الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (2)

قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (2)
سعيد السواح
الأحد ٠٥ سبتمبر ٢٠٢١ - ١٨:٠٤ م
151


قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (2)


كتبه/ سعيد السواح


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  


فنستكمل سمات المنهج القرآني.


4- وضوح العوائق والعقبات:


عقبات وعوائق بُثت في طريق السائرين، ولا سبيل لهم للوصول إلى بغيتهم وهدفهم؛ إلا أن يجوزوا هذه العقبات: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ . وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ) (الأعراف:112-113)، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا) (الفرقان:31).


- ومِن أَلَدِّ أعداء الإنسان وخصومه الشيطان؛ فهو المحرِّك للذين كفروا لإيذاء المسلمين: (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) (مريم:83)، أي: تحرِّكهم إلى الشر تحريكًا، (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (الأنعام:121).


- وها هو الشيطان يأخذ على نفسه العهد بعد ما أنظره الله، كما طلب ليسعى جاهدًا في إضلال الإنسان ودفعه للانحراف عن منهج ربه وعن الصراط: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ . ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف:16-17).


عقبات الشيطان:


وذكر ابن القيم -رحمه الله تعالى- ما العقبات التي يبُّثها الشيطانُ في طريق الإنسان؛ ليظفر به، ويستحوذ عليه.


- العقبة الأولى: عقبة الكفر بالله، وبشريعته ولقائه، وبصفات كماله، وبما أخبـرت به الرسل.


- العقبة الثانية: عقبة البدع، وذلك إما باعتقاد خلاف الحق الذي أَرْسَلَ اللهُ به الرُّسُلَ، وأنزل به كتابه، وإما بالتعبد بما لم يأذن به الله.


- العقبة الثالثة: عقبة الكبائر فيزين هذه المخالفات والمعاصي، ويحسنها في عين الإنسان، ويفتح له باب الرجاء، ويسوف له التوبة، ويبث في نفسه ضلالًا أنه لا يضر مع التوحيد ذنب كما لا ينفع مع الشرك حسنة.


- العقبة الرابعة: عقبة الصغائر، فيقول له: ما عليك إذا اجتنبت الكبائر ما غشيتَ مِن اللمم، فيهوِّن عليه أمر الصغائر.


- العقبة الخامسة: عقبة المباحات التي لا حَرَج على فاعلها، فشغله بها عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد في التـزود لمعاده حتى يتـرك السنن ثم يدفعه أن يجور على الواجبات.


- العقبة السادسة: عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فأمره بها وحسَّنها في عينه وزينها له، ليشغله بها عما هو أفضل منها، ويكون بذلك شغله بالمفضول عن الفاضل.


- العقبة السابعة: عقبة تسليط أولياء الشيطان على أولياء الرحمن، وهذه لم ينجُ منها أحدٌ حتى الرسل والأنبياء.


وهذه العقبات لا نجاة للإنسان منها إلا باستمساكه بشريعة ربه ودينه، ومعرفة مداخل الشيطان وأدواته ووسائله في الإضلال، فمَن استمسك بشريعة ربه ودينه واستقام عليها، نجا من عقبات الشيطان فإنه: (لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل:99)، (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ . فَكُّ رَقَبَةٍ . أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ . يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ . أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ . ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ . أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (البلد:11-18)، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (النور:40)، (قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (المائدة15-16).


5- وضوح الأدوات والوسائل المعينة:


- فهذه أدوات ووسائل يستصحبها الإنسان في سيره على طريق ربه المستقيم، ولا غنى عنها في أي لحظة من لحظاته، يقول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (البقرة:153).


- وهذا موسى -عليه السلام- يبيِّن لقومه الأدوات المعينة على الطريق، وعلى الاستمرارية لقطعه؛ للوصول للمنزل: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128)؛ ولذا قال الله -تعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ) (الأحقاف:35).


- ولقد نَادَى الله -تعالى- على المؤمنين ملفتًا لأنظارهم إلى اعتماد هذه الأدوات والوسائل الموصلة للفلاح في الدارين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران:200)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) (الحج:77-78). وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر قام فصلى.


وللحديث بقية -إن شاء الله-.


موقع أنا السلفي


www.anasalafy.com


تصنيفات المادة

ربما يهمك أيضاً