الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

همسة محب!

فما أحوجنا إلى القرآن لتكثير الحسنات

همسة محب!
أحمد فريد
السبت ٠٦ يوليو ٢٠١٩ - ١٦:٤٢ م
1425

همسة محب!

كتبه/ أحمد فريد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فهذه همسة حب، وباقة ورد، أهديها لمَن قرأ كتابي حتى ينتفع بما قرأ، ويعمل بما علم؛ الذكر هو أفضل الأعمال، كما قال -عز وجل-: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) (العنكبوت:45)، وهو الباب المفتوح بين العبد وربه ما لم يغلقه العبد بغفلته.

قال الحسن البصري: "التمسوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وتلاوة القرآن، فإن وجدتم؛ وإلا فاعلموا أن الباب مغلق".

والذكر يغني عن غيره مِن الطاعات، ولا تغني جميع الطاعات عن ذكر الله -عز وجل-، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ عَجَزَ مِنْكُمْ عَنِ اللَّيْلِ أَنْ يُكَابِدَهُ، وَبَخِلَ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ، وَجَبُنَ عَنِ الْعَدُوِّ أَنْ يُجَاهِدَهُ، فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللهِ) (رواه الطبراني، وصححه الألباني).

والثواب الذي ترتب على ذكر الله، لم يترتب على غيره مِن الأعمال، كما قال خباب بن الأرت -رضي الله عنه-: "تقترب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيءٍ أحب إليه من كلامه".

وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "لئن أسبح الله -عز وجل- تسبيحات، أحب إلي مِن أن أنفق عددهم دنانير في سبيل الله"؛ فهذا بيان ثواب الذكر، وتلاوة القرآن هي أفضل الذكر، فكل حرف مِن القرآن بعشر حسنات، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

فالمحروم مَن حرم مِن هذا الخير العميم والرزق الكريم، فلو أن كلمة واحدة من القرآن فيها عشرة حروف، يكون ثوابها مائة حسنة؛ فكيف بمَن قرأ ربعًا واحدًا، وكيف يكون ثواب من قرأ جزءًا، أم كيف يكون أجر من له ورد قرآني: خمسة أجزاء أو عشرة أجزاء يوميًّا؟!

وإذا كُشف الستار عن ثواب الأعمال يوم القيامة، يتحسر ناس كثير ويقولون: ما كان شيء أيسر علينا من ذكر الله -عز وجل-!

وســوف تـرى حـيـن ينجـلي            الغبار أفرس تحتك أم حمار؟

ولذا قالوا: "مدمن الذكر يدخل الجنة وهو يضحك"، فحركة اللسان أيسر حركات الجوارح، والثواب المترتب على حركته بالذكر لم يترتب على غيره من الأعمال.

- فما أحوجنا إلى القرآن لتكثير الحسنات.

- وما أحوجنا إلى القرآن لتكفير السيئات، فإن الحسنات يذهبن السيئات.

- وما أحوجنا إلى الاستشفاء بالقرآن، وقد كثرت الشبهات والشهوات.

- وما أحوجنا إلى القيام بالقرآن: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا) (المزمل:6).

- وما أحوجنا إلى القرآن لتنهض الأمة من كبوتها، وتعود إلى سالف عزتها وكرامتها.

- وما أحوجنا إلى القرآن لرفعة قلوبنا؛ شكا رجل إلى الحسن البصري قساوة قلبه فقال: "أذبه بالذكر".

- والقرآن أعظم الذكر، وقد قال الله -تعالى-: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) (الحديد:16).

- وما أحوجنا إلى القرآن، لنرتفع به في الدنيا والآخرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ) (رواه مسلم).

- وما أحوجنا إلى القرآن؛ نتحاكم إليه، ونرضى به ونسلِّم تسليمًا، قال -تعالى-: (فلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء:65).

- وما أحوجنا إلى القرآن نزداد به إيمانًا، قال -عز وجل-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال:2).

- وما أحوجنا إلى الرقية بالقرآن وقد كثرت الأمراض والأوجاع.

- وما أحوجنا إلى الاشتغال بالقرآن، حتى نكون أهل الله وخاصته.

- وما أحوجنا إلى شفاعة القرآن يوم القيامة، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه.

- وما أحوجنا إلى محبة القرآن، فمَن سره أن يعلم أنه يحب الله، فليعرض نفسه على القرآن، فإن أحب القرآن، فإنه يحب الله، فإن القرآن كلام الله.

- وما أحوجنا للقرآن حتى تستقيم ألسنتنا على اللغة العربية الصحيحة الفصيحة.

- وما أحوجنا إلى القرآن حتى نواجه حملات التغريب والتشكيك والإلحاد، فإذا تحصن أبناؤنا بالقرآن كانوا أجدر على مواجهة هذه الأمواج العاتية من الأفكار الغربية الكافرة.

- وما أحوجنا إلى القرآن والسنة، ومعرفة سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى نسلم من الغلو والانحراف عن الجادة.

قيل للحسن البصري: "سبقنا القوم على خيل دهم، ونحن على حمر معقرة -أي: مجرحة-. فقال: إن كنت على طريقهم فما أسرع اللحاق بهم".

وقيل: "يا مَن انحرف عن جادتهم، كن في أواخر الركب، ونم إذا نمت على الطريق، فالأمير يراعي الساقة - أي: مؤخرة الجيش-".

فالله الله في القرآن، لا تحرموا أنفسكم وأولادكم منه، فتحرموا مِن أسباب السعادة والرفعة، والخير، والبركة في الدنيا والآخرة.

هذه همسة محب، ونصيحة مشفق، أسأل الله أن ينفعني وإياكم بها.

وأسأل الله -تعالى- ألا يكون هذا آخر العهد بالكتابة، وأن يرزقنا الحسنى وزيادة.

والله المستعان، وعليه التكلان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة