الأربعاء، ١ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ ، ٠٨ مايو ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفلوجة ضحية الإرهاب الطائفي مرتين!

إن لم يكن لنا اليوم موقف حازم من هذه الجرائم والسياسات فإننا سنكون على موعد ولا بد مع فلوجات ومضايات وتعزات كثر في قابل الأيام

الفلوجة ضحية الإرهاب الطائفي مرتين!
أسامة شحادة
الأحد ٢٤ أبريل ٢٠١٦ - ١٤:٢٦ م
1103

الفلوجة ضحية الإرهاب الطائفي مرتين!

كتبه/ أسامة شحادة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

لم نكد نأمل برفع الحصار عن مضايا وأخواتها في سوريا، وتعز في اليمن، حتى جاءت الصرخات من الفلوجة في العراق، والتي يموت أهلها جوعا وتفجيرا من قبل المليشيات الشيعية التي تحاصر سكان الفلوجة البالغ عددهم 100 ألف نسمة منذ سنتين بحجة محاربة داعش!
وبالمقابل قامت داعش بالسيطرة على الفلوجة، وهجّرت في البداية معظم أهلها، وفعلت ذلك بحجة محاربة الرافضة والمليشيات الشيعية!
لقد كنا نظن أن حكايات التاريخ عن جرائم التتار بحق أهل العراق؛ من الحصار والجوع والقتل والتعذيب طواها التاريخ، وأنها انطوت على مبالغات لاستدرار العواطف، فإذا الواقع يصفعنا بكل قسوة بجرائم أشد مما دونته محابر المؤرخين السابقين، وإذا بجرائم التتار الذين جاءوا لهدم الدين والإسلام والمسلمين، أقل بطشا من هؤلاء الطائفيين الإرهابيين الذين يدّعون حمل راية الدين!
وكانت النتيجة أن من بقي من أهالي الفلوجة، وهم بعشرات الألوف تتساقط على رؤوسهم القنابل والبراميل المتفجرة من السماء، والتي تطلقها المليشيات الشيعية، ولا يجدون ما يأكلونه إلا حشائش الأرض التي لا تصلح إلا للبهائم، بفضل الدواعش الذين لا يهتمون بحياة الناس.
يبدو أن الطرفين (الميلشيات الشيعية والدواعش) مسروران وسعيدان بما يلاقيه سكان الفلوجة، فالطرفان يعتبران سكان الفلوجة -الذين لا يؤمنون بما يؤمنون هم به- كفار لا يستحقون الحياة، ولذلك نرى بعض نواب التيار الصدري يغردون على تويتر بقتل وذبح كل سكان الفلوجة، ونرى الدواعش يهددون من يحاول الخروج من الفلوجة بالقتل.
كل هذا والطرفان يزعمان أنهما يطبقان الإسلام ويسعيان لرفع لوائه، حتى نعرف حقيقة دين هؤلاء الإرهابيين والطائفيين، وأنهم جميعا من أشد الناس مخالفة ومصادمة وانتهاكا للإسلام بتكفير الأبرياء، والمساهمة في تعذيبهم وقتلهم، وكل هذا يجري على مشهد من الناس والإعلام والحكومات والعالم، مما يكشف عن مدى تواطؤ جهات عديدة في هذه الجريمة البشعة بحق الإنسانية.
ومن الجرائم التي تمارس بحق أهل الفلوجة امتناع الحكومة الطائفية، والقوى الدولية عن إيصال المساعدات الغذائية لهم عبر الإسقاط الجوي كما تم في أماكن أخرى.
بالمقابل فإن إصرار الميلشيات الشيعية على اقتحام الفلوجة والذي تعارضه القوات الأمريكية وتطالب باستبداله بقوات عشائرية تنتمي للسنة تجنبا لتكرار جرائم الحشد الشيعي بحق المناطق السنية، من أسباب تجمد العمليات ضد داعش في الفلوجة
الطرفان يستغلان شعارات مقاتلة الخصم (الميلشيات – داعش) لتنفيد أجندتهما الخاصة على حساب أرواح أهل الفلوجة من السنة الأبرياء، فالميلشيات تهدف لإبادة المكون السني في العراق عبر تهجيرهم وقتلهم والتخلص منهم، بينما داعش تسعى لجر مناطق السنة للصراع والاصطدام بدول الجوار السنية كالأردن والسعودية!
كل هذا يجري وسنة العراق المشاركون في اللعبة السياسية أصبحوا في دائرة الاتهام بالتواطؤ في هذه الجريمة البشعة، فلا هم أنقذوهم، ولا هم أدانوا قاتليهم بشكل مباشر، بل لا يزالون يجمّلون سمعة المجرمين.
أما الدول السنية فقد تهاونت كثيرا في نصرة إخوانهم الذين يسامون سوء العذاب من وقت طويل، ولا تزال الخطوات لنصرتهم بطيئة، ولا تأثير لها في إنقاذ من تبقى منهم، وهذه جريمة سيحاسب عليها الكثيرون في الدنيا في ميزان التاريخ، وفي الآخرة في ميزان الله عز وجل.
إن نصرة الأبرياء في الفلوجة وفي غيرها من المناطق من القتل بالجوع لهو من أوجب الواجبات على الجميع، وإن مقاتلة الإرهابيين والطائفيين وكف شرهم هي السبيل الوحيد لإنهاء هذه الجرائم البشعة.
ويجب الحذر من التفريق بين الإرهابيين الطائفيين، فقسم يحارب وقسم يفاوض، فهذا لن يجلب إلا مزيدا من الخراب والهلاك، فالإرهاب والطائفية جريمة لا تجزء، وليس منه قسم حميد وقسم ردىء، وإن الإرهاب والطائفية اللذين يمكنهما تبديل جلدهما والظهور بمظهر رجالات الدولة وملتزمي القانون لهما أشد خطرا وإجراما عبر التاريخ.
وختاما إن لم يكن لنا اليوم موقف حازم من هذه الجرائم والسياسات فإننا سنكون على موعد ولا بد مع فلوجات ومضايات وتعزات كثر في قابل الأيام، وقديما قال الشاعر:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة * فإن فساد الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يوما بقدرة * وبادرهم أن يملكوا مثلها غدا

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً