الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

الوصايا النبوية (5) (اغتنم خمسًا قبل خمس) (موعظة الأسبوع)

الوصايا النبوية (5) (اغتنم خمسًا قبل خمس) (موعظة الأسبوع)
الخميس ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٩:٤٥ ص
153

الوصايا النبوية (5) (اغتنم خمسًا قبل خمس) (موعظة الأسبوع)

كتبه/ سعيد محمود

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

- المقدمة:

- الإشارة إلى فضل الوصايا النبوية. (مقدمة الموعظة الأولى).

- وصية اليوم:

 عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل وهو يعظه: (اغْتَنِمْ(1) خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ، وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ) (رواه الحاكم، والبيهقي في شعب الإيمان، وصححه الألباني).

- شرح مختصر جدًّا لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ): أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بفعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أخرى، وهو تعمير الخمسة الأولى بالأعمال الصالحة، قبل حصول الخمسة الأخرى التي ربما لا يُقدَر معها على ذلك.

- الغنيمة الأولى: الشباب قبل الكبر (شَبابَكَ قبلَ هِرَمِكَ):

- اغتنم وقت الشباب؛ لأنه وقت القوة والنشاط، بخلاف ما يقوله بعضهم من أنه يفعل في الشباب ما يريد ثم يُحسِن في الكبر، فما يدريك أنك تعيش إلى الكبر؟! ثم ما يدريك أنك توفَّق للتوبة؟! قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى . يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) (الفجر: 23-24).

- فضل العمل في مرحلة الشباب عظيم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: ... ) وذكر منهم: (وَشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ اللَّهِ) (متفق عليه).

- صور مشرفة لشباب نشأوا في عبادة الله: (علي بن أبي طالب - مصعب بن عمير - أسامة بن زيد - محمد الفاتح).

- الغنيمة الثانية: (وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ):

- اغتنم بالأعمال الصالحة وقت الصحة، قبل أن يحول بينك وبينها المرض، فالمرض ليس له زمان محدد، وعند ذلك لا تستطيع العمل لما نزل بك من آلام، أو عجز أو مشقة؛ لا سيما إذا طال زمان المرض، أو صار ملازمًا! قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى . يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).

- عملك الصالح في زمان صحتك سينفعك في زمان مرضك: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا) (رواه البخاري)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (تَعَرَّفْ ‌إِلَى ‌اللَّهِ ‌فِي ‌الرَّخَاءِ ‌يَعْرِفْكَ ‌فِي ‌الشِّدَّةِ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني).

- الغنيمة الثالثة: (وغِناكَ قبلَ فَقْرِكَ):

- اغتنم بالإنفاق في سبيل الله زمان غناك؛ فالأيام تتغير، والأحوال تتغير؛ فاغتنم المال الآن في مرضات الله، وابذله في وجوهه المباحة والمستحبة والواجبة، قبل يوم الفقر والندم: قال الله تعالى: (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ . وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا ? وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المنافقون: 10-11).

- فضل إنفاق المال في سبيل الله عظيم: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسُلِّطَه علَى هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، ورَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ، فَهو يَقْضِي بهَا ويُعَلِّمُهَا) (متفق عليه)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) (متفق عليه)، وفي الحديث القدسي: (يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ) (متفق عليه).

- الغنيمة الرابعة: (وفَرَاغَكَ قبلَ شُغْلِكَ):

- اغتنم بالإكثار من الأعمال الصالحة زمان سعة الوقت، قبل الانشغال بالأولاد والزوجات، وكثرة الحاجات، وضيق الأوقات: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (التغابن: 14)، وقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (الأنفال: 28).

- احذر ضياع الأوقات في غير ما ينفعك في الآخرة: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبْلَاهُ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- الغنيمة الخامسة: (وحَياتَكَ قبلَ مَوْتِكَ):

- اغتنم مُدَّة عمرك في الدنيا في الأعمال الصالحة، قبل أن تموت، وتسود في التراب، فالدنيا والعمر زمان العمل، وبعد الموت لا عمل: قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (المؤمنون: 99-100)، وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "اليومَ عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عملٌ".

- خاتمة: عود على بدء:

- التذكير بالوصية، وإشارة مختصرة إلى أن العامل المشترك في كل الوصايا هو التنبيه إلى قيمة الوقت، والذي هو بمعنى آخر: "العمر"؛ ولذا يحسن ذكر بعض ما يدل على قيمة الوقت، ومن ذلك: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ) (رواه البخاري)، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ما ندمتُ على شيءٍ كندمي على يومٍ غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي!"، وقال تعالى:  (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى . يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).

فاللهم استعملنا في طاعتك، اجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

والحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) اغتنِم: مِن الغنيمة، وهي المال الذي يحصل من حرب الكفار، وقد يجيء بمعنى الفوز بالشيء بلا مشقة.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com

الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة