الثلاثاء، ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٣ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

التصنيف السياسي لـ"حزب النور" وعلاقته بـ"الدعوة السلفية"

التصنيف السياسي لـ"حزب النور" وعلاقته بـ"الدعوة السلفية"
عبد المنعم الشحات
الجمعة ٠٤ يناير ٢٠١٣ - ١٤:١٧ م
4941
التصنيف السياسي لـ"حزب النور" وعلاقته بـ"الدعوة السلفية"
 



كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فماذا نعني بقولنا: إن "حزب النور" هو الذراع السياسي للدعوة السلفية؟ وما هو التصنيف السياسي لـ"حزب النور"؟

أسئلة نحاول أن نجيب عليها في هذا المقال، ولكن قبل الإجابة عليها نود أن نوضح أن حديثنا هنا عن "الدعوة السلفية" كعَلم على جماعة دعوية منظمة "مجال عملها جمهورية مصر العربية ويقع مركزها الرئيسي في مدينة الإسكندرية" وليس عن التيار السلفي كله والذي يشمل جمعيات ودعاة آخرين؛ نقول هذا دفعًا للبس يقع فيه بعض الذين لا يعرفون تفاصيل الخريطة الدعوية في مصر.

ما هي الدعوة السلفية؟

الدعوة السلفية جماعة دعوية إصلاحية تتبنى السلفية منهجًا والعمل الجماعي المنظم أسلوبًا، وتعتبر عضويتها ميثاقًا بين جميع المنتمين إليها على التعاون على نشر هذا المنهج والالتزام بالشرع فيما فيه دليل وبما تنتهي إليه الشورى داخل مؤسسات صنع القرار داخلها فيما يحتمل النظر.

وتهتم الدعوة السلفية بطلب العلم وتعليمه، وفض المنازعات بين الناس، وبالقيام على حقوق الفقراء والمساكين، ويتم هذا عن طريق مجلس تنفيذي لكل محافظة يُقسم إداريًّا إلى وحدات إدارية من المدن والأحياء والمراكز والقرى إلى أن نصل إلى مستوى المسجد الذي يضم تلك الأنشطة جميعها.

وبالإضافة إلى ذلك توجد وحدات نشاط غير المساجد: كالجامعات، والشركات، وغيرها من التجمعات التي ينتشر فيها أبناء الدعوة السلفية للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكل هذه الأعمال تقوم بها الدعوة قبل الثورة وعملت على تقنينها في هيئة جمعية خيرية بعد الثورة، ورغم أن الإصلاح السياسي يعتبر جزءًا من البرنامج الإصلاحي للدعوة السلفية إلا أنه امتنعت منه قبل ثورة "الخامس والعشرين من يناير" كما سنبينه في الفقرة الآتية.

موقف الدعوة السلفية من العمل السياسي قبل وبعد "ثورة 25 يناير":

رغم الاهتمام الواضح من "الدعوة السلفية" منذ نشأتها بواقع المسلمين في مصر وخارجها مما يمكن أن يطلق عليه: "اهتمام سياسي" إلا أنها كانت رافضة للمشاركة السياسية قبل ثورة 25 يناير.

ويمكن إيجاز أسباب ذلك في الآتي:

أ‌- المناخ السياسي الذي لم يكن يُسمح فيه -على الأقل إعلاميًّا- بدخول أحد إلى الحلبة السياسية إلا بالتنازل عن الكثير من الأمور الشرعية... وعلى رأسها: القبول المطلق بالديمقراطية الغربية دونما قيد أو شرط! مع تطبيق هذا على أهم الفروع من الكلام على الحرية المطلقة وغيرها من الموضوعات الشائكة.

ب‌- وفوق هذا فإن التنازل الكبير لم يكن يثمر شيئًا في ظل نظام جامد لا أمل فيه بتغيير حقيقي في السياسات فضلاً عن القانون فضلاً عن الدستور.

ومن هذا المنطلق كان الرفض للعمل السياسي حتى وقعت "ثورة 25 يناير"، ونتج عنها التطورات الآتية:

أ‌- حدوث حالة سيولة تجعل التغيير ممكنًا على أعلى المستويات وهو الدستور وبالتبع القوانين والسياسات.

ب‌- على فرض زهدنا في هذا التغيير فإن الدستور لم يكن ليبقى في مكانه، بل كان في اتجاهه إلى مزيد من العلمنة بحذف المادة الثانية أو حذف التعديل الذي أجري عليها عام 80 على الأقل.

ت‌- وجود واقع جديد يمكن من خلاله أن نقدِّم مفاهيمنا الخاصة فنفصِّل في الديمقراطية ما نقبل منها وما نرفض، ونبيِّن حكم الشرع في كثير من القضايا... وهو ما تم بفضل الله -تعالى-.

وبناءً عليه قررت الدعوة السلفية بقرار من مجلس إدارتها آنذاك "والذي كان يضم في عضويته جميع المؤسسين الذين استقرت اللائحة الداخلية للدعوة السلفية فيما بعد على اعتبارهم مجلسًا خاصًا سمي بمجلس الأمناء" أن تنشئ حزبًا سياسيًّا؛ ليكون ذراعًا سياسيًّا لها وهو "حزب النور".

فلماذا احتاجت الدعوة إلى إنشاء الحزب؟

ذكرنا في فقرة سابقة أن الدعوة السلفية تتبنى الإصلاح الشامل وميادين هذا الإصلاح هي: "الفرد - المجتمع - الدولة" كما يشمل هذا المنهج جميع الفئات والأنشطة، ووحدة العمل الأساسية في هيكل "الدعوة السلفية" هي المسجد إلا أن هناك إدارات هيكلية أو فنية لتغطية الأنشط الخاصة، مثل: الأنشطة الطلابية أو العمالية.

ومِن ثَمَّ فإن التصور المبدئي هو أن يكون العمل السياسي قسمًا من الأقسام الإدارية أو الفنية في الدعوة إلا أن هذا الأمر غير ممكن قانونًا حيث يفصل بين عمل الجمعيات الخيرية وعمل الأحزاب السياسية مما يستوجب إنشاء الحزب ككيان قانوني مستقل مع بقاء الرابطة المنهجية، بل والتكتيكية مع الجماعة الأم وهو نموذج قد يبدو بعيدًا بعض الشيء، ولكنه موجود في عالم السياسة، فمن الأنماط السياسية أن تسعى حركة مجتمعية منظمة "تطلق عليها في هذا السياق جماعة ضغط" لدعم أو إنشاء حزب سياسي، ومن الأمثلة الشهيرة على ذلك: "النقابات العمالية"، و"حزب العمال" في بريطانيا.

ولمزيد من بسط هذه العلاقة نحتاج إلى التعرف على بعض التفاصيل:

1- الحزب السياسي:

الحزب السياسي هو: مجموعة من المواطنين يؤمنون بأهداف سياسية وأيديولوجية مشتركة وينظمون أنفسهم بهدف الحصول على مساندة شعبية، وبالتالي الوصول إلى السلطة وتحقيق برنامجهم.

2- جماعة الضغط:

جماعة الضغط هي: مجموعة من المواطنين يؤمنون بأهداف سياسية وأيديولوجية مشتركة وينظمون أنفسهم بهدف الضغط على السلطة لتحقيق برنامجهم.

إذن الفرق الجوهري بين جماعة الضغط والحزب هو أن: الحزب يسعى إلى السلطة بينما جماعة الضغط تسعى إلى الضغط على السلطة الحاكمة؛ إما مباشرة وإما عن طريق الأحزاب.

وعند توصيف حالة الحركة الإسلامية يوصِّفونها سياسيًّا على أنها جماعة ضغط شاملة "وهي التي تهتم بكل الشأن العام ولا تحصر اهتماماتها في أحد الجوانب"، ورغم عدم دقة هذا التوصيف حيث إننا نوصِّف أنفسنا كجماعة إصلاحية شاملة نظرًا لكون هذا النمط غير معروف في الحياة السياسية الغربية؛ إلا أنه قريب منه إلى حد كبير.

تقسيم الأحزاب باعتبار جماهيرية العضوية إلى ثلاثة أقسام:

أ‌- أحزاب جماهيرية: وهي أحزاب تهتم بكثرة عدد أعضائها في المقام الأول.

ب‌- أحزاب النخبة: وهي أحزاب لا تلتفت إلى كثرة العدد وتهدف إلى جمع الشخصيات البارزة ذات التأثير المعنوي أو القدرة المالية.

ت‌- أحزاب تجمع بين النخبة والجماهير: وهي أحزاب تسمح للجماهير بالانضمام للحزب مع بقاء القيادة في يد النخبة.

3- تقسيم الأحزاب بالنسبة لسياساتها:

أ‌- أحزاب أيديولوجية: وهي أحزاب تتمسك بمبادئ أو أيديولوجيات وأفكار محددة ومميزة وتجعل التمسك بأيديولوجيتها من أهم شروط عضويتها.

ب‌- أحزاب براجماتية: وهي أحزاب تهتم بالاعتبارات العملية "الانتصار في الانتخابات" على الاعتبارات الأيديولوجية، فيمكن تغيير الخط العام للحزب وفقًا لتطور الظروف من أجل تجميع عدد أكبر من أصوات الناخبين ولا تشترط الانتماء إلى أيديولوجية معينة كشرط للانضمام إليها.

ت‌- أحزاب زعامات: وهي أحزاب تلتف حول قائد له كاريزما دون النظر لمنطلقاته ودون وجود مؤسسات حقيقية داخل الحزب.

4- الماكينات الانتخابية للأحزاب السياسية:

الأحزاب الشعبية تتكون عادة في حالات رواج فكر معين بصورة كبيرة مع وجود حزب ممثل لهذه الفكرة؛ لا سيما إذا كانت فكرته الرئيسية قريبة من قطاع واسع من الشعب، وعادة ما تمتلك الأحزاب الشعبية قدرة عالية على الحشد الانتخابي ويمثلون لها بالأحزاب الاشتراكية في فترات رواجها.

وأما الأحزاب غير الشعبية فلا تمتلك عادة القدرة على الحشد الانتخابي، وإنما تعتمد في الحشد على جماعة الضغط المشاركة لها في نفس الأيديولوجية وهذا هو النمط الأكثر رواجًا، وسواء كان الحزب وجماعة الضغط قد نشأ كل منهما بمعزل عن الآخر أو كانت جماعة الضغط هي التي أسست الحزب فيبقى أن كل توجه أيديولوجي له قاعدة عريضة من المدافعين عنه اصطلحنا على تسميتها: بـ"جماعة الضغط" ومجموعة من الساسة تسعى إلى تمثيله في الحكم وهو الحزب السياسي، ومجموع "جماعة الضغط الأيديولوجية - الحزب السياسي الأيديولوجي" يكافئ الحزب الشعبي من حيث قدرته على الحشد الانتخابي وإن كان يفوقه من حيث قدرته على التنظير السياسي والنقاء الأيديولوجي.

ورغم أن هذا هو النمط السياسي الكلاسيكي حتى إن معظم كتب العلوم السياسية جعلت التجمع على أيديولوجية محددة شرطًا رئيسيًّا في كل من "جماعة الضغط" و"الحزب السياسي" على حد سواء، ولكن وجدت أنماط أخرى من السلوك السياسي ترتب عليه وجود نموذج تحالف "جماعات المصالح - الأحزاب البراجماتية" بديلاً عن تحالف "جماعات الضغط - الأحزاب الأيديولوجية".

ويرجع ذلك إلى عاملين:

الأول: وجود تجمعات كبيرة تلعب دورًا مؤثرًا في الانتخابات ربما يفوق دور جماعات الضغط، ولكنها لا تتبنى نظرية شاملة وإنما لها "مطالب" أو"مصالح"، وهي تبحث عن أي حزب يحقق لها هذه المطالب مما يصطلح على تسميته: بـ"جماعات المصالح".

الثاني: تحول السياسة إلى حرفة، ومِن ثَمَّ أصبح الحصول على أغلبية في الانتخابات هو الغاية العظمى عند بعض الأحزاب التي اصطلح على تسميتها بـ"الأحزاب البرجماتية" وهي الأحزاب التي تتخلى عن الأيديولوجية وتبحث لها في كل انتخابات عن حزمة سياسات تتبناها تضمن له تأييد عدد كبير من الناخبين أو من جماعات المصالح، وهذا التخلي إما أن يكون كليًّا وإما أن يبقى معه قدر من الانتماء المجمل لأيديولوجية ما.

إن هذا لا يعني أن الأحزاب الأيديولوجية لا ترغب في الحصول على أغلبية انتخابية، ولكنها تسعى إلى ذلك عبر آلية وحيدة وهي إقناع الناخب بالانحياز إلى "الأيديولوجية" التي تتبناها ولا تسعى لاستقطاب ناخبين على حساب الأيديولوجية.

"يمكن للقارئ أن يطبق تلك المفاهيم على الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في مصر ويبحث عن أثر تلك الأيديولوجية في برنامج الحزب بصفة عامة - برامجه الانتخابية - شعاراته الانتخابية - مواقفه - إلخ... فسوف تجد أن هناك أحزابًا لا يمكن أن تلتبس على أحد أنها ذات مرجعية إسلامية بينما لا يمكن تصنيف البعض الآخر كذلك إلا من خلال انتماء سابق لبعض أفرادها لجماعة إسلامية أو حزب ذي أيديولوجية إسلامية واضحة".

ومن هنا فإننا يمكن أن نجمل الماكينات الانتخابية في أحد هذه الأحوال الثلاثة:

أ‌- حزب شعبي يعتمد على كوادره في الانتخابات.

ب‌- تحالف أيديولوجي بين حزب وجماعة الضغط المشتركة معه في الأيديولوجية.

ت‌- تحالف ببن حزب براجماتي ومجموعة من جماعات المصالح.

التوصيف السياسي لـ"حزب النور"

أولاً: حزب النور حزب أيديولوجي:

ذكرنا في مستهل كلامنا أن السبب الجوهري الذي امتنعت فيه الدعوة من العمل السياسي قبل الثورة هو التنازلات التي كانت تفرض على مَن يخوض العمل السياسي قبل الثورة، وأن أحد أهم الدوافع التي دفعتنا إلى خوض التجربة السياسية بعد الثورة هو إمكانية الدفاع عن حقيقة معتقداتنا وهذا يعني أنه لا يوجد أمامنا إلا خيار وحيد وهو تكوين حزب أيديولوجي.

وأيديولوجية الحزب يمكن إيجازها في نقاط ثلاثة:

أ‌- وجوب مرجعية الشريعة في كل مناحي الحياة.

ب‌- العمل بالممكن من الشريعة مع العمل على إزالة العوائق أمام غير الممكن.

ت‌- بيان أن العمل بالممكن لا يعني السكوت عن باقي المطلوب "وهو الشريعة كاملة" أو تحريفه أو تبديله أو الزعم أنه ليس من الدين؛ خلافًا لمن يجعل الممكن والمطلوب شيئًا واحدًا ومِن ثَمَّ يدعي أن ما عجز عنه ليس من الدين، فضلاً أن يتطوع بفعل أمور محظورة مجاملة للبعض مع أنه قادر على تركها أو يترك بعض المأمور به رغم أنه قادر على فعله.

وهذه النقطة الأخيرة هي التي تميز الطرح السياسي السلفي، وهذه هي التي تجعل هذا الطرح يُصنف سياسيًّا على أنه أيديولوجي في حين يوصف الطرح الآخر بأنه براجماتي على خلفية أيديولوجية إسلامية، وربما زادت حدة البرجماتية فيه إلى أن يقارب أن يكون براجماتيًا خالصًا "يوجد في الواقع المصري أحزاب توصف بأنها ذات مرجعية إسلامية، ولكنها تقف موقف الحياد بل ربما الانحياز إلى المعسكر الآخر في أمور تتعلق بمرجعية الشريعة التي من المفترض أنها تمثل الأيديولوجية الأم بالنسبة لهم".

وفي الواقع أنه: لا يمكن تصور حزب سلفي ويكون متبنيًا لغير ذلك وإلا فقد هويته السلفية، وأصبح تكرارًا لتجارب قائمة بالفعل ومن حقنا أن نسأل مَن يتبنى مشروعًا جديدًا هذه ملامحه عن ماذا سيضيف للحياة السياسية عمومًا والإسلامية خصوصًا؟

وهذا ما يجعلنا نتوقف عند دوافع الأحزاب التي تتبنى موقفًا براجماتيًا رغم أن مؤسسيها من أبناء التيار الإسلامي؛ في الواقع أننا سنجد أن هذا يعود إلى أحد أمرين:

الأول: انتماء المؤسسين لمدرسة دعوية تختار هذا المسلك في الدعوة، ومِن ثَمَّ تنقله إلى السياسة.

الثاني: أن ينتمي المؤسسون إلى مدرسة دعوية "أصولية أو محافظة" -بحسب التعبير السياسي-، ولكنهم عندما يتجهون إلى العمل السياسي يستغرقون في حساب المقاعد والحصص وهو أمر يحتاج إلى كبير نظر وطول تأمل.

ثانيًا: حزب النور وسط بين الأحزاب الشعبية وأحزاب النخبة:

كان يمكن للدعوة السلفية أن تفرغ جميع أو معظم كيانها داخل حزب النور ليكون حزبًا شعبيًّا ضخمًا إلا أن هذا حال حدوثه سوف يخل حتمًا بتكامل الدعوة في كل المجالات، ومِن ثَمَّ تم توجيه الأفراد الذين يمكنهم العطاء بصورة أكبر في العمل السياسي؛ ليؤسسوا الحزب مع فتح باب العضوية للجمهور مع وجود دورات ترقي على مستويين يُدرَّس فيهما قضايا سياسية عامة مع ضبطها بإطار المرجعية الإسلامية؛ وذلك لضمان أن تظل قيادات الحزب متقنة لأيديولوجية الحزب من الناحية النظرية.

ولا شك أن العلم هو طريق العمل، ولكن متى خرج أحد أعضاء الحزب عن مساره فإن اللائحة تعالج ذلك بآليات كثيرة.

ثالثًا: العلاقة بين "الدعوة السلفية" و"حزب النور":

العلاقة بين الدعوة السلفية وبين حزب النور هي أقوى صور الارتباط بين جماعة إصلاح "أو جماعة ضغط شاملة بلغة السياسة" وبين حزب سياسي؛ لأن الدعوة هي التي أنشأت هذا الحزب وهي ماكينته الانتخابية.

وهذا يستلزم التطابق الأيديولوجي بين الدعوة والحزب، وهنا قد يثور سؤال هو: كيفية تحقيق ذلك رغم استقلال الحزب إداريًّا بحكم القانون؟

والجواب: إننا لسنا بدعًا من العالم، وقد ذكرنا العلاقة الوثيقة بين النقابات العمالية وحزب العمال في بريطانيا وإن كان علاقة الدعوة السلفية بالحزب أقوى لمراعاة الفرق بين كون الدعوة السلفية حركة إصلاحية شاملة وبين جماعات الضغط الشاملة كما تعرف في العلوم السياسية.

وفي مثل هذه الأحوال فإنه كلما اقترب الأمر من الاستراتيجية كلما ترقب الحزب "ممثلاً في مراكز اتخاذ القرار فيه" موقف الحركة المنشأة له، وكلما اتجه الأمر إلى التكتيك أو الإجراءات الروتينية كلما قل أو زال ذلك التلازم.

ومن الوسائل المتبعة والتي لا يشوبها أي شائبة قانونية ولا سياسية وجود ميثاق ألا يتم حسم بعض الأمور إلا بعد اجتماع مشترك للمكتبين السياسيين لكل من الكيانين.

وهذا كما يحدث الآن بين جبهة الإنقاذ الوطني وبين الأحزاب الداخلة فيها؛ فرغم أن كيان الجبهة لا يتمتع بأي صفة قانونية ورغم أن الأحزاب المشاركة فيها تحتفظ بكل مؤسسات اتخاذ القرار الخاصة بها إلا أن الاتفاق المبدئي الذي بمقتضاه قرر كل حزب الاشتراك في هذه الجبهة يقتضي أن يلتزم الحزب بالقرارات التي تصدر عن هذا التحالف.


www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي