الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الملة الإبراهيمية (6) التحذير من مصطلح الأديان الإبراهيمية الثلاثة

الملة الإبراهيمية (6) التحذير من مصطلح الأديان الإبراهيمية الثلاثة
الاثنين ٠٩ مايو ٢٠٢٢ - ١٩:٢١ م
179

الملة الإبراهيمية (6) التحذير من مصطلح الأديان الإبراهيمية الثلاثة


كتبه/ محمد إسماعيل المقدم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فيروِّج دعاة ما يُسَمَّى: (التقريب بين الأديان) لضلالتهم بإشاعة مصطلح: (الأديان الإبراهيمية)، إشارة إلى الإسلام والنصرانية واليهودية؛ بحجة إيمانهم جميعًا بإبراهيم عليه السلام، ولا شك أن مَن رام القرب من اليهودية والنصرانية -فـضـلًا عـن سـائر الملل الوثنية، فقد رغب عن ملة إبراهيم التي هي الحنيفية المسلمة، وقد أمر الله عباده المؤمنين بلزومها، فقال: "ملة أبيكم إبراهيم" يعني: فالزموها، وقال عز وجل: "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين".

وملته عليه السلام هي ملة الأنبياء قبله وبعده، وهي الإسلام بمعناه العام، الذي يعني إسلام الوجه الله تعالى بالإخلاص له وحده دون ما سواه، ونبذ الشرك والبراءة من أهله، والإحسان في عبادته باتباع شرعه الذي شرعه على لسان نبيه الذي أرسله، والإيمان بالمعاد، وذلك أحسن الدين، كما قال تعالى: "ومن أحسن دينًا ممَّن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفًا".

وقد سفه اليهود والنصارى أنفسهم حين رغبوا عن ملة إبراهيم بوقوعهم في أنواع الشرك والكفر، والبدع، والفسوق والعصيان، كما قال قتادة: "رغب عـن ملته اليهود والنصارى، واتخذوا اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله، وتركوا ملة إبراهيم". 

ومع ذلك فقد حاولوا انتحاله والانتساب إليه؛ فأكذبهم الله، وأبطل دعواهم، وبرَّأ نبيـه الكـريـم مِـن كفرهم وضلالهم، فقـال عز وجـل: "ما كان إبراهيم يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولكن كان حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين"، وأنكـر عليهم أن يكـون أحـدٌ مـن أنبيائه من ذريته على اليهودية أو النصرانية، كما حاولوا استزلال المؤمنين في عهد النبوة إلى طريقهم، بدعوتهم إلى التهـود أو التنصر، فرد الله دعوتهم في نحورهم؛ قال تعالى: "وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ".

وامتثـل صلى الله عليه وسلم أمر ربـه فـدعـاهـم إلـى ملة إبراهيم في خطة رشـد، وكلمة سـواء، فقال: "قُلْ يأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون"، ولكـن أتبـاع عـزرا لا موسى، وبولس لا المسيح شـرقوا بدعوته، ولجُّوا في طغيانهم، واستنكفوا واستكبروا عن اتباع الهدى، ورغبوا عن ملة إبراهيم.

ومن هنا يجب التنبيه إلى خطورة ما يدعو إليه في زماننا بعض الضالين مما يسمونه: (الإبراهيمية) كي يلتقي المسلمون مع اليهود والنصارى تحت شعار إبراهيم!

وهذا زخرف من القول، لا ينخدع به إلا السذج، وإبراهيم الذي يقصدونه هو إبراهيم (التاريخي) وليس إبراهيم الموحِّد الحنيف، مع أنهم رغبوا عن ملته، وانتحلوا اسمه الشريف لاقتناص ضحاياهم، ولينتزعوا من أهل الإسلام اعترافا ضمنيًّا، بل صريحًا بأنهم على ملة إبراهيم؛ الأمر الذي يُعَدُّ -في حد ذاته- رغبة عن ملة إبراهيم -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

تنبيـه:

حاول كلٌّ من اليهود والنصارى نسبة إبراهيم عليه السلام إلى ملتهم، وهم يحاولون اليوم التقريب بين ما يسمَّى (الأديان الإبراهيمية الثلاثة) حتى ينتزعوا اعترافها من المسلمين بصحة نسبتهم؛ أي: اليهود والنصارى إلى إبراهيم عليـه السـلام؛ بيد أن هناك محاولة تدور فـي إطـار ثالث يحاول أن يخفي انتـساب المسلمين إلى إبراهيم عليه السلام، وذلك من خلال نشر فكرة (السامية) التي تركِّز على أن هناك أصـلًا واحدًا مشتركًا بين العرب واليهود، هو (سـام بـن نـوح)، فـي حيـن أن القصـد الحقيقـي مـن وراء ذلك هـو التعمية على انتساب العرب إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وربط تاريخ إسماعيل وذريته إلى مصدر غامض بعيد في أحقاب التاريخ، وبالتالي صرف الأنظار عن هويتنا الحقيقية التي هي ملة أبينا إبراهيم عليه السلام التي أولاها القرآن الكريم أعظم الاهتمام، ونسبنا إليها، وحثَّنا على اتباعها، وبرأ إبراهيم عليه السلام من كونه يهوديًّا أو نصرانيًّا أو مشركًا.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية