الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الدعوة السلفية ومواقف من الصدق والشهامة

الدعوة السلفية ومواقف من الصدق والشهامة
أحمد الشحات
الأربعاء ٠٩ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٣:١٩ م
1304

الدعوة السلفية ومواقف من الصدق والشهامة

كتبه/ أحمد الشحات

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :-

تُتهم الدعوة السلفية من جانب خصومها بتهم شنيعة ، ويطلقون عليها شبهات بشعة بغرض تشويه سمعتها وتلويث مسيرتها ، ورغم أنهم أول من يدركون صدق الدعوة وأمانتها فى كل المواقف التى تعاملوا فيها معها إلا أن غرضهم فى الانتقام من الدعوة والإيقاع بها يمنعهم من الإنصاف وقول كلمة الحق  ، وسوف نعرض فى هذا المقال لثلاثة أحداث رئيسية مرت بها الدعوة وضربت فيها مثالاً واضحاً للصدق والأمانة ووضوح الموقف رغم ما نالها من أذى وضرر فى سبيل ذلك تحتسبته عند الله عزو جل ، وليس المقصود من ذلك هو الحصر بل فى الجعبة الكثير والكثير من المواقف والأحداث التى نحتاج إلى توضيحها وتجليتها أمانة لله وحفظاً لحق التاريخ من أن يُزور أو يشوه.

أولاً : الموقف من الانتخابات الرئاسية 2013:-

كان موقف الدعوة السلفية فى الانتخابات الرئاسية لعام 2013 فى الجولة الأولى هو دعم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح ، وذلك بعدما حصرت الدعوة اختياراتها فى ثلاثة مرشحين هم (العوا – ابو الفتوح - مرسى) وجاء اختيار أبو الفتوح بعد إنعقاد مجلس شورى الدعوة ومناقشته للمرشحين الثلاثة ثم اختياره النهائى لأبو الفتوح بأغلبية ساحقة ، وبالتالى نزلنا فى الساحة الانتخابية بكل ما لدينا من قوة تنظيمية ودعائية فى الجانب الذى تعهدت به الدعوة ، وبالفعل حصل أبو الفتوح على نسبة كبيرة من أصوات المصريين بالخارج إلا أن ثمة أخطاء قاتلة كانت وراء الإطاحة بأبو الفتوح خارج الملعب تماماً منها ما يعود لأداء حملته ، ومنها بسبب تصريحاته وآداءه الإعلامى الغير موفق ، ومنها ما تعرض له على الأرض بما يشبه المؤامرة فكان أن خسر السباق وخرج من الجولة الأولى.

أسفرت الجولة الأولى عن منافسة ثنائية بين الفريق شفيق والدكتور مرسى الذى كان قد حاز فى تلك الجولة على أصوات الإخوان بأكملهم والجماعة الاسلامية وبعض السلفيين الغير تابعين للدعوة السلفية وقد كان إجمالى هذه الأصوات مجتمعة حوالى 5 مليون صوت ، وفور إنتهاء الجولة الأولى عقد مجلس إدارة الدعوة إجتماعاً طارئاً مع مكتب الإرشاد من أجل التنسيق فى دعم الدكتور مرسى ، وقد كان وتم الاتفاق على أن تتولى الدعوة الحشد الجماهيرى للدكتور مرسى فى الشوارع وعن طريق حملات طرق الأبواب ، وذلك لثقة عموم الناس في أعضاء وأبناء الدعوة مع وجود موجه من الغضب بدأت تتنامى تجاه جماعة الأخوان بسبب بعض المواقف التى قام بها الاخوان فى ذلك الوقت ، إضافة إلى التقييم السلبى من عموم الناس لشخص الدكتور مرسى.

قاتل أبناء الدعوة السلفية بكل شراسة لإنجاح مرشحهم على الرغم من أنهم لم يكونوا مقتنعين به من البداية ، ولكن بعد أن ضاقت الاختيارات  لم يكن هناك مفر من هذا الاختيار ، وحشد أبناء الدعوة عموم الناس وعامتهم للتصويت لصالح الدكتور مرسى للدرجة التى ظن الناس معها أننا أصبحنا إخوان أو أننا عقدنا معهم صفقة ، وبعد سجال مرير أسفرت الجولة الثانية عن نجاح الدكتور مرسى بفارق 8 مليون صوت عن الجولة الأولى ، لا أدعى أنهم ملك للدعوة السلفية فقط ولكنهم جاءوا عن طريق جهودها وعملها الدؤوب على الأرض.

والذى يهمنا فى هذا المقام هو التأكيد على أننا إذا قطعنا على أنفسنا أمراً إلتزمناه سراً وعلناً بدون فرق ولله الحمد والمنة ، وهذه هى السياسة النظيفة النقية المبنية على الصدق والأمانة والشفافية وليس على الغش والخداع والمكر.

ثانياً : الموقف من الانتخابات الرئاسية 2014:-

بنفس درجة الوضوح التى ذكرناها آنفاً ، أعلنت الدعوة السلفية تأييدها ودعمها للمشير عبدالفتاح السيسى لأسباب كثيرة أوضحناها فى موضعها بما لا يحتاج إلى مزيد شرح وبيان ، وبغض النظر عن رأى المخالفين وما يطرحونه من تساؤلات فإن ما يهمنى هنا هو أن أوضح أننا قمنا بإتخاذ قرار وقمنا بالوفاء به ولمن أعطيناه وعداً بذلك بعيداً عن درجة " إختيارنا أو اضطرارنا ة " لذلك.

والمتأمل فى المشهد الانتخابى الأخير سوف يجد مركباته ممثلة فيما يلى :-

(إقبال ضعيف من النصارى بما يعنى أنه لم يكن هناك حشد أو توجيه + تخلى تام من رجال المال وأصحاب النفوذ على الأرض مع قدرتهم على حشد أصوات كثيرة بطرق مختلفة + قصور فاحش من حملته التى لم يظهر لها أثر لا على الأرض ولا فى أى مكان آخر + هجوم إعلامى ضارى على العملية الانتخابية يوجه الناس توجيه سلبى نحو عدم المشاركة وليس العكس).

وفى ظل هذه الخيانة الواضحة من جميع ما سبق فإن الدعوة السلفية قامت بواجبها وأوفت بوعدها بل ضاعفت من جهودها من أجل جبر الخلل المترتب على خلو اللجان الانتخابية ممن سبق ذكرهم ، ونحن نؤمن إيماناً جازماً أن الصدق منجاة وأن الخيانة عاقبتها وخيمة فى الدنيا والآخرة وهذا الذى ربما يعصمنا من مهلكات لا قدرة لنا بمواجهتها أو التصدى لها.

ثالثاً : الموقف من عزل الدكتور محمد مرسى:-

وقفت الدعوة السلفية مع الدكتور مرسى منذ يومه الأول فى مؤسسة الحكم ولا عجب فى ذلك فهو مرشحها الذى دعمته وكانت سبباً أساسياً بعد الله عزوجل فى فوزه ونجاحه ، استمر هذا الدعم بإخلاص وتفانى حتى اتهمنا من اتهم بأننا نسير فى ركاب الإخوان وأننا ندور فى فلكهم وما انتبه هؤلاء أننا نحاز دائماً الى اختيار الشعب والى كل ما يحافظ على بقاء الدولة وتماسكها ، والدليل على ذلك أننا قمنا بالاعتراض على سياسة الاخوان لما وجدناها تتصادم مع مؤسسات الحكم تصادماً متهوراً ، ثم وجدناها على الجانب الآخر أعطت ظهرها للشعب وتخلت عن كل حلفائها وشركاء النجاح معها ، وبالتالى كان لابد من وقفة اعتراض علنى واضحة على ما يجرى خصوصاً بعدما فشلت النصائح السرية وبعدما أغلقت الجماعة أبوابها أمام كل ناصح.

 ولكن - مع كل ذلك - لم ننادى بإسقاطه ولم نخرج عليه بل كانت تصريحاتنا الرسمية حتى منتصف يونيو 2013 تؤكد على أن شرعية الرئيس خط أحمر لا يمكن تجاوزه وذلك حفاظاً على التجربة الوليدة من أن تموت فى مهدها، ولكن للأسف لم يكن الإخوان على قدر من المسئولية يُمكنهم من تفهم الواقع والتعامل معه كما ينبغى واستمر الاخوان فى عنادهم وظلت مؤسسات الدولة على تمردها وزادت حدة الثورة والغضب فى الشارع إلى أن اهتزت الصفة الرسمية للرئيس بإعلان القوات المسلحة عن مهلة الأسبوع ثم تأكدت بعد مهلة الـ 48 ساعة ثم زالت بالكلية فى يوم 2/7/2013 ، ثم بدأت الدولة بداية جديدة فى يوم 3/7/2013 معلنة عن خريطة جديدة للفترة التالية فكان أن تعاملت الدعوة السلفية مع السلطة الجديدة أيضاً من نفس المنطلق ولذات الأهداف التى تعاملت بها منذ بداية الأحداث.

الخلاصة :-

يعلم الله عزوجل أننا ما قمنا بإتخاذ هذه المواقف إلا من أجل نيل رضا الله عزوجل وحرصاً على مصلحة البلاد والعباد ، وقد كان بإمكاننا - لو أننا نتاجر بآلام الناس أو ندغدغ عواطفهم - أن نزج بهم فى مواجهات مفتوحة وغير متكافئة ، أو أن نرتدى ثوب العنترية الزائفة ونستخدم حناجرنا وأصواتنا العالية ، ثم إذ جد الجد وإدلهم الأمر فررنا هاربين خارج البلاد أو داخلها تاركين وراءنا كل من غررنا بهم أو تلاعبنا بعواطفهم وهم يعانون القتل أو الجرح أو الأسر ونستكمل نحن مسيرة الجهاد المقدس من فنادق الدوحه أو مطاعم اسطنبول.

ورسالة أخيرة إلى إخواننا الناقمين على مواقفنا أو الرافضين لقراراتنا : والله ثم والله ما فعلنا ذلك إلا حفاظاً عليكم فى أنفسكم ودينكم ودعوتكم ، وأظن أن الواقع يكشف لكم يوماً بعد يوم الكوارث التى تسبب فيها من اتخذ طريق العنف والتصادم ثم هو الآن يسعى بكل قوة للعودة إلى المسار السلمى سواء كان دعوياً أو سياسياً أو مجتمعياً ولكن للأسف بعدما دمر تاريخه ومؤسساته ، وضحى بأبناءه وأتباعه وغاية ما يتمناه الآن هو أن يعود إلى نقطة الصفر مرة أخرى!!

فهل يوجد عاقل أنعم الله عليه وعافاه من هذه البلايا ، فيقوم هو ليدفع نفسه ودعوته الى نفق مظلم ويصير طموحه الانحدار الى الهاوية بدلاً من مواصلة السير نحو القمة ؟! اللهم إهد إخوانى  وأت بهم آمين.

تم نسخه بتاريخ 3/6/2014

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة