الأربعاء، ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ ، ٢٤ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أثر آي القرآن على قلب الإنسان (1)

أثر آي القرآن على قلب الإنسان (1)
الثلاثاء ٠٥ أبريل ٢٠٢٢ - ١٧:٣٠ م
196

أثر آي القرآن على قلب الإنسان (1)

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهنيئًا لمن كان صاحبه القرآن فكان ملازمًا لصحبته في شغله وفراغه، في خلوته واجتماعه، في مرضه وصحته، فالقرآن خيـر صاحب ومؤنس لصاحبه.

فالقرآن ينوِّر لصاحبه طريقه، ويؤنسه في وحدته؛ فلا يشعر بضيق في صدره، ولا اضطرابًا وقلقًا، لا يشعر بملل ولا بغربة وعزلة؛ يرى انشراحًا في صدره، وسرورًا وسعادة وطمأنينة في قلبه.

فالقرآن مُجلي للأحزان ومُذهب للهموم والغموم، لا يتخلى القرآن عن صاحبه في أشد الأحوال وأصعبها، لا ينسى صاحبه ولا يغفل عنه؛ فإنه يعطيه ويمنحه بلا مقابل ينتظره.

انظر كيف ينتظر القرآن صاحبه عندما ينشق عنه قبره ليطمئنه ويُفرحه ويُزيل عنه كربه.

فالقرآن يعطي صاحبه قوة في بدنه، نضارة في وجهه وسرورًا وغبطة في قلبه، ويُوسع له الرزق ويُطيب له العيش.

فالقرآن يرفع صاحبه في الدنيا والآخرة.

فيقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها، فهو في صعود طالما يقرأ: "هذًّا كان أو ترتيلًا"، وانظر إلى ابن أبزى أين وضعه القرآن في الدنيا؟!

يذكر عمرو بن واثلة: "أن نافعَ بنَ عَبدِ الحارثِ لقيَ عُمرَ بنَ الخطَّابِ بعُسفانَ، وَكانَ عمرُ استَعملَهُ على مَكَّةَ، فقالَ عُمَرُ: منِ استَخلفتَ على أَهْلِ الوادي؟ قالَ: استَخلفتُ علَيهم ابنَ أُبزى، قالَ: ومنِ ابنُ أُبزى؟ قالَ: رجلٌ مِن موالينا، قالَ عمرُ، فاستخلفتَ عليهم مولًى؟ قالَ: إنَّهُ قارئٌ لِكِتابِ اللَّهِ تعالى، عالمٌ بالفرائضِ، قاضٍ، قالَ عمرُ: أما إنَّ نبيَّكم صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: إنَّ اللَّهَ يرفعُ بِهَذا الكتابِ أقوامًا، ويضعُ بِهِ آخرينَ" (رواه مسلم، وابن ماجه واللفظ له).

كل من اقترب من القرآن اكتسب من خصائصه: فالقرآن خيـر صاحب، وخيـر جليس؛ يمنح صاحبه الذي هو صاحَبَهُ جوامع الكلم، يعطيه ويعلمه الحكمة والرشد في الأمر، يؤتي صاحبه العلم، ويؤتيه الحلم والصبر، والرفق والرحمة، وحسن الخلق، وطهارة القلب ونقاؤه، وحب الخيـر للناس جميعًا، يُعلم صاحبه العفو والصفح الجميل، وأن يدرئ بالحسنة السيئة، يعطيه الوقار والسكينة.

القرآن يعلمنا كيف نصاحبه ونلازمه: فمن بداية مبعث النبي صلى الله عليه وسلم كان الأمر بقيام الليل للاستذكار والمعاهدة لآيات الله التي أُنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينـزل بعد إلا القليل، ولكن كان المطلوب المداومة والملازمة لآيات الرحمن لتدبرها والعمل بمقتضاها، "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ . قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلًا . نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً . إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا"، "وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُودًا".

ملازمة ومصاحبة القرآن ليلًا ونهارًا: "أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا".

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صاحب القرآن: "لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ، وآناءَ النَّهارِ، فَسَمِعَهُ جارٌ له، فقالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُهْلِكُهُ في الحَقِّ، فقالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ ما أُوتِيَ فُلانٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ ما يَعْمَلُ" (رواه البخاري).

مجالسة أهل القرآن ومدارسة القرآن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ، وَمَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ" (رواه مسلم).

وللحديث بقية إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة