الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الفساد (50) الجوانب السلبية في العملية التعليمية (2-6)

الفساد (50) الجوانب السلبية في العملية التعليمية (2-6)
علاء بكر
الأربعاء ١٥ أبريل ٢٠٢٠ - ٠٩:٣٥ ص
502

الفساد (50) الجوانب السلبية في العملية التعليمية (2-6)

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

(فلقد شهدت مصر خلال تاريخها الحديث منذ أيام "محمد علي" مؤسس الدولة الحديثة نظمًا تجسدت في مزيجٍ مِن حكم يقوم على السلطة الأبوية والأوتوقراطية والبلوتقراطية، نجم عنها تقييد حرية الإنسان المصري، وجعلته معوقًا لا يتمتع بحرية الحركة والمبادأة، والمبادرة والفعل، قليل الثقة في نفسه)، (وشاعت مظاهر الفساد واضطراب القيم، ليظل هاجس السكون والخوف ملبِّدًا أجواء الحياة بسحاباته القاتمة ونذر رعده؛ مما أحدث كثيرًا من التوترات والاختناقات في حياة الأفراد والجماعات.

ونجم عن ذلك: إسناد التخلف وإسقاطه على عوامل خارج الذات مصحوبًا بالمطالبة بالحقوق دون الوفاء بأداء الواجبات، ثم إن مخاطر الاستبداد لا تقتصر على أفاعيله الظاهرة من مختلف صور القهر والتعسف، لكنه يسعى في كثيرٍ من الأحيان إلى أفاعيل من الدهاء والتزييف والتبرير وخلق الأوهام الطوبائية أو المرعبة أو الشعارات المزيفة، وهو بهذا يهدهد أو يسكر أو يبهر أو يخادع أو يميع أو يشغل هموم الشعب بقضايا تافهة، وبذلك يستهدف إهدار رغبته وقدراته على المشاركة، بل على المقاومة والنهوض، وبوعي أو بدون وعي يستبطن الشعب مخدوعًا بهذه الوعود والهواجس والمخاوف ليصبح الشعب ذاته -بعضه أو معظمه- مِن عوائق التجديد والتغيير).

(إن مثل هذه الأفاعيل لا تخدم إلا نظام الانفراد بالسلطة، ولا تفرز إلا تهميش الدور الحقيقي لسائر قوى المجتمع، وقد يرفع شعارات عن الحرية والديمقراطية مما تسكن نصوص القوانين والقرارات، لكنها لا تسكن الحياة الحقيقية للأفراد ومنظماتهم وللمجتمع كله، ولهذا الأسلوب المزيف انعكاساته في عديدٍ مِن الإصلاحات والإجراءات في التعليم، ظاهرها للجودة وباطنها للحودة عن الطريق المستقيم!).

وعلينا أن نحطم مصادر الخوف، وأن نعلن أن مصر جديرة بحياة وآليات نظم ديمقراطية بدأت تتأسس مرحلة مرحلة؛ لقد تحررنا من الصمت والخوف إلى ممارسة حقنا في المشاركة الديمقراطية لتأسيس حياة كريمة، ومع هذا الإطار الديمقراطي المجتمعي علينا ألا نتأخر أو نتردد في إرساء وإقامة نظام تربوي ديمقراطي أصيل يعلن حق التعليم المتميز للجميع... تعليم ديمقراطي في مجتمع ديمقراطي.

(إن طريق السياسات التربوية خلال العقود الخمسة الماضية ظلت خاضعة أسيرة تحجمها الضغوط السياسية وتحدد مساراتها من حيث الإذعان الصارم لسياسة الحكم ومصالح السلطة الحاكمة ورفاقها من أصحاب المصالح من التجار والرأسماليين، ومِن ثَمَّ كان من العسير تطور التعليم الحكومي الذي كانت مشكلات تجمده الأكاديمي مجالًا للنقد الذي تم قبوله والتسلي بأوضاعه المتخلفة والمهترئة.

ومن مظاهر ذلك: أن أصبح التعليم باللغة العربية تعليمًا للفقراء ومحدودي الدخل، ونما التعليم الخاص بلغته الأجنبية في مدارسه وجامعاته نموًّا كميًّا وكيفيًّا تطمئن له الطبقات الثرية في تعليم أبنائها وبناتها، بل وسياسات التخفيض من إتاحة القبول في التعليم العالي، وغَدَا التعليم الحكومي تعليمًا في الدروس الخصوصية من خلال التلقين والحفظ في امتحانات نمطية).

(وتكاثرت الإصلاحات التي جرت عليه، وليس لها أي تأثير في جسم التعليم وإنعاشه، كما لو أنها من قبيل ذر الرماد في العيون، وامتد بؤس التعليم إلى الجامعات بحرمان طلابها من حق الانتخاب الحر للجان اتحاد تشرف عليه أجهزة الأمن، فرؤساؤها من قيادات الحزب الوطني، وكتب أساتذتها عن مجد النظام في السياسة والاجتماع والاقتصاد والتربية.

وخلاصة الخلاصة: أن الطبقة الحاكمة قد هيئت لأبنائها وبناتها تعليمًا متميزًا وفرص عمل وفيرة وثرية)، (لقد تعرضت سياسات التعليم لادعاءات في التجديد وقفزات في مشروعات التحديث ومزاعم في إجراءات الإفادة من نتاج العلم والتكنولوجيا، ومع انغماسها وافتخارها بتلك المشروعات تركت الجسم الضخم من مؤسسات التعليم الحكومي لما أصابه من جمود، وأقصى ما فعلته أن طعمته -أو أفسدته- بإيجاد بعض المدارس أو مراكز في الجامعات لتدرس باللغة الأجنبية وبمصروفات لا تتحملها إلا الشريحة العليا من الطبقة الوسطى.

والخلاصة: أنه حتى التغيير في وزراء التعليم لا يمكن اعتباره تغييرًا في سياسة التعليم، وما كان يقوم به الوزير الجديد ما هو إلا تغيير سطحي هنا وهناك، وليس في قضايا العدل أو في مزيد من فرص الإتاحة لحق التعليم)، (راجع: "المرشد الأمين لتعليم البنات والبنين في القرن الحادي والعشرين"، د. حامد عمار، د. صفاء أحمد - مكتبة الأسرة 2015 م، ص 57 - 58، 65- 66 بتصرف).

وفي سياسات عمليات التغيير والتحول المجتمعي تتردد شكوى بأننا نواجه أزمة مقلقة في التوجه نحو آليات الديمقراطية وسياساتها التربوية، ويتضح هذا حين يتم تفادي المسائل الجوهرية كتكلفة التعليم الحكومي والدروس الخصوصية والسكوت عنها، وغير ذلك مما أطلق عليه جسم البنية التعليمية لا أطرافها، كما ننشغل أحيانًا بمسائل جزئية ونضخم أهميتها وتوجيه الاهتمام بمصلحة أبنائنا الطلاب أو أولياء أمورهم أو (سبوبة) توجيههم لسوق العمل.

(ومع التعليم لا ينبغي اتخاذ مواقف تجاهل الواقع، بل لابد من مواجهتنا لإشكالياته أولًا بأول حتى لا تزداد تراكمًا، ويصعب حلها فيما بعد) (المصدر السابق، ص 56 بتصرفٍ).

يقول د. حامد عمار: (وهذا يعني تخلي الدولة نهائيًّا عن سياسة تسليع التعليم، والعودة إلى تولي مسئولياتها الدستورية والقانونية في كفالة التعليم باعتباره قطاعًا سياديًّا محققًا للأمن القومي، وزيادة معدلات الإنتاج باعتباره استثمارًا إنتاجيًّا إلى جانب كونه خدمة من الخدمات العامة.

وبناء المجتمع الجديد يتطلب تغيير كثير مما تعمق من توجه نحو الاهتمام بتعليم الأقلية؛ سواء في مدارس اللغات أو في الجامعات الأهلية والخاصة، وإعطاء تعليم غالبية الشعب اهتمامًا جانبيًّا، والاكتفاء بأهميته عن طريق شعارات مزيفة ووعود لا تتحقق) (المصدر السابق، ص 64).

(إن اختزال مهمة التربية والتعليم في الوزارة المختصة فقط أو انفراد الوزارة بالعملية التعليمية داخل مؤسساتها دون مشاركة المجتمع هو جور أحيانًا، وأنانية أخرى من الطرفين لا يحقق الأهداف المرجوة، فالتعليم مجتمع) ("التعليم والمجتمع: استعادة الثقة"، تأليف: صفاء محمود المعداوي، وكيل مديرية التربية والتعليم بالقاهرة، ص9).

(أين نحن من مدخلات تعليمية من منهج ومعلم، وقدرات مؤسسة ومناخ تربوي صحي، بل أين نحن كذلك من مجتمع يتشارك بمنهجية ويتآزر بإستراتيجية منظمة، أم إننا أمام مجتمع تخلى تقريبًا عن المدرسة في الوقت الذي يطالبها بتحقيق أهدافه أم أمام مؤسسة انفردت بالعملية التعليمية ولم تستطع أن تدير باقتدار فعاليتها المتشعبة أو صنع شراكة في مجتمعها، فأصبحت تعاني تأرجحًا، واهتزت ثقة نحتاج جميعًا إلى إعادة بنائها من جديد).

ونحتاج لاستعادة هذه الثقة لرؤية للإصلاح مِن خلال:

(1- استعادة ثقة المؤسسة التعليمية في قدرتها في تقويم وتنمية الأداء، وتحقيق الأهداف التربوية المنوطة بها.

2- استعادة ثقة المجتمع في المؤسسة التعليمية وأدائها في التربية والتنشئة والتعليم.

3- استعادة ثقة المؤسسة التعليمية في تضافر المجتمع معها لتحقيق أهدافه التي هي أهدافها أيضًا) (المصدر السابق، ص 6).

إن النهوض بمنظومة التعليم يتطلب:

1- إعلاء شأن المعلم من حيث تأهيله وتدريبه، وتوفير أسباب الحياة الكريمة له، بما يؤهله لبناء أجيال واعية ومثقفة، وعلى قدرٍ كبيرٍ مِن العلم والأخلاق.

2- التركيز في تصميم المناهج التعليمية على توفير الفهم والتجربة والابتكار، وليس على تخزين كميات من المعلومات غير مستوعبة وغير قابلة للاستخدام والتطبيق.

3- تحديد المؤهلات والتخصصات التي تتلاقى مع الاحتياجات المطلوبة لبناء وإدارة الدولة، وكذلك الفرص المتوافرة لتصدير العمالة إلى الخارج.

4- توفير المستوى الجيد من الاختبارات، والتي تكون قادرة على تقديم فرز جيد للمتعلمين بما يوفِّر الثقة في الحاصلين على المؤهلات محليًّا ودوليًّا (انظر: "ثورة يناير وكيف يمكن أن تصبح مصر دولة عظمى: قراءة في معوقات ومحفزات النهضة في مصر"، المهندس أحمد خليل، الناشر القرطسية، القاهرة ط. 2012م، ص 23 - 24).

دور التعليم في تنمية روح الفريق في العمل:

(لعل الشعور العام لدى كثيرٍ مِن المصريين هو إخفاقهم أحيانًا في إحداث إنجازات حقيقية في مجالات العمل من خلال فريق، وأحيانًا فوضوية أو ديكتاتورية الرئيس المباشر في بعض من المصالح الإدارية، بل وتملق بعض من المرؤوسين لتجنب إيذاء قد يحدث مِن رئيسهم المباشر أو إهمالهم في العمل نتيجة لعدم قدرة الرئيس على تقوية روح الفريق).

وبذرة الإخفاق الأولى هي روح الأنانية، (وإذا كان الطفل في سن التحاقه بالمدرسة أناني بطبعه بحكم طفولته المبكرة حيث لم ينخرط اجتماعيًّا بعد من خلال جماعة في الوقت الذي نجد فيه أن المدرسة تؤكد لديه فكرة أنانيته وعدم اهتمامه وتشاركه مع الآخرين، بل دون أن يدري بعض المعلمين فإنه يبني عند الطفل عادة القفز على مساحة الآخرين والاستحواذ عليها دون مبالاة؛ ولذا فمن المهم والضروري تبصير المعلمين بخطورة كلمة أنا)، والتعامل بها في حجرة الفصل، والتي يكثر التلاميذ من تكرارها مع رفع اليد ليجيبوا على أسئلة المدرسين في الفصل ويجدوا التشجيع من المدرسين عليها وعلى تكرارها، فيعتاد عليها وتظهر آثارها العميقة بعد ذلك في المرحلة الثانوية والجامعية وحياته الاجتماعية.

(إن إقامة الأنشطة المنهجية والصيفية والحرة التي يستلزم أداؤها عمل فريق)، و(تبصير التلاميذ بالمردود التربوي السلبي لكلمة أنا، وأن يتدرب التلميذ على رفع يده مشيرًا في حال طلب شيء أو للإجابة على الأسئلة في موضوع الدرس وذلك دعمًا لتكوين الشخصية السوية المتعاونة مع الآخرين).

إن (تعويد التلاميذ على الأنشطة الإنسانية لتلاميذ الفصل والخاصة بهم مع معلميهم، تساعدهم على التواصل الإنساني في السن المبكرة من خلال يوم مفتوح لأنشطة الفصل بشكل دوري تقام فيه الأنشطة المشتركة والتي تساهم في تقاربهم وتفاعلهم واكتشاف قدراتهم ومهاراتهم).

و(تدريب التلاميذ على تشجيع وإطراء بعضهم البعض، وخاصة المبدع منهم والمقدِم على المحاولة، وبث ثقافة التجريب في المواقف التربوية لبناء المهارات العلمية والاجتماعية وتشجيع الحوار والعصف الذهني والفكري في تعلم نشط تفاعلي) (المصدر السابق، ص 31 - 32 بتصرفٍ).

تنمية الانتماء والوعي، وذلك عن طريق:

1- (التواصل مع المؤسسات التربوية لتصميم صفحات تربوية يتضمنها الكتاب المدرسي تهدف إلى تنمية شخصية الطالب ومهاراته الاجتماعية والعلمية، وتنمية علاقاته المدرسية والمجتمعية، تحتوي على بطاقات للقياس الذاتي لدرجة وشكل علاقاته مع البيئة المحيطة به، وتنمية وصقل تلك العلاقة البناءة، وتعزز اهتمامه بالآخرين والأشياء).

2- التأكيد على التعامل مع الأطفال في رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي عن طريق اللغة العربية قبل اللغات الأجنبية الأخرى؛ لتأكيد الهوية دون تذبذب فكري وتربوي في سنهم الغض (انظر: "التعليم والمجتمع"، ص 34).

ويؤكِّد المتخصصون أن عودة اللغة العربية إلى مكانتها بيننا يكمن في ربط أطفالنا منذ الصغر باللغة العربية نطقًا وسماعًا، وقد كانت الكتاتيب في الماضي تقوم بدورٍ كبيرٍ في هذا الشأن.

يقول د. حامد عمار في كتابه: (المرشد الأمين) مبينًا دور اللغة العربية: (والواقع أن الاهتمام باللغة العربية إنما يعزى إلى اعتبارها مكونًا أساسيًّا من مكونات الخصوصية في هوية الشعوب وفي دعائم مفهوم الوطنية وتداعياتها، فاللغة ليست مجرد أصوات أو حروف ينطق بها اللسان، وإنما هي كما سبقت الإشارة إلى ذلك خامة التفكير ولحمته وسدته، وهي منبع التعبير عن الخبرات والمشاعر وموجات التاريخ التي تفصح عن طرائق حياة الأفراد والجماعات؛ إنها من مكونات التفكير عبر الزمان والمكان ومادته، وفي امتداداته وأعماقه، وليست مجرد وعاء أو صندوق يصب فيه التفكير نتاج عملياته.

ومِن ثَمَّ فإن اللغة العربية تعبير عن فكر يرتبط في خصوصياته بمعاني الهوية والوطنية والقومية والذات الثقافية والتراث الحضاري، بما تختزنه من علوم العرب وتاريخهم وتجاربهم عبر الزمان والمكان؛ هذا فضلًا عن كونها لغة التواصل في الحاضر والماضي بكل تجلياته (انظر: "المرشد الأمين"، ص 304).

وتقول الأستاذة سهير أحمد السكري -رئيس دائرة اللغة العربية بالنيابة سابقًا بالأمم المتحدة بنيويورك-: (المشكلة ليست في المنظومة التعليمية، وليست في صعوبة اللغة العربية وقواعدها، وإنما في الأساس الذي تنبني عليه المنظومة التعليمية بكاملها؛ ألا وهو: الأطفال؛ السبب يكمن في مرض الازدواج اللغوي: أي التخاطب بالعامية، أما القراءة والكتابة فبالعربية الفصحى)، (وأي تعديل أو تبديل بالنسبة للغة العربية يجب -وأكرر يجب- أن يكون في تمكين الطفل العربي من اللغة الفصحى قبل سن السادسة، وقبل الالتحاق بالمنظومة التعليمية؛ لأن فترة تعلم اللغة لدى جميع الأطفال هي منذ الولادة وحتى سن السادسة؛ ولذلك إذا كنا بصدد النهوض باللغة العربية بصورة جدية وفعالة فلا بد من تعليمها قبل السادسة.

والحقيقة الثابتة هي أنه دون أساس متين راسخ، فإن أي بناء لا بد له من السقوط، وأي تدريب للمدرسين وغير ذلك من الحلول فهو مجهود ضائع؛ لأن تعليم الطفل دون أساس لا فائدة منه إطلاقًا، والنتيجة واضحة للعيان.

لقد خطط الإنجليز في مطلع القرن الماضي وجعلوا التعليم الإلزامي يبدأ من سن السادسة أي بعد انتهاء فترة تعلم اللغة الفطرية التلقائية، وتكون رسخت اللغة العامية على كونها الأساس الوحيد بالنسبة لتكوين الطفل اللغوي ليبدأ تعليمه دون أساس من اللغة المستخدمة للقراءة والكتابة؛ فما فائدة البناء على أساس لا وجود له؟!

ولماذا لا نغير سن التعليم الإلزامي إلى سن الثالثة كما كان عليه النهج أيام التعليم السليم قبل الاحتلال البريطاني؟!

فلنبدأ بتعليم اللغة العربية الفصحى منذ سن الثالثة، وكذلك الإنجليزية والفرنسية لنبني الأساس أولًا، ونغلق صنبور الأمية، وعندئذٍ فقط نطبق الحلول المطروحة للمنظومة التعليمية كمرحلة ثانية قبل فوات الأوان) (انظر: جريدة الأهرام - عدد الجمعة 3 يناير 2020م، ص 12).

3- تدريس مادة التربية الوطنية في المرحلة الابتدائية بالشكل الذي يتناسب مع السن المبكرة للتلاميذ، وتنشئتهم تجاها نحو الشخصية الوطنية المصرية.

4- تنظيم الأنشطة القومية التي تساهم في تشكيل الوجدان الوطني لدى الطلاب، مثل: الأـنشطة التي تدعم الترابط بين مدن القناة والمدن المصرية الأخرى، وإنشاء المهرجانات السنوية التي تقام فيها الأنشطة الطلابية على المستوى القومي لتأصيل الثقافة المصرية ووحدة الوجدان.

5- إقامة المهرجان السنوي للنوبة والصعيد، وكذلك إقامة الملاعب الأوليمبية والرعاية الرياضية لتشكيل فريق كرة القدم والألعاب الأخرى لتمثل مصر في المحافل الرياضية والأوليمبية.

6- التواصل مع الشئون المعنوية للقوات المسلحة يمكن أن يتم تنظيم رحلات صيفية لطلاب الثانوي العام لمعايشة عبور قناة السويس وزيارة أطلال خط بارليف، وإقامة (بانوراما) على الجانب الشرقي من قناة السويس يزورها الطلاب يشاهدون فيها أبطال حرروا وحافظوا على أرض مصر في سيناء.

7- التأكيد على البُعد الإنساني للطالب من خلال أنشطة ومسابقات عن شخصيات أثرت الفكر الإنساني في العالم وقدمت للبشرية خطوات التقدم والتعرف على ثقافات العالم لمنح الطالب الرحابة الفكرية والإنسانية.

8- التعرف على حضارات مصر عبر تاريخها والأسس الإنسانية التي قامت عليها من الفرعونية والقبطية والإسلامية، وإقامة أسابيع ثقافية دورية عنها (التعليم والمجتمع، ص 33 - 35 بتصرفٍ).

تقويم سلم الترقي الإداري:

يعاني الميدان التعليمي من ظاهرة ما يمكن أن يسمَّى بـ(الضمور القيادي) مما يؤثر سلبًا على جودة العملية التعليمية، والذي كان من نتائجه عدم تواجد عدم صفوف متتالية من القيادات تم تأهيلها وتدريبها وانتقائها من قبل من خلال سلم إداري يسير في بطاقته الوصفية والمهنية بشكل تصاعدي وشفاف.

وبالإضافة إلى ذلك: نجد ظاهرة الندب أو الاستعانة من جهات أخرى غير الوعاء التعليمي، وخاصة في مواقع متقدمة من السلم الإداري؛ مما يفقد الميدان المهني ديناميكية التواصل بين الجسد التعليمي وقمته، وتبني القاعدة العريضة لمشاكله أو حلول تلك المشاكل أو مع الاتفاق بالحاجة إلى الاستعانة بكوادر داعمة من خارج المؤسسة؛ ذلك الواقع الذي امتد لسنواتٍ طويلةٍ، وترسخت رواسبه؛ فأصبح الميدان التعليمي يتوقع في غالب الأحيان أن أعلى مرتبة قيادية يمكن أن تتولى مسئوليتها هي مدير عام (ندبًا) في غالب الأحيان، وفي أحيان أخرى: نجد تصعيد قيادات بطرق غير موضوعية فتختار أجهزتها ومساعديها بطرق غير موضوعية أيضًا ويصبح المعيار أهل الثقة المقربين بعيدًا عن أهل الكفاءة ليفقد العمل بذلك أهم عناصره، وهو القائد الفعال.

ولهذا أسباب عديدة، منها:

1- عدم ارتقاء أصحاب الكفاءات الشابة سلم الإدارة الأول في مدارس التربية والتعليم، وهو موقع مدير المدرسة عن طريق الأكفاء ممن يستطيعون إدارة المدرسة إدارة جيدة، وهي أول خطوات القيادة، وهي أهم خطوة في إصلاح التعليم ومناخه التربوي الذي يكمن نجاحه في تمركزه حول المدرسة.

2- نجد الكثير من الكفاءات تهرب من موقع مدير المدرسة، وذلك لثقل المهمة، وعدم وجود الدعم الفني، والتآزر مع الشرفاء، وعدم وضوح الرؤية الإدارية لمن يتقلد المسئولية، فيظل على الرغم من نجاحه مديرًا للمدرسة حتى تنتهي خدمته.

3- في الوقت الذي استطاع غيره من المقربين من القيادات العليا تولي مركز وكيل منطقة تعليمية أو مدير عام منطقة دون أن يمر بتجربة نجاح في إدارة منشأة مدرسية أو إدارة موقع مسئولية تربوية.

4- تذبذب الخط الإداري في أطر الترقي بين الخط الفني والخط الإداري القيادي؛ مما يفقد المجال الاستفادة بالخبرات، ولا يسير في بطاقته الوصفية تصعيدًا من القاعدة إلى قمة الهرم الإداري.

5- وبالتالي ارتبكت ونضبت الينابيع المهنية التي تمد السلم الإداري بتواصل القيادات، بل زادت الإحباط لدى الكفاءة، فتنحوا بعيدا ينكبون على عملهم بضمير ومعاناة.

6- وعليه: فمن الضروري إتاحة الفرصة، وتشجيع الشباب القائد من المعلمين لقيادة المدارس ومتابعة أدائهم.

7- شفافية أطر الترقي وإعلانها، ومنح الأمل للناجحين في الإدارة لتولي المناصب القيادية والتشارك في المسئولية لإثراء العمل والارتقاء به.

8- إتاحة الفرصة لمديري المدارس الناجحين وأولوية اختيارهم لشغل موقع وكيل إدارة تعليمية، ثم مدير عام إدارة، منحًا للأمل عندما أداروا منشآتهم بنجاح، وتحقق لديهم ملامح الإدارة الميدانية التربوية الفاعلة وهو ما يحتاجه التعليم.

9- إعادة النظر في عناصر تقارير كفاية الأداء السنوية لمديري المدارس ووكلاء المناطق التعليمية ومديري عموم المناطق التعليمية بما يتفق مع قياس إنجازاته في مجالات محددة.

10- تواصل التنمية المهنية للمعلمين ولكوادر الإدارة التابعة لهم والشراكة مع المجتمع وتنمية الوعي ورعاية الموهوبين وتعامله مع المشكلات التي تواجها منشآته التربوية.

11- الحرص على انتخاب مجالس أمناء -داخل المدارس- داعمة للعملية التعليمية، وتشارك في تقييم أداء المنشأة التعليمية التابعة لها.

(ولعل الدور المهم لمجالس الأمناء في المدارس والمناطق التعليمية، والمديريات والوزارة: في كونها أجهزة مجتمعية داعمة ومراقبة لجودة العملية التعليمية على أرض الواقع، ومما يحبط أعمال هذه المجالس هو عدم مشاركة كثير من أولياء الأمور لأنشطة هذه المجالس أو حتى جمعيتها العمومية في بداية كل عام دراسي؛ مما يترتب عليه إعمالا للقرار الوزاري بأن يتم تعيين مجلس الأمناء بناءً على مقترح مِن إدارة المدرسة ثم يتم اعتماده من السلطة المختصة، وعليه واقعيًّا يتشكل المجلس دون انتخابٍ في الغالبية العظمى من هذه المجالس في قاعدتها الأولى؛ مما يترتب عليه عدم قيام المجلس بدوره الحقيقي الداعم والمراقب على الرغم من اتساع صلاحياته في تنمية العمل داخل المنشأة المدرسية، وتحسين الخدمة التربوية.

ولذا يجب تضافر وسائل الإعلام المحلية والعامة، والتوعية والإعلان عن موعد اجتماع الجمعيات العمومية في انتخاب مجلس أمناء يتسم بالنزاهة في خدمة العملية التعليمية، ويساعد المدرسة، ويشترك في تقويمها.

ولذا هناك ضرورة حقيقية لتوعية المجتمع وتشجيعه لتشكيل مجالس أمناء من عناصر طيبة فاعلة من خلال انتخابات نزيهة لتكون حلقة الوصل الداعمة بين المدرسة والمجتمع؛ لتطوير الأداء، وخدمة المدرسة (انظر "التعليم والمجتمع"، ص 36).

12- البعد عن العشوائية في اختيار مدير المدرسة، ويتم تصميم بطاقة اختيار مدير مدرسة توضح رؤيته في إدارة المدرسة، وتساعد على اكتشاف مهاراته وقدراته، على أن يشترك في اختيار مديري المدارس مجالس أمناء الإدارات التعليمية، (ولعل القانون: 155 يشكل بصيص نور في تقويم الهيكل الفني والإداري بمؤسسة التعليم؛ إلا أنه ما زال يحتاج إلى تفعيل حقيقي وتطوير لبعض مواده لخدمة أداء أفضل (راجع: "التعليم والمجتمع"، ص 48 - 50).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة