الخميس، ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٥ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أمريكا وإعادة تسكين الجهاديين في العالم الإسلامي

وعلى كل الأحوال؛ فلماذا يصر إخوان مصر على موقفهم؟! بل وعلى تخوين كل مَن ينصحهم بمثل صنيع

أمريكا وإعادة تسكين الجهاديين في العالم الإسلامي
عبد المنعم الشحات
الأحد ٠٥ أكتوبر ٢٠١٤ - ٢١:٢٧ م
7660

أمريكا وإعادة تسكين الجهاديين في العالم الإسلامي

تعليقًا على مواقف أمريكا من "داعش والحوثيين" والربيع العربي

كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تمهيد:

إن المتأمل في السياسة الأمريكية تجاه عددٍ من الملفات الساخنة في العالم الإسلامي سيجد أن أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الأمريكية هو خلق "بؤر صراعات داخلية" تأخذ طابع المواجهة بين الجهاديين وبين الأنظمة الحاكمة، بحيث يتم في النهاية استيعاب جميع الجهاديين في صراعات مع هذه الأنظمة؛ فيقل أو يتلاشى التيار الذي ينادي بالمواجهة مع الدول غير الإسلامية.

ولكن يجب أن ندرك أولاً أن السياسة الأمريكية تتسم بقدر كبير مِن المرونة، وتهدف إلى عددٍ من الأهداف الكبرى، منها: "مشروع الشرق أوسط الكبير"، ومنها: "مشروع إعادة تسكين الجهاديين"، وأنها شأن غيرها تصنع بعض الأحداث، وتستثمر البعض الآخر، وأنها ربما وظـَّفتْ حدثًا ما لصالح أحد أهدافها؛ فإذا فشلتْ حاولت توظيفه في اتجاه هدفٍ آخر كما ستأتي أمثلة لذلك -إن شاء الله-.

أولاً: إعادة تسكين الجهاديين إحدى مكاسب الأمريكان مِن وراء "داعش":

كنا قد تناولنا في مقالة "داعش والحقائق الثلاث: الغلو في التكفير - هوس إقامة الدولة - توظيف الأعداء لتطرفهم" النقاش حول تنظيم داعش، وما يردده البعض مِن أن داعش صنيعة للمخابرات الأمريكية أو الإيرانية، وذكرنا أنه على أقل الأحوال فإن أمريكا وإيران هم أكثر الأطراف استفادة من وجود "داعش"، وأن "أهل السنة" هم أكثر الأطراف تضررًا من وجودها حيث تُنسب إليهم جميع أخطائها في الوقت الذي توجِّه فيه داعش ترسانتها العسكرية في معظم الأحيان إلى أهل السنة حيث تتبنى إستراتيجية "قتال العدو القريب أولاً!".

ولن نعيد الكلام هنا حول داعش ونشأتها، ولكن يكفي هنا أن نؤكد على أن داعش تمثـِّل أكثر صور سياسة "العدو القريب أولاً" تطرفًا؛ حيث إن داعش تخطت مرحلة اعتبار الحكومات هي العدو الأقرب، بل زادت على ذلك أن اعتبرت أن فصائل الجهاد التي لا تقر لخليفتهم المزعوم بالخلافة ستعتبر عدوًا قريبًا إذا ما قورن ببشار!

كما أنهم يرون أن قتال حكومات السعودية والكويت ومصر -رغم البعد الجغرافي- هي أولى الأولويات!

ويمكن توضيح ذلك على النحو الآتي:

الجهاديون بين قتال العدو القريب وقتال العدو البعيد:

إن إستراتيجية أن قتال "العدو القريب" أولى مِن قتال "العدو البعيد" هي الإستراتيجية التي قامت عليها الكثير مِن التنظيمات المسماة بالجهادية منذ ستينيات القرن الماضي، وعبَّر عنها بوضوح "سيد إمام" في كتاب "العمدة في إعداد العدة".

والعدو القريب هنا في اصطلاح هذه التيارات هي الحكومات التي يرونها مرتدة، وكثير منهم يرى ردة المجتمعات أيضًا، أو -على الأقل- يرى أنه لا بأس بعمل عمليات يعم ضررها بتأويل باطل لحديث: (يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) (متفق عليه)، ورغم هذا فقد جذبت ساحة الجهاد الأفغاني عددًا كبيرًا من هؤلاء، كما جذبت عددًا كبيرًا من الشباب الإسلامي الذي لم يتورط في عنف ولا في تكفير، وإنما ذهب ليقاتل الروس الذين عاثوا في أفغانستان فسادًا.

وبعد هزيمة الروس، وبقاء عددٍ كبير مِن المجاهدين غير الأفغانيين هناك على اختلاف مناهجهم -لا سيما فيما يتعلق بالعنف والتكفير-؛ نشأ في النهاية تنظيم القاعدة برعاية "ابن لادن"، ومن الواضح أن النشأة السلفية لـ"ابن لادن" قد أثـَّرت عليه في جانب مراعاة حرمة المسلمين، فأثر في المجموعات الجهادية في هذه الناحية، وإن كان قد تأثر بهم أو وافقهم -على الأقل- في إغفال أمورٍ في غاية الأهمية فيما يتعلق بقتال الكفار.

وهي:

1- عدم التزام أفراد التنظيم بعقود الأمان التي بينهم وبيْن الكفار عن طريق تأشيرات الدخول التي يحصلون عليها.

2- إهدار عقود الأمان التي تمنحها حكومات الدول الإسلامية لزائريها.

3- عدم مراعاة المصالح والمفاسد فيما يَقدمون عليه مِن تصرفات.

والحاصل أن تنظيم القاعدة قد أصَّل لنظرية أن العدو البعيد هو رأس الأفعى، ومِن ثَمَّ فإن قتاله أولى.

وقد ساعد على انتشارهم أن بعض مواجهاتهم كانت تمثِّل جهادًا شرعيًّا، مثل: المواجهات مع كفار محتلين لبلاد مِن المسلمين حتى مع الإنكار الشديد الذي وجهه لهم علماء السلفية لعملياتهم التي نفذوها بالإخلال بالشروط السابق الإشارة إليها، ومع هذا فقد استوعبت القاعدة معظم الجهاديين وقلت أو اضمحلت عملياتهم في بلادهم الأصلية.

ومع مواجهات "أبي مصعب الزرقاوي" مع الأمريكان ثم مع الحكومة الشيعية في العراق، ورغم تحالفه مع القاعدة؛ إلا أنه بدأ في إعادة سياسة "البدء بالعدو القريب"، وأبو مصعب الزرقاوي تلقى تعليمه على يد "أبي محمد المقدسي" الذي تلقى تعليمه على يد "محمد بن سرور بن نايف" زين العابدين، وقد ذكرنا سمات في هذا التوجه الموسوم بالسروري تفتح الباب للانزلاق إلى صور من الغلو.

منها:

1- عدم الاكتراث بتطبيق قضية العذر بالجهل على الحكام خاصة، وهو ما يتحول إلى اتجاه لعدم تطبيقه مع كل مَن تحمل خصومة له.

2- عدم العناية بتوضيح المناطات المكفرة، والمناطات غير المكفرة في الأمور التي تدخل في معاني التوحيد: كالحاكمية، والولاء والبراء.

3- عدم العناية بتوضيح ضوابط الجهاد، والرد على مَن يمارس قتالاً غير شرعي تحت مسمى الجهاد، وربما تعمد البعض ذلك مِن باب أن "ترك الجاهل بأحكام الجهاد يؤدب الخصم".

وقد ترتب على هذا توسع أبي مصعب الزرقاوي في تكفير الشيعة بالعموم، وتكفير كل مَن يحمل السلاح مِن القبائل بالعموم؛ لمجرد ثبوت التعاون بين بعض القبائل وبين الأمريكان!

وكعادة هذه التيارات التي تفشو فيها ظاهرة انتظار الخلاص القدري والقفز فوق الأسباب، أبدى الزرقاوي إعجابه الشديد بالجهيمان الذي ادعى المهدية وحاول السيطرة على الحرم في الأحداث الشهيرة.

وورث "أبو عمر البغدادي" هذه الآفات مِن الزرقاوي، وزاد عليها بتوهم أن ما تحت يده من أراضٍ في العراق تمثـِّل دولة؛ فأعلن دولة العراق الإسلامية، ولم يلتفت إلى ردود شيخه المقدسي عليه.

ثم ورث الأمر "أبو بكر البغدادي"، وزاد بإعلان الدولة الإسلامية في العراق والشام، ثم بإعلان الخلافة، ثم باستحلال قتال كل مَن رفض بيعته! فصرف جلَّ قتاله ضد الفصائل المجاهدة في سوريا، وهو ما استثمره بشار وأمريكا على النحو الذي بيناه في المقالة المشار إليها آنفًا، ونزيد هنا تفصيلا لأحد المكاسب الأمريكية الرئيسية الأخرى مِن وجود داعش، وهي: "إعادة تسكين الجهاديين في بلاد المسلمين".

فمع انتصارات "الزرقاوي" ثم خلفائه مِن بعده، بدأ كثير مِن منتسبي القاعدة إعادة التفكير في أيهما أولى: العدو القريب أم البعيد؟ ويَذكر المحلل السياسي "ياسر الزعاترة" أن "ابن لادن" كان يعاني في آخر أيامه من تحول معظم القيادات التي حوله إلى تبني سياسة "العدو القريب أولاً"، وهذا ما يعزز الاحتمال بأن أمريكا تريد أن تنمو إستراتيجية داعش على حساب إستراتيجية القاعدة، باعتبار أن الأُولى أخف ضررًا عليها مِن الثانية، وأن أمريكا تعمدت هي وحلفاؤها إعطاء داعش انتصارات وهمية.

وقد يُستشكل على التحليل السابق الحلف الأمريكي الذي تم تدشينه ضد داعش، ولكن عند التأمل تجد أنه يصب في ذات الاتجاه، ويتضح هذا مِن:

أ‌- مدى قوة الضربات، حيث يتضح أنها ضربات للتحجيم لا للقضاء.

ب‌- مدى تمركزها الجغرافي، حيث تتركز في الأماكن التي فيها أغلبية غير سنية، وبالتالي تريد أمريكا أن تتركها للأغلبية التي فيها لتخدم مخطط التقسيم في ذات الوقت.

ت‌- إصرار أمريكا على دخول الدول العربية في حلفها ضد داعش "رغم عدم حاجة تنظيم كهذا إلى كل هذا الحلف" على أنه تأكيد لمشهد إعادة المواجهة بين الجهاديين والأنظمة، لتنتقم داعش ممن تستطيع الانتقام منه، بينما يتولى الجهاديون في كل بلد مهمة الانتقام من الحكومات القائمة.

ثانيًا: هل كان الترحيب بحكم الإخوان لمصر جزءًا من سياسة إعادة تسكين الجهاديين؟

قد تكون أمريكا فوجئت بثورات الربيع العربي، ولكن المؤكد أنها امتصت المفاجأة بسرعة، وحاولت أن تستثمر الأحداث لصالحها، وفي الحالة المصرية يبدو أنها راهنت لفترة حول صبغ الثورة بصبغة علمانية في محاولة منها لتحقيق مكسب إستراتيجي كبير على مستوى الفكر، حيث كانت العلمانية -وما زالت- في بلادنا قاصرة على مجموعة محدودة من الرموز يحلو لهم أن يصفوا أنفسهم بالنخبة! مما يجعل مِن إلباس ثورة شعبية ضخمة ثوب العلمانية حدثًا جللاً كان يمكن أن يغير مجرى التاريخ.

وبعد فشل هذه المحاولات "والتي اتضح فشلها بصورة قاطعة عقب أول انتخابات برلمانية"... يبدو أن أمريكا قد راهنت على استثمار الثورة المصرية في تحقيق هدف آخر من أهدافها، وهو محاولة إيجاد صيغة تساهم في عودة الجهاديين المصريين إلى بلادهم إما عن قناعة بأن الذي قام هو حكم إسلامي أو لكي ينتقموا ممن تمكنوا من إقامة الحكم الإسلامي فلم يقيموه.

ولا يخفى على أحد أن جماعة الإخوان كانت قد أعلنت موقفًا في غاية التحفظ من الهيمنة على الحياة السياسة في مصر بعد ثورة "25 يناير" حتى إن د."محمد بديع" المرشد العام للإخوان كان قد قال في معرض تعليل قرار الإخوان بعدم التقدم بمرشح رئاسي: "لأنني أحب مصر!".

ولا يخفى ما صرَّح به قيادات الإخوان أنفسهم -كما في بعض التسجيلات للدكتور "مرسي"- مِن أثر الأمريكان على تغير هذه القناعة لدى الإخوان!

كما لا يَخفى أن مِن أهم الأسباب التي منعت الإخوان مِن الالتفات المبكر ناحية حالة الغضب المؤسسي المتصاعدة هو ثقتهم في الاعتراف الدولي بشرعيتهم، ومِن ثَمَّ فقد أداروا ظهورهم للغضب المؤسسي، وتراخوا في معالجة الغضب الشعبي الذي كانوا يعلنون أنهم سيولونه اهتمامًا في الوقت المناسب.

كما لا يخفى أن الوقود الرئيسي الذي كان يحرِّك "منصة رابعة": أن العالم لم يعترف بعد بالنظام الجديد! ثم كانت تظاهراتهم في نيويورك ضد زيارة السيسي للأمم المتحدة دليلاً على أن هذا الرهان ما زال قائمًا.

والأسئلة التي تطرح نفسها:

هل كان الأمريكان صادقين حينما قالوا للدكتور مرسي أنهم يرحبون بهم في الحكم أم كانوا يحفرون لهم حفرة؟! "للذكرى: كان هناك قيد، وهو عدم التحالف مع السلفيين! ولكن لا يتسع المقال لأبعاد هذا القيد".

وإذا كانوا صادقين؛ فلماذا؟!

وإذا كانوا يحفرون حفرة... فما هي؟!

وإذا كانت فترة حكم د."مرسي" قد شهدت عودة جماعية للقيادات الجهادية؛ فلماذا قدموا وهم يرون أن مبارك ومرسي -والسيسي مِن بعد- كلهم كفار؟!

وكيف تمت تلك الهدنة بيْن الاتجاهات التكفيرية وبين الدولة في فترة د."مرسي" رغم أنهم يكفرونه؟!

وهل كان من الممكن أن ينفجر هؤلاء في د."مرسي" عند أول خلاف؟!

وهل يمكن أن تكون الإجابة أن حكم الإخوان كان سيؤدي إما إلى:

 - صراع مع المؤسسات.

- أو صدام مع الواقع الاقتصادي المرير، ومِن ثَمَّ الصدام مع الشعب.

- أو الصدام مع الاتجاهات الصدامية التي بالحتم سترفع سقف طموحاتها، ولن يطول صبرها على رئيس "إسلامي" يبقى في الحكم دون أن يحدث تغييرات جذرية في النواحي التشريعية، وفي السياسية الخارجية.

وفي الواقع لقد حدث الأمران الأولان، وغذى كل منهما الآخر، وأدى حدوثهما إلى تأخير حدوث الثالث، بل إلى التعاطف الواضح من التكفيريين قولاً وفعلاً مع د."مرسي"؛ رغم أنهم كانوا قد بدأوا في تدشين حملة لتكفيره!

ويبدو أنه كانت مِن ضمن التحديات الكبرى التي كانت تواجه د."مرسي" هو التعارض الشديد بين اتقاء الاحتمال الأول واتقاء الاحتمال الثالث.

ومِن الأمثلة على ذلك: حضور "آل الزمر" احتفالات أكتوبر التي أغضبت المؤسسات، والتقارب الذي كان في بداية الأمر بين د."مرسي" وبين الرئيس السيسي -وقت أن كان وزيرًا للدفاع- أغضب الكثيرين ربما داخل جماعة الإخوان نفسها.

ويبدو أن أمريكا كانت تفضل الخيار الثالث؛ لأنه كان سيفضي إلى عودة جميع الجهاديين المصريين إلى مصر ودخولهم في حرب مع النظام في ظل حكم رئيس "إسلامي" مما كان سيزيد المشهد عبثية؛ ولعل هذا يكون أحد أسباب تفسير موقفها بعد عزل د."مرسي".

تعليق: "بين مصر وليبيا وتونس":

يبدو أن الأمور في "ليبيا" قد آلت إلى جزءٍ كبير من المطلوب حيث تجمَّع الجهاديون المنتمون إلى دول المغرب العربي وغيرها في ليبيا، واتحدوا على قتال القذافي ثم دبت الخلافات بينهم وبين القوى العلمانية، وبينهم وبين القوى القِبَلية، وتفاوتت تحالفاتهم مع الإخوان المسلمين، لتكون ليبيا بؤرة تجمع لهؤلاء الجهاديين، إما بغرض حرب مصر أو بغرض الحروب الداخلية.

وأما الموقف في "تونس" فقد استوعب الإخوان هناك الدرس، ولا نعني ما قدموه من تنازلات منهجية، فإننا لا نقرهم عليها، ولكن نعني ما قدموه من مرونة سياسية كم نصحنا الإخوان بمثلها في مصر، ولكنهم رفضوها! وليس العجب في هذا، وإنما العجب فيمن يعتبر نفس السياسات خيانة في مصر، وكياسة في تونس! ولله في خلقه شؤون.

ثالثًا: حكم الحوثيين في اليمن على خطى تسكين الجهاديين:

سيبقى سقوط صنعاء في أيدي الحوثيين ثم مسارعة الرئيس اليمني "منصور هادي" إلى عقد صلح إذعاني معهم رغم تصريحاته التي تحدثت عن مؤامرة دولية وإقليمية على اليمن لغزًا محيرًا.

فمَن نصح حكومة الإصلاح التي يسيطر عليها الإخوان برفع سعر الوقود؟!

وكيف قاد الحوثيون رغم طائفيتهم مظاهرات الاعتراض على هذه السياسات؟!

كيف تحولت تلك المظاهرات إلى ثورة؟!

كيف استسلم الجيش اليمني بهذه السهولة؟!

أسئلة كثيرة لن تجد لها إجابة إلا ما ذكره الرئيس اليمني عن المؤامرة الدولية والإقليمية... فماذا يا ترى الذي يريده أطراف هذه المؤامرة الدولية؟!

قد تكون الإجابة متعددة الاحتمالات، ولكن يبقى أن النتيجة التي يكاد يجمع عليها المحللون أن وجود الحوثيين في سدة الحكم واستيلاءهم على الوزارات السيادية يعني حمل الكثير مِن القبائل اليمنية للسلاح، كما يعني عودة الكثير من أفراد تنظيم القاعدة إلى اليمن التي كانت ملاذًا آمنًا لهم في فترة من الفترات.

والإخوان في "حزب الإصلاح" يرون أن هذا الكمين كان معدًا لهم، وأن تتورط لجانهم الشعبية في حرب مع الحوثيين فيوصمون بالإرهاب، ومِن أجل ذلك تركوا صنعاء للحوثيين ولم يبتلعوا الطعم... وهو تصور وارد بلا شك، وكله يصب في إيجاد بؤر التوتر سواء بين الإخوان والحوثيين أو بين القاعدة والحوثيين.

وإن بقيت أسئلة موجهة إلى الإخوان:

- هل استوعب إخوان اليمن درس إخوان مصر أم أن الإخوان في كل الأقطار أكثر نضجًا من إخوان مصر؟!

- وعلى كل الأحوال؛ فلماذا يصر إخوان مصر على موقفهم؟! بل وعلى تخوين كل مَن ينصحهم بمثل صنيع إخوانهم في البلاد الأخرى؟! هذا سؤال فرعي، ولكنه يطرح نفسه هاهنا بقوة.

الخلاصة:

يبدو الآن أن خريطة إعادة التسكين مكتملة، ويمكنها أن تشمل كل منسوبي القاعدة، فهناك بؤرة في العراق، وأخرى في ليبيا، وثالثة في اليمن، مع محاولات مستمرة لجر مصر إلى هذا المسلسل!

فيجب أن نعلم أننا مقدمون على أيام تتضافر فيها الكثير مِن العوامل المغذية لمناهج التكفير والعنف، ما بين الإحباط والاستعجال، وما بين أيادٍ خفية تلعب على خطوط متوازية، وتنشد عددًا كبيرًا من الأهداف، وتملك مرونة الانتقال من هدف إلى آخر.

وأبرز هذه الأهداف هي:

1- إعادة تقسيم البلاد الإسلامية.

2- إعادة تسكين الجهاديين في بلادهم؛ ليحاربوا دولهم ومجتمعاتهم!

وتبقى "الفوضى الخلاقة" أو قل: "المبرمجة" هي الوسيلة الأساسية لتحقيق هذه السياسات.

وهذا الخطاب يجب أن ينتبه إليه الجميع، ليكف كل مَن يلعب بالنار عن اللعب به، وليدرك الجميع أننا في سفينة واحدة؛ إما أن تنجو بنا جميعًا، وإما أن تغرق بنا جميعًا.

نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

www.anasalafy.com

موقع أنا السلفي