الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

التوبة ... وجمال البدايات!

التوبة ... وجمال البدايات!
الخميس ٠٧ أبريل ٢٠٢٢ - ٢٣:١٥ م
59

التوبة ... وجمال البدايات!

كتبه/ وائل رمضان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالله لطيف بعباده، ومِن جميل لطفه بهم سبحانه أنه فتح لهم باب التوبة مهما عظمت ذنوبهم، وكثرت خطاياهم، حتى وإن تجاوزوا الحدود ووصلوا بتفريطهم إلى درجة الإسراف، قال تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى? أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".

ومن لطفه سبحانه بعباده أنْ فتح لهم أعمالًا متجددة ومتكررة لغفران الذنوب ليظل باب الأمل والرجاء مفتوحًا أمامهم، ولتتجدد معاني التوبة في قلوبهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَن توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر". 

إننا نتعلم من التوبة إغلاق باب اليأس والإحباط، وفتح نوافذ الأمل والتفاؤل؛ فالتوبة بداية لحياة جديدة، والبدايات دائمًا أجمل؛ سواء صغرت أو عظمت.

كثيرون هم الأسرى لأحزانِهم وإحباطاتِهم، وإذا ناداهم منادي الأمَل أشاحوا بوجوهِهم عَنه، وأصَمُّوا آذانهم، ثمَّ مضوا مُهرولين إلى حيثُ يقبعونَ دائمًا، في تِلك الزَّاوية الكئيبَة في غُرفهم المنزوية، لا يقوون على فِعل شيء سوى البُكاء والنَّحيب عَلى ما فات، والأسى على ما هو آتٍ، مُكبَّلين بالعجز وقلَّة الحيلَة وسُوء التَّدبير! 

حَرَموا أنفسهم بأنفسهم متعة المحاولة الجادَّة للبدء مِن جديدٍ، حينَما أساءوا الظَّنَّ بالله -جلَّ جَلاله-، ولم يفقهوا قوله تَعالى: "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ".

ما أحوجنا أن نبدأ تلك البداية الجديدة الجميلة بالتوبة!

ما أحوجنا أن نقول لأنفسنا: "نقطة ومِن أول السطر".

نعم، نحن -أو أغلبنا- نحتاج مثل هذه العبارة، ومثل هذه الرسالة.

نحتاج تلك الوقفة مع أنفسنا؛ نقطة مصارحة، ووقفة مكاشفة، نُسقط فيها كل المبررات الخادعة أو الحقائق الزائفة التي ربما تذرعنا بها وجعلنا منها حُججًا، وتعاطيناها مسكنات نقنع بها أنفسنا أننا لم نقصِّر، أو لم نخطئ، أو ربما أننا كنا ضحايا لا حيلة لنا فيما أخذتنا إليه الأيام والمتغيرات.

نقطة ومن أول السطر، نحتاجها لالتقاط الأنفاس، وإعادة النظر فيما كان وكيف كان، ثم محاولة قراءة واقعنا بحيادية، فإن كان من خطأ اقترفناه، أقررنا به وسعينا لتصحيحه، وإن كان من تقصير أو ضبابية مواقف، اجتهدنا لتجلية الغيوم وتحييد التقصير، والأهم أن يتبع ذلك كله الترتيب لما هو قادم وآت؟

ومثل هذه الوقفة يجب أن تكون متواترة، ومتكررة طالما كنا أحياء؛ لنتأكد أننا دائمًا على الدرب السليم سائرون، لم نشت ولم نشذ.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة