أعلى هداية وأرقاها هداية
القرآن
قال الله تعالى : ( إِنَّ هَذَا
الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) [الإسراء : 9 ] ، القرآن يهدى إلى أقوم
العقائد ، والأخلاق ، والأقوال ، والأعمال .
فالقرآن كلام الله عز
وجل ، وكما يقولون : كلام الملوك ، ملوك الكلام .
القرآن شفاء لما يصيب
القلب من أمراض الشبهات والشهوات ، قال الله عز وجل :
(وَنُنَزِّلُ
مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا ) [الإسراء : 82 ] .
فمهما اقترب العبد من
القرآن ، بكثرة التلاوة ، والقيام به ، ومدارسته ، ارتقت أحواله ، وزكت أعماله ،
وصحت عقائده ، وحسنت أخلاقه
وذلك لاشتمال القرآن
على العقائد الصحيحة ، والأخلاق النبيلة ، والقصص القرآنى الذى يرتفع بمستوى الأمة
الإيمانى ، والأخلاقى ، ويغرس فيهم الفضائل وكذا اشتماله على الترغيب فى الخير
والترهيب من الشر ، والمؤمن إذا رُغَّبَ فى الخير رَغِبَ ، وإذا خُوَّفَ من الشر
هرب ، ولا خير فيمن إذا زُجِرَ لا ينزجر ، وإذا أمر لا يأتمر ، وكذا يشتمل على
صفات المؤمنين والمتقين وأن العاقبة لهم فى الدنيا ، ويوم يقوم الناس لِرب
العالمين ، وما أعد الله عز وجل لأوليائه فى الجنة من الخير العميم ، والرزق
الكريم ، وما أعد لأعدائه من الجحيم ، والعذاب الأليم .
قال عثمان رضى الله
عنه : لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم .
وقال عبد
الله بن مسعود رضى الله عنه : من أراد أن يعرف أنه يحب الله ، فليعرض
نفسه على القرآن فإن أحب القرآن فإنه يحب الله فإن القرآن كلام الله . وقد كان
يقبل المصحف ويقول : كلام ربى كلام ربى .
وقال خباب
بن الأرت رضى الله عنه لرجل : تقرب
الى الله ما استطعت ، واعلم انك لم تتقرب اليه بشىء أحبَّ إليه من كلامه . فينبغى
على من نصح نفسه ، وأحب نجاتها ، وآثر سعادتها ، أن لا يغفل عن القرآن ، وأن يداوم
على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، لعل الله عز وجل أن يهديه للتى هى أقوم .
قال ابن
القيم رحمه الله : من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان ، ومنهم من
يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز ، ومنهم من يعرفه بالبطش والأنتقام ، ومنهم من يعرفه
بالعلم والحكمة ، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء ، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبر
واللطف، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك ، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته ، وإغاثة لهفته
، وقضاء حاجته .
وأتم هؤلاء معرفة من
عرفه من كلامه ، فإنه يعرف ربا قد اجتمعت له صفات الكمال ، ونعوت الجلال ، منزه عن
المثال ، برىء من النقائص والعيوب ، له كل اسم حسن ، وكل وصف كمال ، فعالٌ لِما
يريد ، فوق كل شىء ، ومع كل شىء ، وقادر على كل شىء ، ومقيم كل شىء ، آمر ناه ،
متكلم بكلماته الدينينة والكونية ، أكبر من كل شىء ، وأجمل من كل شىء أرحم
الراحمين ، وأقدر القادرين ، وأحكم الحاكمين ، فالقرآن أنزل لتعريف عباده به ،
وبصراطه الموصل إليه ، وبحال السالكين بعد الوصول إليه .