الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

محبة الله غاية المؤمنين (3) ثمرات محبة الله لعبده

محبة الله غاية المؤمنين (3) ثمرات محبة الله لعبده
الاثنين ٢٥ يوليو ٢٠٢٢ - ١٦:٢٧ م
135

محبة الله غاية المؤمنين (3) ثمرات محبة الله لعبده


كتبه/ حسن حسونة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

محبة الله على العبد واجبة ولازمة، فيجب عليه أن يتقرَّب إليه بصنوف الطاعات الظاهرة والباطنة، لكن السؤال الآن الذي يسأله كلُّ واحد منا: هل الله يحبني؟ وما علامة ذلك؟

فصفة المحبة ثابتة لله عز وجل فالله يُحبُ ويُحَبُ، فالله يحب المؤمنين، ويحب المحسنين، ويحب المتقين، وغيرها من الصفات الطيبة، وأهل السنة يثبتون هذه الصفة بلا تكييف ولا تعطيل، ومن غير تأويل ولا تمثيل "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير".

وعلامات محبة الله لعبده كثيرة، منها:

أولًا: وضع القبول في الأرض، كما في الحديث: "إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللهَ قَدْ ‌أَحَبَّ ‌فُلَانًا ‌فَأَحِبَّهُ، ‌فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ".

فهذه منحة عظيمة تأتي من المنحة الأعظم، محبة الله، فمحبة جبريل الأمين فمحبة الملأ الأعلى، فلا يُذكر في السماء إلا بصفات المدح والثناء عليه، وعلى أثر هذه المحبة يوضع له القبول في الأرض وتنشأ له محبة أهل الأرض وبخاصة الصالحين منهم، كلما رآه أحد أحبه، ولربما لم يتعامل معه؛ إلا أن القبول يلاحقه، وتأمل قوله تعالى عن كليمه موسى عليه السلام: "وألقيت عليك محبة مني" .

قال ابن كثير رحمه الله: "أي: عند عدوك جعلته يحبك"، وقال سلمة بن كهيل: "أي: حببتك إلى عبادي، فكان لا يراه أحد إلا أحبه".

ثانيًا: التوفيق والسداد في أموره كلها، فإن سَمِعَ فبتوفيقه له، وإن نظر فتوفيق الله يلاحقه، ولئن مشى بقدمه فيسدده الله، ولئن لجأ إلى الله في شيء أعطاه ما تمني، ولئن استعاذ بالله أعاذه الله من كلِّ مكروه وسوء، كما في الحديث القدسي، قال الله: "كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ورجله التي يمشي بها، ويده التي يبطش بها".

ثالثًا: مِن علامات محبة الله لعبده يحفظه ويرعاه من شياطين الإنس والجن، ويرعاه في ماله وأولاده.

رابعًا: يديم عليه نعمة الطاعة ويرزقه الشكر على نعمه والصبر عند الضراء، ويرزقه الاستقامة، وعملًا صالحًا قبل موته ليقبضه عليه، ويرزقه قلبًا مخبتًا منيبًا إليه، "يوم لا ينفع مال ولا بنون . إلا مَن أتى الله بقلب سليم".

فهذه علامات على محبة الله لعبده المؤمن وغيرها كثير.

ثم نختم بسؤال أخير وهو: ما الأسباب الجالبة لمحبة الله؟

ذكر ابن القيم رحمه الله عشرة أسباب لمحبة الله وموصلة إليها، منها:

أولها: قراءة القرآن، وتدبره، قال الله تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ ‌لِيَدَّبَّرُوا ‌آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ".

ثانيها: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض.

ثالثها: دوام ذِكْر الله على كل حال بالقلب واللسان.

رابعها: إيثار محاب الله على محاب النفس.

خامسها: مطالعة القلب لأسماء الله وصفاته، ومشاهدتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة، وكذلك النظر في الكون، "ربنا ما خلقت هذا باطلًا سبحانك فقنا عذاب النار".

سادسها: مشاهدة بره وإحسانه، ونعمه الظاهرة والباطنة.

سابعها: انكسار القلب بين يديه.

ثامنها: الخلوة وقت النزول الإلهي وتلاوة كتابه ثم ختم ذلك بالاستغفار.

تاسعها: مجالسة المحبين الصادقين والتقاط أطيب ثمرات كلامهم.

عاشرها: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل.

وقد أحسن رحمه الله في ترتيب هذه الأسباب الجالبة لمحبته عز وجل، نسأل الله أن يرزقنا حبه، وحب ما يحبه، وكل عمل يقربنا إلى حبه، اللهم اجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

أمين.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


 


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة