الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الجنود المختطـَفون والقنوات الدينية و"خالد صلاح"

حيث رصد الكاتب أن القنوات الدينية عالجت قضية جنودنا المختطفين في سيناء بطريقة هادئة.

الجنود المختطـَفون والقنوات الدينية و"خالد صلاح"
عبد المنعم الشحات
السبت ٢٥ مايو ٢٠١٣ - ١٣:٢٦ م
2410
16-رجب-1434هـ   25-مايو-2013      

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالكاتب الصحفي "خالد صلاح" كاتب ليبرالي بنكهة إسلامية يرى أن الليبرالية لا تتعارض مع الإسلام وهو طرح في مجمله أقرب إلى الحق من غلاة الليبرالية، بل إنني كثيرًا ما قلتُ له ولغيره إنني على استعداد لقبول مصطلح الليبرالية شريطة أن يعرِّفها أصحابها بما لا يدع مجالاً للشك أن الحرية عندهم منضبطة بشرع الله وليس فقط بقاعدة: "أنت حر ما لم تضر!"؛ وإن كانت في هذه الحالة سوف تصطدم شكلاً وموضوعًا مع الليبرالية التي دعا إليها "لوك" و"ستيورات" وغيرهما من "كهنة الليبرالية".

المهم أن ليبرالية "خالد صلاح" تختلف عن ليبرالية "خالد يوسف" كما أن أداءه الإعلامي فيه قدر لا بأس به من الموضوعية، ولا يجعل الأيديولوجية هي معيار القبول والرفض لمواقف الآخرين.

ورغم اعترافنا أن مَن يقومون على أمر القنوات الدينية بشر يصيبون ويخطأون، وأنه قد تخطئ قناة في تبني قضية في غير أوانها أو الدخول في خصومة كان يمكن ألا تدخلها إلا أن مقالته المعنونة: "القنوات الدينية ومأساة جنودنا في سيناء" جاءت صادمة بكل المقاييس؛ حيث رصد الكاتب أن القنوات الدينية عالجت قضية جنودنا المختطفين في سيناء بطريقة هادئة.

ومِن ثَمَّ خَلصَ إلى التحليل التالي: "هذه القنوات لا يهمها إلا الدفاع عن الرئيس الملتحي -وانتبه أنه لم يقل الإسلامي؛ ليجعل اللمز أشد- وأنها بذلك فاقدة لمعاني الانتماء إلى الدين والوطن و... !".

وفي الواقع: إن كثيرًا من هذه القنوات تدافع عن المشروع الإسلامي وليس الرئيس الإسلامي؛ فضلاً عن أن يكون مناط الدفاع هو الرئيس "الملتحي"، وبطبيعة الحال فإن الإنسان معرض لآفة الاستغراق في فكرته التي يمكن أن تخرجه عن الموضوعية، و"حزب النور" ممن يعانون من هذه الظاهرة حيث يتحامل بعض الإعلاميين الإسلاميين في معرض دفاعهم عن الرئيس على بعض مواقف الحزب! ومع هذا فعدم موضوعية كثير من القنوات الأخرى مع الرئيس تفوق هذا بعشرات المرات.

ومن وجهة نظري: إن رأي الأستاذ "خالد صلاح" في هذا الموقف كان في غاية الانحياز حيث إنه رصد موقفًا ظاهرًا للقنوات الإسلامية، وهو "المعالجة الهادئة لحادثة الاختطاف"، ولكن هذه القنوات لم تترك أمرًا غامضًا لكي يخمن الأستاذ "خالد صلاح" هذا التخمين أو غيره، فعللوا ذلك بأنهم يطالبون الجميع بضبط النفس وعدم الضغط على المؤسسات التي تملك من المعلومات ما لا يملكه المواطن العادي، بل إنني أزعم أن أداء الإعلام الإسلامي كان في هذه القضية أكثر رشدًا من ناحية معايير الدولة الحديثة مقارنة بكثير من القنوات الأخرى؛ فلقد رأينا الإعلام الإسلامي يغذي في هذه الواقعة لغة المؤسسية، وينمي روح التعاون بين مؤسسات الدولة.

وفي مقابل هاتين الصفتين: "الحرص على حقن الدماء - الحرص على مخاطبة مؤسسات الدولة مجتمعة" كانت هناك وسائل إعلام تدق طبول الحروب متباكية على الجنود المخطوفين دون أن تدري أن طبول الحرب قد تنقلهم من حالة الخطف إلى حالة الاستشهاد، وأن عملية عسكرية يمكن أن تخلِّف ضحايا لا ذنب لهم إلا التواجد القدري بساحة الأحداث، كما كانت بعض هذه الوسائل تخاطب بعض مؤسسات الدولة وكأنها جزيرة منعزلة! وكانت تمهد مسبقًا لإدانة مؤسسات دون أخرى حال الإخفاق ولتمجيد مؤسسات دون أخرى حال النجاح!

والآن... وبعد أن نجحت السلمية والمؤسسية فأنا أوجِّه الدعوة للأستاذ "خالد صلاح" أن يراجع موقفه هذا.

كما أدعو الإعلام الإسلامي أن يتمسك بالدعوة إلى السلمية، وأن يتمسك بدرجة أكبر بالدعوة إلى التكامل والتعاون بين جميع مؤسسات الدولة، وألا يكون ولاؤنا مقصورًا على المؤسسة التي يكون على رأسها شخص منتمٍ للتيار الإسلامي أو التي يشكِّل الإسلاميون أغلبية فيها، بل لن نكون جديرين بقيادة المرحلة دون أن نقدِّم كل ما نملك مِن دعم، ومنه الدعم الإعلامي لكل مؤسسات الدولة، ولكل مسئول حريص على خدمة بلده أيًّا ما كان موقعه.

وأخيرًا: أود أن أشير إلى أنني أعددت مسودة هذا التعليق فور قراءتي لمقال الأستاذ "خالد صلاح"، ثم لم تطب نفسي أن نتشاجر أينا أكثر تألمًا لحال جنودنا من الآخر فأعرضت عنها، ثم عدت إليها بعد ما مَنَّ الله علينا بنجاتهم، على أن الحادثة فيها الكثير من الدروس التي ربما أتناولها في مقالة أخرى -بإذن الله تعالى-.

فحمدًا لله على سلامة جنودنا البواسل.

ثم الشكر لجميع المؤسسات التي تعاونت في حل الأزمة: "الرئاسة - والجيش - والمخابرات - والداخلية".

ونسأل الله أن يحفظ مصر من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي