الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

تونس ... إلى أين؟ (7) حركة النهضة وقضايا الدستور

تونس ... إلى أين؟ (7) حركة النهضة وقضايا الدستور
الأربعاء ٠٩ فبراير ٢٠٢٢ - ١٥:١١ م
67

تونس ... إلى أين؟ (7) حركة النهضة وقضايا الدستور

كتبه/ علاء بكر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

ففي 26 يناير 2014 صادق المجلس التأسيسي في تونس على الدستور الجديد بعد مناقشات وخلافات حول العديد من القضايا، منها: 

- قضية الشريعة الإسلامية: فبينما دعا نواب من حركة النهضة في المجلس التأسيسي عند صياغة الدستور باعتماد الشريعة الإسلامية مصدرًا رئيسيًّا للتشريع، وتظاهر إسلاميون في 16 مارس 2012 أمام مقر المجلس التأسيسي مطالبين بذلك، فقد مانعت في ذلك قوى من المعارضة، ومعها حزبا: المؤتمر والتكتل حليفا حركة النهضة في الحكومة الانتقالية، بحجج واهية، بل طالب البعض منهم باعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مصدرًا أساسيًّا للدستور التونسي!

وتبيِّن المسودات الأربعة للدستور كيف كانت الحوارات والضغوط من داخل المجلس وخارجه حول قضية الشريعة، (ومن خلال المناقشات التي جرت تم الاتفاق على أن يكون الفصل الأول من الدستور ينص على أن: (تونس دولة حرة مستقلة، ذات سيادة، الإسلام لغتها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها، ولا يجوز تعديل هذا الفصل).

كما تم النص في الفصل الثاني على أن: (تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب وعلوية القانون).

ونص الدستور في الفصل السادس على أن: (الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة بعيدًا عن التوظيف الحزبي، وتلتزم الدولة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وبحماية المقدسات، ومنع النيل منها، كما تلتزم بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف، والتصدي لها) (راجع: إخوان تونس: رحلة الصعود والسقوط) المقالة الرابعة، (جدل حول مطالب النهضة في دستور 2014) مصطفى بكري - جريدة الأسبوع - عدد 6 سبتمبر 2021، ص 7)

(لقد اعتبر الكثيرون أن تخلي حركة النهضة لأول مرة عن النص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي والوحيد في الدستور واستبدال عبارات أخرى بها هو تغير نوعي مهم في أداء الحركة ومواقفها)، بينما اعتبره البعض أنه جاء استجابة للضغوط التي مارستها القوى العالمانية.  

- (وكانت القضية الأخرى التي نالت اهتمامًا خاصًّا من حركة النهضة هي المتعلقة بشكل النظام السياسي الجديد في تونس. لقد سعت الحركة خلال مناقشات الدستور إلى دعم النموذج البرلماني بهدف تحجيم حكم الفرد وضمان توزيع السلطة، وتداولها عبر الانتخابات التعددية، وبحيث يكون مصدر قوة واستقلالًا للمجتمع المدني. واعتبرت حركة النهضة أن النموذج البرلماني فيه ضمانة وحماية ضد التسلط والاستبداد، في حين رأى معارضو الحركة أنها تسعى إلى الهيمنة على السلطة من خلال فوزها في الانتخابات التشريعية؛ كونها أصبحت تمتلك أكثر المقاعد في مجلس النواب.

وقد رفضت قوى سياسية عديدة طرح الحركة وتبنيها للنظام البرلماني، الذي يجعل رئيس الجمهورية مجرد رمز لا سلطة له على شئون الحكم في البلاد، فاضطرت حركة النهضة تحت إلحاح القوى المناوئة إلى القبول بالنظام المختلط الذي يمنح الرئيس بعض الصلاحيات؛ إلا أنها وضعت قيودًا على سلطات الرئيس).

وقد نجحت الحركة (في أن يتضمن الدستور الجديد نقل مجموعة من الصلاحيات من رئيس الدولة إلى رئيس الحكومة، من منفذ للسياسة العامة التي يصيغها رئيس الدولة إلى واضع وضابط لها، باستثناء مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي، والتي يتوجب على الرئيس استشارة رئيس الحكومة فيها، وبمقتضى الدستور الجديد انتقلت رئاسة مجلس الوزراء من رئيس الدولة إلى رئيس الحكومة، وهي إضافات دستورية أعطت أدوارًا إضافية للحكومة والبرلمان بعد ما كانت حكرًا على مؤسسة الرئاسة لمدة طويلة) (المصدر السابق).

- بالنسبة لقضايا المرأة في الدستور: اعتبرت حركة النهضة أن المرأة مكملة للرجل، (إلا أنها تراجعت عن موقفها سريعًا؛ بسبب ردود الأفعال الغاضبة في المجتمع التونسي)، (بعد أن رفض الليبراليون والعلمانيون علاقة التكامل بين المرأة والرجل).

وقد (جاء الدستور التونسي لينص أن: المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز)، (كما تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة، وتعمل على دعمها وتطويرها، وتضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات في جميع المجالات، كما تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة، وتتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة). 

وقد جاء الدستور التونسي -بموافقة حركة النهضة- ليؤكِّد على المكتسبات الاجتماعية والقانونية للمرأة الواردة في مجلة الأحوال الشخصية)، أي: المكتسبات التي وُضِعت في عهد بورقيبة، كما في منع تعدد الزوجات!

(كما مَكَّن الدستور المرأة بنصه على حق الترشح لمنصب رئيس الجمهورية الذي حرمها منه الدستور الفرنسي عام 1959) (المصدر السابق بتصرفٍ).

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


تصنيفات المادة