ولكن يبقى الإشكال في القانون الذي يخالف الشريعة.

وسر المسألة: أن معظم القوانين قد تم سنَّها قبل إضافة مرجعية الشريعة إلى الدستور، وقضت المحكمة الدستورية العليا ببقاء الأمر على ما هو عليه حتى يتم تعديلها صراحة من المجلس التشريعي -"الهمة يا رجالة"-.

3- علق بعض الظرفاء على هذا القيد بنحت عبارات تهكمية تقول: "سوف أفعل كذا -من المباحات- ما لم يخالف الشريعة"، وهم لا يدركون أو يدركون ويتعامون عن أن المباح غير مخالف للشريعة الإسلامية، فليس هناك حاجة إلى الاستثناء؛ بخلاف الحلف على احترام القانون، وفيه ما هو موافق للشريعة وما هو مخالف لها، فجاز الاستثناء عقلاً ولغة، ووجب شرعًا والتزامًا مِن النائب تجاه الناخب الذي انتخبه؛ لأنه يدعو لتطبيق الشريعة.

4- أزمة الدقائق الخمس التي طالب بها الأستاذ "عصام سلطان"؛ لكي يعرِّف كل مرشح للرئاسة نفسه، تدل على أن البعض يستعمل "الثبات" حيث يجب أن يستعمل "المرونة"، والعكس!

5- كثرة طلب الكلمة تحت مسمى: "لائحة" سلوك سياسي يحطم مِن رصيد صاحبه -فيما أرى-.

6- قلبي مع الدكتور "سعد الدين الكتاتني" وهو يتلقى رسائل ضمنية بأنه ليس رجل قانون مع أن خبراء القانون لم يشترطوا فيمن يتولى رئاسة المجلس التشريعي أن يكون رجل قانون، فقط المطلوب أن يملك القدرة على فهم اللوائح -وهذا أظنه في غاية اليسر-، ثم القدرة على تطبيقها بحيادية، وهذا أمر عظيم، ولكنه يسير على مَن يسره الله عليه.

7- المثل الشعبي القائل: "ملقوش في الورد عيب قالوا: يا أحمر الخدين!" ينطبق على "الموقع الإلكتروني" المثير للجدل الذي التقط صُور نواب إسلاميين، وهم يأخذون فترة الراحة في مقاعدهم زاعمًا أن عادة النوم لم تغب عن المجلس، وكذلك صور أحد النواب وهو يستثمر الوقت في قراءة القرآن؛ وكأنه قد جبن عن التعليق عليها!

8- متى يؤمن النواب جميعهم بأن العبرة بالثراء الفكري لا الصوتي؟! سؤال أظن أن العديد مِن المراقبين يود أن يسأله.

"
متى يؤمن النواب جميعهم بأن العبرة بالثراء الفكري لا الصوتي؟!
"

 

 

9- ظاهرة تكرار النائب لما قاله مَن سبقه في الحديث لا تناسب برلمانًا تنتظره موضوعات جسام كـ"برلمان الثورة".

10- أعجبني طرح الدكتور "عمرو حمزاوي" حول قضية ضحايا الثورة، وحرصه على وضع تصور قانوني واضح لكل اقتراح اقترحه، وإن كان لم يفته أن ينتقد غياب أهالي الشهداء عن الجلسة الافتتاحية وهو نقد غير موضوعي من وجهة نظري؛ لأنه إن كان يوجهه إلى رئيس المجلس فهو لم يصبح رئيسًا إلا قبيل انتهاء اليوم الأول، وإن كان إلى الأعضاء؛ فهو عضو منهم، وكان بوسعه أن يسعى إلى ذلك لو كانت له آلية صحيحة.

ملاحظة: "لا علاقة لهذه الشهادة مِن قريب أو بعيد بإعلان الدكتور "عمرو حمزاوي" أنه سيصوِّت بـ"لا"، وبلا تردد لكل قانون يخالف الشريعة الإسلامية، وأنه سيصوِّت بـ"نعم" لو عرض قانون "حجب المواقع الإباحية" بما أسماه بعض الشباب الليبرالي على النت بـ"استتابة عمرو حمزاوي". وقد سبق له أن أعلن ما هو أوضح من ذلك في مناظرته معي، وما زلت أتمنى من كل قلبي أن يكون هذا الكلام صحيحًا بنسبة مائة بالمائة، ومع هذا؛ فهذه أول شهادة مجردة على أول طلب يقدمه د. عمرو حمزاوي لمجلس الشعب".

11- سألتني محررة إحدى الصحف القومية عن تعليق على الدورة التي نظَّمها "حزب النور" لنوابه قبيل انعقاد البرلمان فاعتذرت بأن كلامي عن "حزب النور" الذي أؤيده، وترشحت باسمه قد يعتبر من باب: "مين يشهد للعروسة".

فلما أصرت؛ قلتُ: "إن هذا يشهد للحزب أنه منفتح على العلم التقني منه والإنساني، وأن الأداء البرلماني الذي يعتمد فيه كثير من النواب على مهارته الشخصية نشاط إنساني، وشأنه كشأن غيره من هذه الأنشطة لم يستطع الأكاديميون أن يلخصوا خبرات الآخرين، وأن يقدموها لمن يقدم على التجربة بحيث يبدأ مِن حيث انتهى الآخرون".

كان هذا ما قلتُه، والآن وبعد أن مضى اليومان الأولان أقول: قد ظهر هذا جليًّا في الأداء المتوازن للحزب الذي خلا مِن العنتريات والشطحات والمزايدات، واتسم بالموضوعية، والتعاون، والانفتاح على الجميع دون فقد الذات -"ومرة أخرى: مين يشهد للعروسة"-.

وأخيرًا: أسأل الله العلي القدير أن يعين نواب البرلمان على أداء رسالتهم، والمضي قدمًا في سبيل نصرة أمتهم، وأن يستعملهم فيما يحقق صلاح البلاد والعباد، وأن يجعلهم أئمة يهدون بشرعه، ويقضون حوائج عباده... اللهم آمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

* نشرت بجريدة "الفتح" بتاريخ الجمعة 4 ربيع الأول 1433هـ - 27 يناير 2012م.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com