الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

أيقظ المارد الذي بداخلك!

أيقظ المارد الذي بداخلك!
صبحي فتحي الشلمة
السبت ٠٥ يونيو ٢٠٢١ - ١٥:٤٦ م
267

أيقظ المارد الذي بداخلك!

كتبه/ صبحي فتحي الشلمة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  


فالمتأمل لحال المسلمين يعلم يقينًا: أن هذه الأمة لن تموت، وأن الخير فيها باقٍ إلى يوم القيامة، ومثال ذلك: ما يحدث في رمضان كل عام؛ حيث ينشط الجميع في طاعة الله وعبادته، فتمتلئ المساجد ويعلو صوت المآذن، وتشعر بجلبة الذهاب والإياب الى المساجد في الفروض، وفي التراويح، ويعلو الصوت بقراءة القرآن في المساجد والبيوت، وتتنوع صلاة الليل بين التراويح والتهجد، وتتعالى أصوات الداعين إلى الله، وتكثر الزكوات والصدقات، ويكثر الخير؛ كل ذلك بلا مللٍ أو كللٍ أو شكوى، بل بسعادةٍ وفرحٍ وسرورٍ، أما إذا انقضى الشهر فتجد اكثر مَن كان يجتهد في العبادة تفتر عزيمته، وتكسل نفسه، وتخور قوته، ولا تكاد تراه مجتهدًا في طاعه أو تراه حتى موجودًا فيها!


والسؤال الآن: أليس هو أنت الذي كنت تصوم، وتصلي، وتتصدق، وتدعو، وتقوم من الليل؟!


أليس هو بدنك وروحك، ودمك ولحمك وشحمك؛ تسهر معظم الليل وتذهب إلى عملك بالنهار؟!


فما الذي حدث؟!


وما الذي خوَّر قواك؟!


لقد كان بداخلك طاقة وقوة، لو استحثت؛ لرأيت العجب العجاب.


إنه ذلك المارد القابع في أوصال نفسك، إذا ظهر فعل الأفاعيل، وإذا دعوته واستجلبته حملك على طاعة الله ورضاه، فلا بد وأن يكون هناك أسباب كثيره وراء هذا التخاذل والتراجع، والفتور في الطاعة، مِن أهمها: الأجواء الإيمانية وبيئة رمضان، واجتماع الناس على الطاعة، والحث عليها في البيت وفي الشارع وفي المسجد، وفي وسائل الإعلام؛ فالكل يدعو الى أهمية الطاعة والعبادة، فهذه هي بيئة الإسلام والمسلمين في رمضان؛ فكيف نستمر على هذه الطاعات العظيمة؟!


إذا استطعنا أن نخلق جوًّا بديلا، وبيئة مشابهه لجو رمضان أيقظنا ذلك المارد الكامن في نفس كل مسلم القادر على فعل الطاعة بكل مشقتها والمحب لها.


وإن مِن المعينات على الطاعة، والتي تجعلك تستمر على الطاعة كما كنت في رمضان أو قريبًا مِن ذلك:


1- المبادرة بالتوبة النصوح.


2- مصاحبة الأخيار والصالحين الذين تعين صحبتهم على طاعة الله -تعالى-، فهم يذكرون العبد إذا نسي، وينبهونه إذا غفل، ويأخذون بيده إلى طرق الخير، وترك مصاحبة الأشرار؛ الذين لا تجلب صحبتهم إلا العار والشنار.


3- المداومة على ذكر الله -تعالى-، ومجاهدة النفس على فعل العبادات والتقرب بعد الفرائض بنوافل العبادات، فإن مَن لا يزال كذلك ينال درجة المحبوبة حتى يكون الله -تعالى- هو سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سأله ليعطينه، ولئن استعاذه ليعيذنه.


4- التفكر في آثار الطاعات الحميدة من راحة القلب، وطمأنينة النفس، وسعة الرزق، وتيسير الأمور، وثوابها الذي هو الجنة في الأخرة، والتفكر في عواقب المعاصي القبيحة المذمومة من ظلمة الوجه وسواد القلب، وضيق الرزق وتعسير الأمور، وغير ذلك، وعقابها الذي هو النار في الآخرة، فدوام الفكرة في شؤم عاقبة المعاصي من أعظم ما يبعث على تركها، والتوبة منها والإنابة إلى الله -تعالى- والإقبال على طاعته، ومن أنفع ما تستعين به في هذا الباب: مطالعة كتاب: "الداء والدواء" للإمام ابن القيم -رحمه الله تعالى-.


5- التفكر في سرعة زوال الدنيا، وأنها مهما طالت وطال مقام المرء بها، فإنها ليست إلا كنفَس من أنفاس الآخرة، وأنها أهون وأحقر عند الله -تعالى- مِن جناح البعوضة؛ فكيف يؤثِر العاقل هذا الخسيس الفاني على الكثير الباقي، والنعيم الذي لا ينفد ولا يزول؟!


6- الاستغلال الجيد للأوقات، والتخطيط لكل الطاعات، والتوازن والشمول في جوانب الحياة كلها بين العلم والعمل والدعوة.


نسأل الله -تعالى- أن يثبتنا، وأن يثبت قلوبنا على طاعته، وأن يلزمنا كلمة التقوى أجمعين.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


موقع أنا السلفي


www.anasalafy.com


تصنيفات المادة