الجمعة، ٢٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

وقفات مع سورة الكهف (2)

وقفات مع سورة الكهف (2)
الجمعة ١٠ يونيو ٢٠٢٢ - ١٥:٥٢ م
67

وقفات مع سورة الكهف (2)


كتبه/ خالد آل رحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فنواصل في الحديث عن سورة الكهف، والتي تبدأ بقوله تعالى: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ"، وفي حمده نفسه عز وجل على إنزال القرآن على عبده محمدٍ صلى الله عليه وسلم توجيه لعباده الأخيار كي يحمدوه على هذه النعمة العظيمة.

وقد وَصَف المولى تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالعبودية في ثلاث حالات:

الأولى: حال إنزال القرآن عليه كما في هذه الآية، وكذلك آية سورة الفرقان: "‌تَبَارَكَ ‌الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا".

والثانية: حال الدفاع عنه، كما في آية سورة البقرة: "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ".

والثالثة: حال الإسراء به، كما في قوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا".

وفي هذه الآية يتحدَّث المولى تعالى عن إنزال القرآن عليه بقوله: "الْكِتَابَ"، وقد حدثنا المولى تعالى عن هذا الكتاب ببيان صفته، والغاية من إنزاله؛ فصفته: أنه كتاب حق كله؛ ليس فيه خلل في أخباره، ولا أحكامه، والغاية منه: أنه يبشِّر المؤمنين بالأجر العظيم، وينذر مَن لم يؤمن به بالعقاب الأليم.

قال البقاعي رحمه الله: "وقدَّم المولى تعالى ذكرَ النبي صلى الله عليه وسلم على المنزَّل (القرآن)؛ لأن المراد الدلالة على صحة رسالته بما لا تحتاج قريش إلى سؤال اليهود ولا غيرهم، بما لا يقدر عليه غيره" (انتهى)؛ ولذلك وَصَف المولى تعالى الكتاب بوصفين مشتملين على أنه الكامل من جميع الوجوه، وهما: نفي العوج عنه، وإثبات أنه قَيِّم مستقيم، بقوله تعالى: "وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا".

ونفي العوج معناه: إثبات الاستقامة؛ فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة مجمع عليها، ومع ذلك مَن يدقق قد يجد أدنى عوج؛ فلما أثبت له الاستقامة أزال شبهة بقاء الأدنى (العوج)، و"عوجًا": نكرة في سياق النفي؛ فهي تعم جميع أنواع العوج.

ولذلك قال تعالى: "قَيِّمًا" أي: على سائر الكتب يصدِّقها. وقيل: أي ذا اعتدال؛ لا إفراط فيه ولا تفريط في كلِّ ما حواه، ودعا إليه من التوحيد والعبادة، والآداب، والشرائع والأحكام. وقيل كذلك: أنه بمعنى قَيِّم بمصالح الخَلْق الدينية والدنيوية.

وللحديث بقية إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة