الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أسباب تحصيل لذة العبادة

قال أحد السلف: \"ما زلتُ أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقتها وهي تضحك

أسباب تحصيل لذة العبادة
محمد سرحان
الثلاثاء ٢٠ أبريل ٢٠٢١ - ١٠:٥٩ ص
234

أسباب تحصيل لذة العبادة

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فهناك أسباب عامة لتحصيل حلاوة الطاعة، وطُرُق خاصة بكل عبادة.

فمِن أهم هذه الأسباب العامة:

أولًا: مجاهدة النفس على طاعة الله -تعالى- حتى تألفها وتعتادها، وقد تنفر النفس في بداية طريق المجاهدة، ولا تواتيك، ويصعب عليك قيادها، ولكن إذا شمرت عن ساعد الجد، وكانت عندك تلك الإرادة والعزيمة القوية، فستنالها بإذن الله تعالى، فالأمر يتطلب مصابرة ومداومة، وعزيمة وصدق، وقوة تحمل، فتأتي المعونة على قدر المؤونة، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران: 200)، وقال -تعالى-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) (طه:132).

وقال -تعالى-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (العنكبوت:69)؛ فهذا وعد لمَن جَاهَد نفسه بالهداية والتوفيق.

قال أحد السلف: "ما زلتُ أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي، حتى سقتها وهي تضحك".

وقال بعض الزُّهَّاد: "عالجتُ قيام الليل سنة وتنعمت به عشرين سنة".

وقال ابن رجب -رحمه الله-: "واعلم أن نفسك بمنزلة دابتك، إن عرفتْ منك الجَدَّ جدت، وإن عرفت منك الكسل طمعت فيك، وطلبت منك حظوظها وشهواتها" (مجموع رسائل ابن رجب).

ثانيًا: البُعد عن الذنوب والمعاصي "صغيرها وكبيرها"؛ فإن المعاصي حجاب تمنع من الشعور بلذة العبادة؛ لما تورثه من قسوة وغلظة وجفاء.

قال ابن القيم -رحمه الله-: "وكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة، وأمرُّ العيش: عيش المستوحشين الخائفين، وأطيب العيش عيش المستأنسين؛ فلو نظر العاقل ووازن لذة المعصية وما توقعه من الخوف والوحشة، لعلم سوء حاله، وعظيم غبنه، إذ باع أُنْس الطاعة وأمْنَها وحلاوتها، بوحشة المعصية وما توجبه من الخوف والضرر الداعي له" (الداء والدواء).

وقال: "قال بعض السلف: أذنبت ذنبًا فحرمتُ قيام الليل سنة. وقال آخر: أذنبت ذنبًا فحرمت فهم القرآن، وفي مثل هذا قيل: إذا كنت فى نعمة فارعها ... فإن المعاصى تزيل النعم" (طريق الهجرتين وباب السعادتين).

وسئل وهيب بن الورد -رحمه الله-: "متى يفقد العبد لذة العبادة؟ إذا وقع في المعصية، أو إذا فرغ منها؟ قال: يفقد لذة العبادة إذا هم بالمعصية" (الدرر المنتقاة).

ثالثًا: ترك فضول الطعام والشراب، والكلام والنظر، قال أحد السلف: "راحة القلب في قلة الآثام، وراحة البطن في قلة الطعام، وراحة اللسان في قلة الكلام". وقال آخر: "يا معشر المريدين، لا تأكلوا كثيرًا، فتشربوا كثيرًا، فتناموا كثيرًا، فتخسروا كثيرًا".

رابعًا: أن يستحضر العبدُ أن هذه العبادة التي يقوم بها هي ما يحبه الله ويرضاه، وكفاك أن تستشعر أنك تفعل ما يحبه مولاك ويرضاه.

خامسًا: أن يستحضر العبد ثواب هذه العبادات، وأجرها وعواقبها، وفضلها في الدنيا والآخرة.

والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

 

تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً