الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

أثر آي القرآن على قلب الإنسان (3)

أثر آي القرآن على قلب الإنسان (3)
الاثنين ١٨ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٢:٠٠ ص
85


أثر آي القرآن على قلب الإنسان (3)

كتبه/ سعيد السواح

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

النبي صلى الله عليه وسلم ومدارسة القرآن:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ؛ فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ"؛ ولذا كانت وصيته صلى الله عليه وسلم لنا: "تَعاهَدُوا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها".

وقال صلى الله عليه وسلم: "بِئْسَ ما لأحَدِهِمْ أنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ واسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ، فإنَّه أشَدُّ تَفَصِّيًا مِن صُدُورِ الرِّجالِ مِنَ النَّعَمِ"، وقال: "إنَّما مَثَلُ صاحِبِ القُرْآنِ، كَمَثَلِ صاحِبِ الإبِلِ المُعَقَّلَةِ، إنْ عاهَدَ عليها أمْسَكَها، وإنْ أطْلَقَها ذَهَبَتْ".

كونوا علماء وحكماء وفقهاء؛ فلقد أوصانا الله تعالى فقال: "وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ".

خيركم من تعلم القرآن وعلمه:

الطريق المبسط الميسر في تعلُّم القرآن كما في إرشاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحابته الكرام: قال عقبة بن عامر رضي الله عنه: خَرَجَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَنَحْنُ في الصُّفَّةِ، فَقالَ: "أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَومٍ إلى بُطْحَانَ، أَوْ إلى العَقِيقِ، فَيَأْتِيَ منه بنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ في غيرِ إثْمٍ، وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ؟"، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، نُحِبُّ ذلكَ، قالَ: "أَفلا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إلى المَسْجِدِ فَيَعْلَمُ، أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِن كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، خَيْرٌ له مِن نَاقَتَيْنِ، وَثَلَاثٌ خَيْرٌ له مِن ثَلَاثٍ، وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ له مِن أَرْبَعٍ، وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنَ الإبِلِ" (رواه مسلم).

كيف النظرة إلى القرآن؟!

القرآن هو رسالة الله إلينا، والغرض من الرسالات: إنقاذ الإنسان وانتشاله من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الحق المبين، "قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ"، "فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا . رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا".

فالقرآن هو النور الذي أنزله الله تعالى لعباده؛ ليضيء لهم طريقهم في الحياة، ويكشفه لهم؛ حتى لا يضلوا الطريق: "وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ".

"خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون": وهذا يتطلب القراءة التدبرية للآيات للوقوف على دلالاتها، وكذا ما يستفاد منها من حِكَم وأحكام وإرشادات؛ لننطلق من فورنا إلى التطبيق والعمل.

فنريد أولًا أن نُكَوّن صورة ذهنية مجملة لكلِّ سورة من سور القرآن، ونرى أثر هذه السورة واضحة علينا في سلوكياتنا وأحوالنا، وكل جوانب حياتنا؛ بالإضافة إلى الوقوف على ما يُستفاد من السورة من دروس نُقَوّم بها أعمالنا وأقوالنا وأحوالنا.

فما من سورة من سور القرآن إلا وينبغي أن نرى أثرها على حياة المسلم؛ سواء في قوله أو فعله أو سلوكه، وهذا يتطلب أن نضع خُطة لطريقة التعامل مع السورة وكيف نقرأها، وكيف نتعامل مع آياتها، ولا ننتقل إلى غيـر السورة إلا بعد تَشَرُّب القلب لموضوعات السورة، وتثبيتها وترسيخها داخل نفوسنا؛ لِتُحَوّل إلى سلوكٍ مرئي في واقع حياتنا.

وللحديث بقية إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة