الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

دستور "2012م" أوسع الدساتير في باب الحريات

تم الاتفاق على أن يكون التوافق مقدمًا فإن احتدم الخلاف يتم التصويت، فإن حازت المادة 67 % اعتمدت وإلا عادت للمناقشة بحثًا عن توافق ويعاد التصويت عليها، وتعتمد في هذه المرة بنسبة

دستور "2012م" أوسع الدساتير في باب الحريات
الدعوة السلفية
الخميس ١٣ ديسمبر ٢٠١٢ - ١٤:١٩ م
3439
دستور "2012م" أوسع الدساتير في باب الحريات

30-محرم-1434هـ   13-ديسمبر-2012      


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فبعد تشكيل اللجنة التأسيسية تم الاتفاق على أن يكون التوافق مقدمًا فإن احتدم الخلاف يتم التصويت، فإن حازت المادة 67 % اعتمدت وإلا عادت للمناقشة بحثًا عن توافق ويعاد التصويت عليها، وتعتمد في هذه المرة بنسبة 57% وإلا حذفت من الدستور إلى أن أصر المعسكر العالماني في التأسيسية على عدم اللجوء إلى التصويت واعتماد التوافق حتى تم التوافق على كل المواد.

وفجأة اعترضت الكنيسة على المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة وعلى المادة 4 التي تنص على ضرورة الرجوع إلى الأزهر فيما يخص الشريعة الإسلامية رغم أن الأمر انتهى من أجل البحث عن التوافق إلى كون رأى الأزهر استشاريًّا وليس ملزمًا.

وتبعت القوى العالمانية الكنيسة في الانسحاب وبنفس العلل -"المادة 219 والمادة 4"-، ولكنهم استشعروا الحرج بعد ذلك فصاروا يركزون أكثر على المادة 81 بصفتها مادة مقيدة للحريات.

وإذا سألت القوم عن أفضل دستور مصري فسوف يجيبك بعضهم بأنه دستور 1923م ويجيب البعض الآخر بأنه دستور 1954م.

والعجيب في الأمر أن المادة 81 التي تتركز اعتراضات المعسكر الليبرالي حولها موجودة في كل منهما، بل مكررة عدة مرات مع كل نوع من أنواع الحرية وهو ما تلافاه المشروع الحالي حيث ضم كل ذلك في مادة واحدة ضابطة.

فلماذا الاعتراض إذن؟!

نذكر ابتداءً نماذج من مواد الدساتير السابقة المتضمنة ما يشبه هذه المادة:

أولاً: دستور 1923م (مادة 13):

تحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقًا للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب (المادة بعينها هي المادة 11 في دستور 54 - المادة 43 في دستور 56).

(مادة 14): حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان الإعراب عن فكرة بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك في حدود القانون.

(مادة 15): الصحافة حرة في حدود القانون والرقابة على الصحف محظورة، وإنذار الصحف أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور كذلك إلا إذا كان ذلك ضروريًا لوقاية النظام الاجتماعي.

(مادة 17): التعليم حر ما لم يخل بالنظام العام أو يناف الآداب (وهي بعينها المادة 27 في دستور 54 - المادة 48 في دستور 56).

(مادة 20): للمصريين حق الاجتماع في هدوء وسكينة غير حاملين سلاحًا، وليس لأحد من رجال البوليس أن يحضر اجتماعهم ولا حاجة بهم إلى إشعاره، لكن هذا الحكم لا يجري على الاجتماعات العامة فإنها خاضعة لأحكام القانون كما أنه لا يفيد أو يمنع أي تدبير يتخذ لوقاية النظام الاجتماعي.

ثانيًا: "دستور 54":

المادة 11 مطابقة للمادة 13 في دستور 1923م.

المادة 27 مطابقة للمادة 17 في دستور 1923م.

(مادة 43):

ينظم القانون العمل للنساء والأحداث.

وهذه المادة أحالت تنظيم عمل الأطفال للقانون بينما جاء في المادة 70 من دستور 2012م: "ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمي في أعمال لا تناسب عمره أو تمنع استمراره في التعليم".

(مادة 48):

الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق والوطنية ويكفل القانون تدعيم الأسرة وحماية الأمومة والطفولة وتوفير المنشآت اللازمة لذلك.

(المادة 9 في دستور 71 و دستور 2012 ومع ذلك يعتبرها البعض من عيوب دستور 2012)!

وأما دستور 71 فبالإضافة إلى ما اتفق فيه مع الدساتير السابقة جاءت المادة 12 منه بهذه الصياغة: "يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها‏ والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة‏، وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية‏، والتراث التاريخي للشعب والحقائق العلمية‏‏ والآداب العامة وذلك في حدود القانون، وتلتزم الدولة باتباع هذه المبادئ والتمكين لها".

وفي المناقشات الأولية لدستور 2012م تم اقتراح أن تكون العبارة: "تلتزم الدولة والمجتمع... " مما يعني أن المشروع أدخل كلمة الدولة "احترازًا" من أي لبس أو وهم بأن هذه المادة الغرض منها إنشاء جماعات أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وانتهت المناقشات بحذف كلمة "مجتمع" التي كانت موجودة في دستور 71 ووضع كلمة دولة، ومع ذلك ما زالوا يتحدثون عن دستور مقيد للحريات!

إذن فمن حيث القيد الضابط فهو قيد ضابط في كل الدساتير المصرية منذ 1923م حتى الآن،  ومع اشتراك دستور 2012م مع الدساتير المصرية السابقة في التقييد بالنظام العام إلا أن هذا الدستور كان أكثر توسعًا في النص على حرية الصحافة وحرية تداول المعلومات وحرية إنشاء الأحزاب والجمعيات والنقابات وحرية الفكر وحرية الإبداع. فما المشكلة إذن؟!

الجواب: إن المشكلة كامنة في المادة الثانية من الدستور والتي ازدادت وضوحًا وقوة في الدلالة بالمادة المفسرة 219، وفي دستور 23 و54 كان "مادة الإسلام دين الدولة" تُذكر في باب الأحكام العامة مما يجعل قيد عدم مخالفة النظام العام المذكور في باب الحريات غير متضمن لعدم مخالفة الشريعة الإسلامية.

ونتيجة لانتقال هذه المادة لباب المقومات الأساسية مع ذكر الشريعة في دستور 71 دخلت "مبادئ الشريعة" كمكون من مكونات النظام العام إلا أنه بقي هناك مهرب في التفسير الفضفاض لمبادئ الشريعة، فلما أضيفت "المادة 219" كانت هذه النسبة لهم كارثية! وبالنسبة لجمهور الأمة تعظيم للشريعة ووضع لها في موضعها الصحيح.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي