الجمعة، ١١ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٩ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

الحياء شعبة من الإيمان (2)

الحياء شعبة من الإيمان (2)
الخميس ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٢ - ١٠:٠٣ ص
175

 

الحياء شعبة من الإيمان (2)

كتبه/ حسن حسونة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛  

فالحياء في الإسلام قسمان: جبلي فطري، فطر الله عليه الإنسان: كحياء الرجل أو المرأة من كشف العورات أمام الناس، وهو من جنس حياء آدم وزوجه لما أكلا من الشجرة المحرمة عليهما؛ إذ لما أكلا منها بدت لهما لهما عوراتهما؛ فأسرعا بالجبلة والفطرة بسترها بورق الشجر.

ومن هذا الحياء: ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم لأشج عبد القيس: "إنّ فيك خلَّتين يحبهما الله: الحلم والأناة، قال: يا رسول الله، أنا أتخلّق بهما، أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما، قال: الحمد لله الّذي ‌جبلني ‌على ‌خلّتين يحبّهما الله ورسوله".

والآخر المكتسب: الحياء الإيماني؛ الذي يمنع العبد من اقتراف الذنوب والآثام والأوزار؛ نظرًا لما يرى من نعم الله عليه؛ ولذلك لما دخل أبو حامد الخلقاني على الإمام أحمد بن حنبل، فقال أبو حامد وهو ينظر إلى الإمام أحمد: ماذا أقول لربي إذا ما قال لي يومًا أما استحييت تعصيني، وتخفي الذنب من خلقي وبالعصيان تأتيني، فما قولي له لما يعاتبني ويقضيني؟! فنظر إليه الإمام وقال: أعدها بالله عليك، فكررها فدخل الإمام أحمد داره وهو يبكي ويرددها!".

وهذا الأخير كيف نحصله ونكتسبه؟

والجواب: عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: "استحيوا من الله حق الحياء، قال: قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنا نستحيي والحمد لله. قال: ليس ذاك، ولكن مَن استحيا من الله حق الحياء؛ فليحفظ الرأس وما حوى -أي: مِن السمع والبصر واللسان فليحفظ هذه الجوارح عن الحرام-، وليحفظ البطن وما وعى -أي: يتجنب اكل الحرام من الربا والرشوة، وأكل السحت، وأكل أموال الناس بالباطل-، وليتذكر الموت والبلى -أي: يذكر لقاء الله، وأنه عما قليل سينقلب إلى مولاه-، ومَن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا؛ فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".

إذًا هذه وسائل تحصيل الحياء المكتسب؛ حفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وذكر الموت والبلى، وترك زينة الدنيا، فتجديد الإيمان بالله يكسبك الحياء والمحافظة على الصلوات والعبادات القلبية مِن: الخوف والرجاء، والإنابة والإخبات، وغيرها، ومن ثَمَّ يكسبك الحياء الدعاء، والمداومة عليه يكسبك الحياء.

روي أن أبا بكر رضي الله عنه قال يومًا وهو يخطب: "أيها الناس، استحيوا من الله، فوالله ما خرجت لحاجة منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد الغائط إلا وأنا مقنع رأسي حياءً من الله!".

نسأل الله أن يهدينا لصالح الأعمال والأخلاق لا يهدي لصالحها إلا هو، ويصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة