الخميس، ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٨ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

تشويه الإسلام أم الإسلاموفوبيا؟

تشويه الإسلام أم الإسلاموفوبيا؟
الأحد ٠٢ يناير ٢٠٢٢ - ٢٣:٣٠ م
80

تشويه الإسلام أم الإسلاموفوبيا؟

كتبه/ مصطفى حلمي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

يتعرَّض المسلمون والعرب في أيامنا هذه -عصر العوْلمة وإسرائيل-، لحملاتٍ مِن التشهير والتحقير، اشتركت فيها حكومات ووسائل الإعلام؛ هذه الحملات شملتْ كلَّ شيء، ليس فقط التليفزيون والإذاعة والصحف والكتب، بل شملت أيضًا جائزة نوبل للأدب؛ إذ أعطيت الجائزة أكثر مِن مرة لأشخاصٍ اشتُهِروا بدأبهم على إهانة الإسلام والمسلمين!

وتعاظم المكر ضد الإسلام باستخدام بعض أبنائه المغيبين، بقيادة عملاء متسترين بدعوات ترفع كلمات حق أريد بها باطل -كالجهاد والخلافة-، فشوهت هذه المصطلحات، واستخدمت لتشويه الإسلام!

وقد برع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في تفكيك شعار الخوارج في زمنه: "لا حُكم إلا لله"؛ فلم ينكر اللفظ أو أصله، وإنما أنكر استعمالهم له بغير حقٍّ، وفكك شعارهم بوصفه العبقري: "كلمة حق أريد بها باطل".

ولقد جمع الدكتور "جلال أمين" في كتابه: "عصر التشهير بالعرب والمسلمين" نماذج من حملات تشويه السمعة، والاعتداء المعنوي على العرب والمسلمين، ووصفها إبراهيم نافع في كتابه: "جنون الخطر الأخضر"، بقوله: "إن حملة التشويه المعادية للإسلام والتي فاقت في بذاءتها كل الحدود، وأشعلت الغضب في صدور المسلمين"، حيث أطلق عليها: "فوبيا الإسلام"، أو جنون "الخطر الأخضر"، أو "إرهاب الإسلام".

وتلعب وسائل الإعلام الأمريكي الدور القيادي في تلك الحملات، والتي تبث من خلالها الفزع من الإسلام والمسلمين وكرههما في أمريكا وأوروبا، وللعلم فهي سابقة لأحداث سبتمبر سنة 2001م، وقبل ذلك بعقدين، ونستشهد هنا بما رصده نافع من مواقفَ وأقوالٍ وصحفٍ، منها: قول وزير الإعلام الصربي إبان حرب البوسنة 1991: "نحن طلائع الحروب الصليبية الجديدة".

ومناشدة افتتاحية مجلة "صنداي تايمز" "على الغرب والاتحاد السوفيتي أن يستعدا لمواجهة إسفين إسلامي أصولي هائل"، وتصريح المستشار الأسبق لألماني هيلموت كول "لا يسعني إلا أن أنبِّه الأوروبيين ليستيقظوا من سباتهم، فهناك خطر حدوث مواجهة مع 800 مليون مسلم".

وفي عام 1995م أعلن الأمين العام لحلف الأطلنطي "بأنه منذ انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية برز الدعاة المسلمون المتطرفون كأخطر تهديد للتحالف والأمن الغربي". 

ويتفق مع ذلك ما رصده الكاتب الألماني لودفيج أمان من أن معاداة السامية في الغرب تحولت إلى "معاداة للإسلامية"، وشن حرب على دين بأكمله، وعلى سائر المؤمنين به.

وما حرب الخليج منا ببعيدٍ، ألم يكن حديث بوش الابن عن الحروب الصليبية إبَّان غزو العراق 2003 أو أفغانستان 2001؟!

ألم تدنس المصاحف في معسكر جوانتامو الأمريكي، وسجن مجدو الإسرائيلي؟!

ألم يكن ذلك تعبيرًا عن الرُّوح الصليبية التي لم تخمد قطُّ؟!

عداء هؤلاء مستحكم للإسلام والمسلمين يكمن في أحشاء ساسة الغرب منذ الحروب الصليبية "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض".

ويتضح بما لا يدع مجالًا للشك، أن التخويف بالإسلام أو (الإسلاموفوبيا) الغرض منه الإخفاء المتعمد للدور الإرهابي لكلٍّ من الاستعمار الغربي وربيبته الدولة الصهيونية، وأن كلُّ ما هنالك: أن وسائل الإعلام الغربية تتحكّم فيها -من وراء الستار- أجهزة الاستخبارات، وتخضع لنفوذ وأموال الشركات المتعددة الجنسيات، فضلًا عن الروح الصليبية الممتدّة عبر الأجيال، كلّ ذلك يجعل الغلبة في الظُّهور والانتشار للافتة: (الإسلاموفوبيا)، بحيث يختفي وراءها مصدر الإرهاب الأصيل والحقيقي!

ومن ثَمَّ؛ فلا عجب أن يرتفع صراخ الجاني وصوته المدوّي في جوانب العالم، ويخفت صوت المجني عليه، وينزوي أي صوت من أصوات المسلمين؛ لأنهم الطرف الضعيف، وصوتهم لا يكاد يبين، مهما حاولوا الدّفاع عن أنفسهم، وإثبات براءتهم أمام الآلة الإعلامية الجهنمية!

ونحن نعرض قضايا الإسلاموفوبيا لا يفوتنا أن نسلِّط الضوء على الإرهاب الغربي، وما اتَّصل به من الاستعمار بنوعيْه: القديم والجديد، واستمراره حتى عصرنا الحاضر بواسطة الدولة الصهيونية.

وها هي بعض الصفحات السوداء لتاريخ الاستعمار الفرنسي -كنموذج- وصبغته الإرهابية أثناء احتلاله لبلادنا، ودورها البشع أثناء هذا الاحتلال في كلٍّ مِن: مصر والجزائر، مِن: قتل ومذابح، وتدمير المباني والأحياء بأكملها، وحرق الحدائق والبساتين، والجرأة الوقحة على اقتحام المساجد -ومنها الجامع الأزهر- بالخيل، مع تمزيق المصاحف والكتب، كذلك تحويل بعض المساجد إلى إصطبلات وكنائس ومتاحف في الجزائر، وإعلان المشانق لكبار علماء الأزهر، والإلقاء بجثث الثوّار في النيل، إلخ.

ويصف الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الاستعمار الفرنسي بأنه "جاء للجزائر يحمل: السيف والصليب! بروح مسيحية رومانية تشع بالحقد وتفور بالانتقام!".

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com