الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الصوفية واختطاف العقول

الصوفية واختطاف العقول
شريف طه
السبت ١٣ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٩:٥٣ ص
114

الصوفية واختطاف العقول

كتبه/ شريف طه

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فذات مرة هاتفني أحد أصدقائي ممَّن يعملون في بلدٍ عربيةٍ، وتبادلنا الحديث عن أمور شتى، كان مِن ضمنها أن سألته عن أحد أصدقائنا القدامى مِن طلبة العلم، وكان يعمل معه في نفس المكان، فقال لي: لقد تبدَّل حاله إلى التصوّف والأشعرية، وكان مما لفت انتباهي قوله: "إنه لابد أن يستمع كل صباح إلى البردة للبوصيري، ويتحسر على ما فاته من سماعها، زمان كونه سلفيًّا!".

انتهت القصة، ولكنَّ صورًا من المآسي لم تنتهِ بعد!

فلك أن تتخيلَ أن قصيدة في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم- كتبها البوصيري -المتوفى في القرن السابع الهجري (696هـ)، وهو شيخ صوفي شاذلي الطريق- تصير أحد الأوراد التي تقرأ في الصباح والمساء، كأنها وحي منزل! بل وتوضع لها الفضائل المختلفة لقراءتها، بل لكلِّ بيت من أبياتها، حتى خصَّ بعضهم لكلِّ بيتٍ علاجًا من مرض معين، وبعضهم وضع شروطًا لقراءتها: كالطهارة، واستقبال القبلة!

وكما ادَّعى ابن عربي أن كتابه: (الفصوص) قد بشَّره به النبي -صلى الله عليه وسلم- في رؤيا، وهو معتكف في الحرم، فقد ادُّعي هذا في البردة، بل وفي كثيرٍ مِن كتب الصوفية، فأقطاب الصوفية -بحسب زعمهم- متصلون برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقظة، وليس فقط منامًا.

وكل هذا وغيره، يضع هالة من التقديس على (قصيدة شعرية)؛ لو كانت تخلو من الأخطاء لما استحقت كل هذا، فما بالنا وقد تضمنت هذه القصيدة أبياتًا منتقدة، بها غلو مذموم؟!

كقوله:

فإن من جودك الـدنيا وضرتها           ومن علومك علم اللوح والقلم

وغير ذلك من الأبيات.

والبعض يتصور: أن تأويل الأبيات بما يمنع من التكفير، يجعلها مقبولة ومستساغة، فينحصر النزاع في هل الأبيات كفر أم ليستْ كفرًا! مع أن كونها تثير هذا النزاع واللغط بسبب ما تضمنته من ألفاظ موهمة -في أقل أحوالها- يقتضي الحذر منها؛ لا أن تنسج حولها الأساطير والمبالغات، شأن الصوفية في الحديث عن شيوخهم وكتبهم وأورادهم، وكل ما يتعلَّق بهم، وهذه أحد الوسائل المعروفة للسيطرة على الأتباع واختطاف أذهانهم، ومنعهم من إعمال العقل والنقد العلمي.

والله المستعان.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com