السبت، ١٢ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٠ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

مهلًا رمضان!

مهلًا رمضان!
حسني المصري
الاثنين ١٠ مايو ٢٠٢١ - ١٢:٤١ م
208

مهلًا رمضان!

كتبه/ حسني المصري

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فمال هذا الشهر  يسرع في أيامه ولياليه هكذا، وكأنه يقول: "أتيت لأرحل كما سترحلون أنتم إذا حانت آجالكم!".

وكم رمضان مَرَّ علينا... عشر، عشرون، ثلاثون، خمسون، أكثر مِن ذلك؛ يذكرنا كل عام أنكم إن جئتُ عليكم عامي هذا فقد آتي العام القادم، ولستم مِن أهلي.

يذكرنا أننا بعض أيام وشهور، وإذا مر يوم فبعضنا يمر لنقترب أكثر وأكثر من نهاية الرحلة في هذه الحياة؛ لننتقل لرحلة أخرى لا تنتهي في الآخرة.

لن نحمل معنا إليها سوى هذه الأعمال التي قدَّمناها هنا؛ توبة واستغفار، وتسبيح، وذكر، وقرآن، وصلاة، وقيام وتهجد، وسجود وركوع، وخضوع، وصيام وتدبر، وتفكر وذل لله ومسكنة، وبر وصلة، وإحسان ومواساة، ووفاء وصدق وأمانة، وصبر ورضا، ومحبة وتوكل، وعبودية خالصة وانقياد له -سبحانه-، وطاعة؛ تلك التي تنفعنا حين تصحبنا في الرحلة القادمة.

ورمضان فرصتنا التي تجددت لنغسل النفوس، ونطهر القلوب من أوساخ الشهوات وأرجاس الشبهات، والبُعد عن رب الأرض والسماوات لنقترب ونتصل ونثبت، ونقوى بالطاعة والإيمان والعمل الصالح.

رمضان فرصتنا التي لا تبقى كثيرًا، بل تمضى سريعًا وكأن أيامه ولياليه وساعاته ولحظاته تنادينا: مَن سيلحق؟!

مَن سيركب سفينة رمضان؛ لينجو من أمواج الفتن قبل أن تغرقه؟!

مَن سيعرف قيمة الوقت، وقيمة العمر، وكل لحظة فيه؟!

مَن سيخرج مِن رمضان مغفورًا له ما تقدَّم من ذنبه، وإن صدق في توبته؛ فكأنه وُلِد من جديد لا ذنب ولا جريرة؟!

مَن سيُكتب عند الله مِن العتقاء فلا تلفحه النار، ولا يأتيه مِن حرها؟!

مرت أيام الشهر، وتمر مسرعة ومعها تمر أيام عمرنا، وسيأتي وقت علينا لن نكون مِن أهل الدنيا الذين يعيشون أيامها وأيام رمضان، لنقول حينها: لو كنا بينهم لنبهناهم على ما يفوتهم إذ فاتنا، ولتمنينا أن نعود معهم لنسجد سجدة أو نسبح تسبيحة أو نقرأ آية.

فهلا ونحن في أيامه وقد مَنَّ علينا ربنا بالحياة حتى بلغنا إياه؛ هلا اغتنمنا ما بقي من ساعاته وأيامه ولياليه؛ عسى أن نفوز فيه بمغفرة الذنوب والعتق من النيران!

فيا رب عبيدك إن أسأنا فيما مضى فوفقنا للإحسان فيما بقي؛ ليكون شفاعة لنا عما مضى، وعاملنا فيه بإحسانك واكتبنا ووالدينا والمسلمين ممَّن فازوا بجناتك ورضوانك.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

تصنيفات المادة