الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

حتى يفتحها الله -عزّ وجلّ-!!

أشعر أن هذا كلام الرب.. قلبي يهتز من مكانه

حتى يفتحها الله -عزّ وجلّ-!!
عصام حسنين
الأربعاء ١٤ ديسمبر ٢٠١٦ - ١٥:٢٨ م
1253

حتى يفتحها الله -عزّ وجلّ-!!

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

فللّه تعالى المشيئة النافذة في خَلقِه؛ فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فَعّالٌ لِمَا يُريد، ولا يكون في ملكه إلا ما يريد -سبحانه وتعالى- "فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ" البروج (16) "إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ" الحج (18) " لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ" الأنبياء (23) .. والهداية والإضلال بيَدِه وحدَه؛ فمن هداه للإيمان فبفَضْلِه، ومن أضَلَّه فبعَدْلِه، وله الحُجّة البالِغة فيما يفعل، ولا يظلم أحداً "وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" فصلت (46)، "قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ" الأنعام (149) "مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" الأنعام (39).

سبحانه سبحانه، من أراد هدايته شرح صدره للإسلام، ومن أراد أن يضله يجعل صدره ضيِّقًا حَرِجًا كأنّما يَصَّعَّد في السماء!!

سبحانه، جعل على القلوب أقفالًا وأكنانًا فلا يدخلها خير ولا يخرج منها كُفر حتى يفتحها -عزّ وجلّ- بفضله وكرمه، فتمتلئ خيراً -من محبته وتعظيمه وخشيته ومهابته-، وانقياداً وتسليماً له، وقبولاً لما شَرَعه، وإخباتاً واستكانةلأمره، فلا يبقى فيها مكان لغيره، ثم يفيض هذا النور والخير على الجوارح، فتراها تتسابق للعمل بمرضاته كما قال الله -تعالى- عن موسى -عليه السلام: "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ" طه (84).

تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله تعالى "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" محمد (24) وكان عنده شاب من أهل اليمن؛ فقال: "بل عليها أقفالها حتى يكون الله تعالى يفتحها أو يفرجها"؛ فأعجبت عُمَر -رضي الله عنه-، فما زال في نفس عُمَر -رضي الله عنه- حتي ولي فاستعان به!!. رواه ابن جرير.

نعم، على القلوب أقفال، وعلى الآذان أثقال، وعلى العيون أختام؛ فتراه يرى الآيات ويسمعها ويَمُرّ بها كأن لم يرها ولم يسمعها، فلا اعتبار ولا تعقُّل، كما قال تعالى: "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ" الأعراف (179)..

يظل هكذا حتى يفتحها الله تعالى في لمحة!، وفي لمحة تأتي الصّلحة مع الله؛ فيستمع بأذنه استماع انتفاع، ويرى بعينيه رؤية انتفاع؛ فيتغير حاله في لحظة، فإذا به يبكي ويندم ويستغفر مما كان عليه، ويعزم على الاستسلام لله تعالى والسعي في طاعته ومرضاته.

فسبحان الله العظيم من هذا المشهد العجيب الذي هو آية من الآيات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

كيف يتحول الإنسان في لحظة من حال إلى حال، من عدو لله ورسوله ولعباده المؤمنين إلى ولي حميم لله ولرسوله ودينه وعباده المؤمنين!!.

قدكان قلبه جامدا قاسياً، وكانت جوارحه تتسابق للعصيان، فإذا به يتحول تمامًا إلى رِقّة وبكاء وطاعة للرحمن، ونصرة لله ودينه ورسوله -صلى الله عليه وسلم-!!.

إنها الهداية، أعظم النعم على الإطلاق!، من فضّله الله بها فقد فاز!، قال الله تعالى: "مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" الأعراف (178)، "اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ" الشورى (13)، "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب (71).

ومن نظر في قصص من هداهم الله -تعالى- وجد ذلك، ومن هذه القصص الحية المصورة:

 قصة عجوز أسباني جاوز الثمانين يدخل محلاً لأحد المغاربة المسلمين في أسبانيا، وتلاوة قرآنية عذبة مسجلة من سورة التوبة بصوت الشيخ المعقيلي -حفظه الله- تنبعث من مسجله، يُنصت العجوز للتلاوة ثم يقول للبائع المسلم:

كيف حالك؟.. ما هذا ؟.. أنا أشعر بإحساس غريب!!.. حاجة بتحرك مشاعري؟!!

قال البائع: أول مرة تسمعه؟ قال: لا، سمعته قبل ذلك، ولكن ليس كذلك..

يقف يستمع مرة أخرى متأثراً ويقول: في حاجة في قلبي! ويقف يستمع والدموع تذرف من عينيه!!..

فقال البائع: هذا هو القرآن الكريم.

فجاء بائع آخر فقال: تشعر بطمأنينة وسكينة؟

قال: أشعر أن هذا كلام الرب.. قلبي يهتز من مكانه. (يقولها بمنتهى التأثر وهويستمع للآيات مع أنه لا يعرف اللغة العربية).

ثم قال: أريد أن أعرف عن دينكم.

قال البائع: تعال، سنعلمك ديننا!!.

جزاه الله خيرًا. (الترجمة منقولة من أحد المقاطع المصورة "فيديو").

انظر -يا رعاك الله- لعباراته الصادقة -وهو رجل أجنبي لا يعرف اللغة العربية- (أشعر بإحساس غريب - حاجة تحرك مشاعري - في حاجة في قلبي - أشعر أن هذا كلام الرب - قلبي يهتز من مكانه).

مع أنه قد سمعه من قبل، يسأله البائع: (أول مرة تسمعه ؟!! قال: لا، سمعته قبل ذلك، ولكن ليس كذلك)

نعم، على القلوب أقفالها حتى يفتحها الله -عزّ وجل-.

نعم، لقد كان على قلبه قفلاً حتى فتح الله قلبه في لحظة، فإذا قلبه يتحرك بالإيمان، وإذا عيناه تذرفان)!!

سبحانك سبحانك، تهدي من تشاء فضلاً ومِنّةً..

فاللهم اهدنا، وزدنا هُدى، وثبتنا على الهداية حتى نلقاك عليها. وارزقنا قلباً صادقاً، وعلماً نافعاً، وجسداً على البلاء صابرا.

سبحان الله .. والحمد لله .. ولا إله إلا الله .. والله أكبر .

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً