الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم (1)

فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم (1)
الأربعاء ٠٢ فبراير ٢٠٢٢ - ١٠:٣٠ ص
154

فضائل بني أمية وتقريب الرسول صلى الله عليه وسلم لهم واعتماده عليهم (1)

كتبه/ زين العابدين كامل

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فلا نزال نعيش مع التاريخ الأموي، ولقد رددنا سابقًا على بعض الشبهات التي تُثار حول بني أمية، ونسلِّط الضوء اليوم على بعض فضائلهم.

لقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا تُعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عُمَّال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من بني عبد شمس؛ لأنهم كانوا كثيرين، وكان فيهم شرف وسؤدد، فاستعمل النبي صلى الله عليه وسلم في عزة الإسلام على أفضل الأرض مكة: عَتّاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية؛ ذلكم الشاب الأموي الذي اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيره ليتولى إمارة مكة المكرمة بعد فتحها؛ اختاره دون سائر المهاجرين والأنصار والطلقاء الذين أسلموا، ثم قال له: "أتدري على مَن استعملتك؟ استعملتك على أهل الله؛ فاستوصِ بهم خيرًا"، يقولها ثلاثًا، واستمر عتاب واليًا على مكة حتى وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استعمله أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأقره على مكة، واستمر واليًا طوال فترة خلافة الصديق رضي الله عنه. 

وعن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما قرُب من مكة: "أَرْبَعَةٌ أَرْبَأُ بِهِم عَنِ الشِّرْك وأرغبُ لهم في الإسلام: عَتَّابُ بنُ أَسِيْدٍ، وَجُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ، وَحَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ، وَسُهَيْلُ بنُ عَمْرٍو"، وبالفعل أسلموا جميعًا وحسن إسلامهم، ومنهم: عتاب رضي الله عنه. 

وكذلك استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نجران أبا سفيان بن حرب بن أمية، وهو مِن مسلمة الفتح، وقد أشرق نور التوحيد في قلبه واستقر إيمانه.

وقد ذكروا أن أبا سفيان رضي الله عنه قد فقد إحدى عينيه في غزوة الطائف، ثم فقد الثانية في معركة اليرموك؛ فقد روى الزبير من طريق سعيد بن عبيد الثقفي قال: "رميت أبا سفيان يوم الطائف فأصبت عينه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه عيني أصيبت في سبيل الله، قال: إن شئت دعوت فردت عليك وإن شئت فالجنة، قال: الجنة"، وقال الذهبي في السِّير: "ثم قلعت الأخرى يوم اليرموك، وكان يومئذٍ قد حسن -إن شاء الله- إيمانه، فإنه يومئذٍ كان يحرِّض على الجهاد، وكان تحت راية ولده يزيد، فكان يصيح: يا نصر الله اقترب"، وهذا بلا شك يدل على صدق إيمانه وحسن فدائه وبذله في سبيل الله تعالى. 

وكذلك استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن سعيد بن العاص على صدقات بني مذحج وعلى صنعاء اليمن، فلم يزل عليها حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمل عثمان بن سعيد بن العاص على تيماء وخيبر وقرى عرينة.

واستعمل أبان بن سعيد بن العاص على بعض السرايا، ثم استعمله على البحرين، فلم يزل عليها بعد العلاء بن الحضرمي حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم، واستعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط حتى أنزل الله فيه: "إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ"، فيقول عثمان: "أنا لم أستعمل إلا مَن استعمله النبي صلى الله عليه وسلم منهم، ومن جنسهم، ومن قبيلتهم". 

وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما بعده، فقد ولَّى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بن حرب في فتوح الشام، وأقره عمر، ثم ولى عمر بعده أخاه معاوية، وهذا النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم في استعمال هؤلاء ثابت مشهور عنه، بل متواتر عند أهل العلم، وأما بنو هاشم فلم يستعمل النبي صلى الله عليه وسلم منهم إلا علي بن أبي طالب رضي الله عنه على اليمن. 

وولَّى أيضًا على اليمن: معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري، وولى جعفر بن أبي طالب على قتال مؤتة، وولى قبْل جعفر زيدَ بن حارثة مولاه. وقيل: عبد الله بن رواحة؛ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدِّم في الولاية زيد بن حارثة مولاه -وهو من كَلْبٍ- على جعفر بن أبي طالب، وقد روي أن العباس عمه صلى الله عليه وسلم سأله ولاية فلم يولِّه إياها!

وللحديث بقية إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية