البناء الفكري من قصص
الكتاب والسنة (7) اعتبار مآلات الأمور
كتبه/ محمد سعيد الشحات
الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال جابرُ بنُ
عبدِ اللهِ رضي الله عنهما: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ (فضَرَب) رَجُلٌ مِنَ
المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ،
وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ
فَقَالَ: "مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ؟"، قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ:
"دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ"، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ
الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ المُهَاجِرُونَ
بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَوَقَدْ فَعَلُوا؟!
وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا
الأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبْ
عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَالَ النَّبِيُّ: "دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ
النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ. (متفق عليه).
- مآلات
الأمور: عَوَاقِبُ الأمور ونتائجها المُتوَقَعَة.
-
"دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" أي: اترُكُوا دَعَوى الجاهلية؛ فإنها
قبيحة مُؤذية.
- عَبْدُ
اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: رأسُ المنافقين، وهو مِن أهل المدينة.
- أَوَقَدْ
فَعَلُوا؟! أي: تكاثروا علينا في بلادنا وقَاتَلُونا.
الدروس المستفادة:
1- المنافقونَ
في المدينة كانوا يُظهِرون الإسلام، ويُبطِنون الكُفر.
2- الحكمةُ
مِن عدم قتل النبيِّ صلى الله عليه وسلم للمنافقين: أنه خَشِيَ أن يقع بسبب ذلك،
تنفيرٌ لكثيرٍ مِن الناس عن الدخول في الإسلام.
3- حِلْمُ
النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصبره عَلَى بَعْض الْمَفَاسِد؛ خَوْفًا مِنْ أَنْ
تَتَرَتَّب عَلَى ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ أَعْظَم؛ بأن يُقال: "إِنَّ مُحَمَّدًا
يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ".
وبالتالي:
- فالمفاسد
الأقل: هي عدم قتل المنافقين والصبر على فجورهم.
- والمفسدة
الأعظم: هي الخوف مِن تنفير الناس عن الدِّين.
4- لا يجوز
الإقدام على فِعلِ شيء إلا بعد النَّظَر في عَوَاقبه ونتائجه:
- فإذا كانت
المصالح أكثر أقدَمَ على فعله.
- وإذا كانت
المفاسد أكثر أحجَمَ عن فعله.
قال
الإمام الشاطبي: "لا يحكُمُ المُجتَهِدُ عَلَى فِعلٍ مِن الأفعَالِ
بِالإقدَامِ أوْ بِالإحجَامِ؛ إلا بَعدَ نَظَرِهِ إلى مَا يَؤُولُ إليهِ ذَلِكَ
الفِعلُ" (الموافقات).
موقع أنا السلفي
www.anasalafy.com