الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

فضل المحافظة على صلاة الفجر (موعظة الأسبوع)

فضل المحافظة على صلاة الفجر (موعظة الأسبوع)
الأربعاء ٠٢ فبراير ٢٠٢٢ - ١٠:٣٧ ص
192

فضل المحافظة على صلاة الفجر (موعظة الأسبوع)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛   

المقدمة:

- للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام: (العبادة الوحيدة التي فُرِضَت في السماء)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُهُ الصَّلاةُ ... ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، وقال عمر -رضي الله عنه-: "إنَّه لا حَظَّ في الإسلامِ لِمَنْ أضاعَ الصَّلاةَ" (أخرجه مالك في الموطأ، وابن سعد في الطبقات الكبرى، والطبراني في المعجم الأوسط، وصحَّح إسنادَه على شرط الشيخين الألبانيُّ في إرواء الغليل).

- ومِن أعظم الصلوات الخمسة مكانة هي صلاة الفجر؛ وذلك لما لها مِن أثرٍ كبيرٍ على إيمان وعمل العبد في يومه: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ، عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ) (متفق عليه).

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ، فقِيلَ: ما زَالَ نَائِمًا حتَّى أَصْبَحَ، ما قَامَ إلى الصَّلَاةِ، فَقالَ: (بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذُنِهِ) (متفق عليه).

- والتخلف عن صلاة الفجر من صفات النفاق: عن أبي بن كعب قال: صلَّى رسولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يومًا صلاةَ الصُّبحِ، فقالَ: (أشَهِدَ فلانٌ الصَّلاةَ؟) قالوا: لا، قالَ: (ففلانٌ؟) قالوا: لا، قالَ: (إنَّ هاتينِ الصَّلاتينِ من أثقلِ الصَّلاةِ على المنافقينَ ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوْهما ولو حَبْوًا) (رواه أحمد وأبو داود والنسائي واللفظ له، وحسنه الألباني)، فلما كانت صلاة الفجر على هذه الدرجة والأهمية كانت المحافظة عليها بهذه المنزلة العالية.

فضائل المحافظة على صلاة الفجر:

(1) النور التام يوم القيامة:

- يوم القيامة يوم عصيب على الناس؛ لا سيما عند الصراط والحاجة إلى النور الذي يضيء الطريق لتجاوز النار، فعند ذلك يظهر أثر المحافظة على صلاة الفجر في جماعة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بشِّرِ المشَّائينَ في الظُّلمِ إلى المساجدِ، بالنُّورِ التَّامِّ يومَ القيامةِ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

(2) عظيم الأمور مع الفرحة والسرور:

- قبل أن يخرج المحافظ على صلاة الفجر من بيته، يحصل له من الأجر والثواب الذي يفوق كل متاع الدنيا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) (رواه مسلم)(1).

(3) شهادة الملائكة له بالخير عند الله كل يوم:

- في كل يوم في صلاة الفجر تصعد ملائكة مخصوصة بأعمال العبد إلى الله، إذا كان نائمًا أو كان شاهدًا لموكب صلاة الفجر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ -وهو أعْلَمُ بهِمْ-: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ) (متفق عليه)، وقال -تعالى-: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) (الإسراء:78).

ولذلك يشتد كيد الشيطان للإنسان عند حلول وقتها ليصده عنها.

(4) تحريم جسده على النار:

- وعدٌ مِن الله لمَن حافظ على صلاة الفجر، وترك النوم والراحة لله -عز وجل-، بتحريم جسده على النار: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، يَعْنِي الفَجْرَ وَالْعَصْرَ) (رواه مسلم).

(5) رؤية الله -عز وجل-:

- يُرجَى لمَن حافظ على صلاة الفجر، الفوز برؤية الجليل -سبحانه وتعالى-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا القَمَرَ، لا تُضَامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا) (متفق عليه)(2).

(6) له أجر قيام الليل كله:

- مِن العطايا والجوائز لأصحاب صلاة الفجر، منحهم أجر قيام ليلة كاملة عن كل صلاة، وهم نائمون على فراشهم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَمَن صَلَّى الصُّبْحَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما صَلَّى اللَّيْلَ كُلَّهُ) (رواه مسلم).

(7) يكون في حفظ الله وضمانه طوال يومه:

- إذا أنتهى العبد من صلاة الفجر، كان في أمان وضمان الله يومه كله، ومَن يتعرض له بالأذى فإثمه عند الله عظيم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فَهو في ذِمَّةِ اللهِ، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ، فإنَّه مَن يَطْلُبْهُ مِن ذِمَّتِهِ بشيءٍ يُدْرِكْهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ علَى وَجْهِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ) (رواه مسلم).

(8) علاوة لمَن صلى الفجر في جماعة:

- إذا صلَّى العبد صلاة الفجر، لم يتوقف مع ذلك الفضل والأجر: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ‌صَلَّى ‌الْفَجْرَ، ‌ثُمَّ ‌جَلَسَ ‌فِي ‌مُصَلاهُ ‌صَلَّتْ ‌عَلَيْهِ ‌الْمَلائِكَةُ) (رواه أحمد في مسنده، وحسنه أحمد شاكر)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من صلَّى الغداةَ في جماعةٍ، ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ، ثم صلَّى ركعتيْنِ، كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ) قال: قال رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ) (رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

خاتمة: أين نحن من هؤلاء؟

- اختصت صلاة الفجر بنداء: "الصلاة خير من النوم"، وكثير من الناس لسان حاله: "النوم خير من الصلاة!"؛ فأين هؤلاء مِن هؤلاء؟!

- قال بعض السلف: "إذا سمعتم حي على الصلاة ولم تروني في الصف، فاطلبوني في المقبرة" (سير أعلام النبلاء للذهبي).

- وسمع عامر بن عبد الله بن الزبير المؤذن، وهو يجود بنفسه، فقال: "خذوا بيدي إلى المسجد، فقيل: إنك عليل، فقال: أسمع داعي الله فلا أجيبه؟ فأخذوا بيده، فدخل مع الإمام في صلاة المغرب، فركع مع الإمام ركعة، ثم مات" (سير أعلام النبلاء للذهبي).

نسأل الله -تعالى- أن يجعلنا وإياكم من المحافظين على صلاة الفجر في الجماعة.

والحمد لله رب العالمين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فالناس يفرحون إذا أصابوا من متاع الدنيا ما يغنيهم عن غيرهم؛ فكيف وسنة الفجر أفضل مِن كلِّ ذلك؟!

(2) ووجه المناسبة في ذكر هاتين الصلاتين عند الرؤية، أنهما مِن أفضل الصلوات، فناسب أن يُجَازَى المُحَافِظ عليهما بأفضل العطايا، وهي: رؤية الله -تبارك وتعالى-.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة