الثلاثاء، ١٠ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ١٩ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي إظهار الشعائر المخالفة لأهل السنة (8)

الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي  إظهار الشعائر المخالفة لأهل السنة (8)
الجمعة ٢٦ أغسطس ٢٠٢٢ - ١٦:٢٥ م
131

الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي وزواله من مصر في العصر الأيوبي  إظهار الشعائر المخالفة لأهل السنة (8)


كتبه/ أحمد حرفوش


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

تجريم أكل بعض الأطعمة:

في سنة (395هـ - 1005م) صدر قانون يحرِّم بيع الملوخية؛ لأنه وصل إليهم أن معاوية بن أبي سفيان كان يحبها، وينهى عن أكل الجرجير؛ لأن عائشة كانت تحب أكله، وعن المتوكلية؛ لأن هذا النبات ينسب إلى المتوكل الخليفة العباسي، وقد نهى الحاكم أيضًا عن أكل القرع، وأخذ على الفلاحين وثائق كتابيه بعدم زرع الملوخية والقرع؛ وذلك لأنه وصل إليهم أن أبا بكر وعائشة كانا يحبان أكلها، ومن العجيب أنه قُبض على جماعه كانوا يأكلون الملوخية فضُربوا بالسياط، وطيف بهم في الشوارع ثم ضربت أعناقهم.

الاعتداءات على أهل السنة:

على الرغم من الأمان الذي أعطاه جوهر الصقلي عند دخوله مصر لم يَسْلم أهل السنة من الاعتداءات والمضايقات، من قِبَل أتباع مذهب الدولة الفاطمية في أعيادهم ومناسباتهم، ففي سنة (363هـ - 974م) يوم عاشوراء خرج جماعة من المغاربة -جنود الفاطميين- ومَن تبعهم مِن الشيعة في مدينة الفسطاط السنية، وقاموا بتكسير أواني السقاية، وأفسدوا في الأسواق، واعتدوا على كل من لم يشاركهم في مظاهر الأسى والحزن بالأذى والسباب، فأصابوا أهلها بالضرر والأذى.

وقد ثار جماعة من أهل السنة اعتراضًا على اعتدائهم، وكادت تحدث فتنة ومجزرة، فقام أهل السنة بإغلاق دكاكينهم وأسواقهم، خوفًا على أنفسهم وأموالهم من الجنود المغاربة، وكان ذلك في بداية عصر الدولة الفاطمية ومن خلال فرسانها المغاربة، دون تدخل من الدولة الفاطمية، ودون تدخل من الخليفة المعز بالله، ودون تدخل من جوهر الصقلي الذي أعطى المصريين المواثيق والأمان التي كفلت حرية العبادة والمعتقد، في إشارة عن رضى الدولة عن هذه الأفعال، كما أن استعمال المغاربة في وظائف الدولة، وقوة نفوذهم جعلتهم يستعملون نفوذهم في إلحاق الأذى بالمسلمين السنة؛ فنهبوا أملاكهم واحتلوا دورهم وطردوا السكان منها، مما دفع الناس للشكاية إلى المعز فأمر المغاربة بإخلاء هذه الدور.

وفي مشهد آخر سنة (490هـ - 1097م) تجمع عددٌ كبيرٌ من أتباع الدولة الفاطمية في يوم عاشوراء بمشهد السيدة نفيسة، وأظهروا سب الصحابة واعتدوا على أهل السنة، وهدموا بعض قبورهم؛ إلا أن هذه المرة تدخلت الدولة على استحياء من خلال الوزير الأفضل، فأرسل من يمنع هؤلاء من الاعتداء على أهل السنة وضرب بعضهم.

يتبيَّن مما سبق: أن مشهد الاعتداء على أهل السنة بسبب اعتقادهم في الأعياد الفاطمية تكرر في الدولة الفاطمية، وقد عانى أهل السنة من ذلك، ولم تنتهِ هذه المعاناة إلا في زمن بعض الوزراء، الذين كان لهم ميول نحو العدل، مثل: الأفضل بن بدر الجمالي وزير المستعلي ووزير الآمر بأحكام الله، وقد كان هذا الوزير حسن الاعتقاد في مذهب السنَّة.

وكان المعز يدعي إنصاف المظلوم من الظالم، وقد أحضر بين يديه الزاهد العابد الورع الناسك التقي أبوبكر النابلسي، فقال له المعز: "بلغني عنك أنك قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت المصريين -أي: الفاطميين- بسهم؟ فقال النابلسي: ما قلتُ هذا! فظن أنه رجع عن قوله، فقال له: كيف قلت؟ قال: قلت: ينبغي أن نرميكم بتسعة ثم نرميهم بالعاشر، قال: ولم؟ قال: لأنكم غيرتم دين الأمة، وقتلتم الصالحين، وادعيتم ما ليس لكم"؛ فأمر المعز بإشهاره في أول يوم، وفي اليوم الثاني جلده بالسياط، وفي اليوم الثالث أمر بسلخه -وهو حي- فأوكل به يهودي فجعل يسلخه وهو يقرأ القرآن، قال اليهودي: فأخذتني رقة عليه، فلما بلغت تلقاء قلبه طعنته بالسكين، فمات رحمه الله، فكان يُقَال له الشهيد، وإليه ينسب بنو الشهيد من نابلس إلى اليوم، وهذه صورة مِن تعاملهم مع أهل السنة.

وللحديث بقية في المقال القادم إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية