الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالجمادات!

جميع الكائنات تؤمن بنبوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم

رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالجمادات!
إيهاب شاهين
الأحد ٠٥ مايو ٢٠١٩ - ١٨:٢٠ م
760

رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالجمادات!

كتبه/ إيهاب شاهين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلعل عنوان المقال يثير عجب البعض، فيتساءل: هل الجمادات تشعر أو لديها إحساس حتى يقع عليها رحمة العباد؟!

والإجابة على هذا التساؤل: نعم.

الجمادات لها شعور وإحساس، وحب وميل، بل بكاء وأنين، وهذا الذي حدا بنبينا -عليه الصلاة والسلام- أن تقع شفقته على هذا العالم مِن المخلوقات، وقبل أن نذكر بعض مواقفه -عليه الصلاة والسلام- في رحمته بالجمادات، نذكر طرفًا مِن عبودية الجمادات حتى يزول عجب القارئ أو السائل.

الله -سبحانه وتعالى- خلق في هذه الجمادات إدراكًا حقيقيًّا، فهي تسبح وتحمد الله -عز وجل-؛ حتى الحجر والجدار، كما قال -تبارك وتعالى- في الجدار: (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ) (الكهف:77)، خلق الله فيه إرادة؛ ولذا قال: (يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ)، وقال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ) (الحج:18)، وفي هذه الآية قرينة واضحة على أن السجود هنا سجود حقيقي، والخلاف هو في كيفية السجود، ونحن نعرف فقط سجودنا نحن؛ إذ نسجد على سبعة أعضاء، أما ما عدانا مِن الكائنات فهي تسجد، لكننا لا نعرف هذه الكيفية.

وقال -تعالى-: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (الإسراء:44)، فكل هذه الكائنات مسلمة بالله -عز وجل-، كما قال -سبحانه-: (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) (آل عمران:83).

وليس هذا فحسب، بل جميع الكائنات تؤمن بنبوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، في حين عمي كثير مِن الإنس الذين أوتوا العقول ورأوا الآيات عن هذا الحق، وكذبوا برسالته -صلى الله عليه وسلم-! فعن جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، إِلَّا يَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا عَاصِيَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

وهذه بعض الأحداث التي وقعتْ للنبي -صلى الله عليه وسلم- مع الجمادات:                   

- عن جابر -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُومُ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلَى شَجَرَةٍ أَوْ نَخْلَةٍ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، أَوْ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَجْعَلُ لَكَ مِنْبَرًا؟ قَالَ: (إِنْ شِئْتُمْ)، فَجَعَلُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ دُفِعَ إِلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ صِيَاحَ الصَّبِيِّ، ثُمَّ نَزَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّنُ. قَالَ: (كَانَتْ تَبْكِي عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَهَا) (رواه البخاري).

- وعن يعلى بن مرة -رضي الله عنه- قال: سِرْنَا فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَنَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الْأَرْضَ حَتَّى غَشِيَتْهُ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَكَانِهَا، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذُكِرَتْ لَهُ، فَقَالَ: (هِيَ شجرةٌ استأذَنَتْ ربّها -عز وَجل- أَنْ تُسَلِّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَذِنَ لَهَا) (رواه أحمد، وقال الألباني: صحيح بشواهده).

- وقد تحرك الجبل فرحًا به -صلى الله عليه وسلم-: عن أنس -رضي الله عنه-: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَعِدَ أُحُدًا، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَالَ: (اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وَصِدِّيقٌ، وَشَهِيدَانِ) (رواه البخاري).

- وكذلك الأحجار كانت تسلِّم عليه -صلى الله عليه وسلم-: عن جابر بن سمرة أن النبي -صلى الله عليه سلم- قال: (إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ الْآنَ) (رواه مسلم).

- كما عبَّر -صلى الله عليه وسلم- عن حُبه للجمادات: فعن أبي حميد -رضي الله عنه- قال: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ قَالَ: (هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ، جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) (متفق عليه).

والحمد لله رب العالمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً