الخميس، ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤
بحث متقدم

حديث الأولياء (3)

حديث الأولياء (3)
الخميس ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٢ - ١٠:١٠ ص
96

 

حديث الأولياء (3)

كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فما زلنا مع فوائد حديث: "إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ ‌تَرَدُّدِي ‌عَنْ ‌نَفْسِ ‌الْمُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ".

ومِن هذه الفوائد:

8- الشأن العظيم أن يحبك الله تعالى؛ فإنه إذا أحبك أحبك كل شيء؛ فيحبك أهل السماء، ويجعل لك وُدًّا في قلوب المؤمنين، ويجعل لك قبولًا بين الناس، والطريق إلى ذلك بعد التقرب إليه سبحانه وتعالى بالفرائض واجتناب المحارم هو التقرب إليه بنوافل الفرائض مِن: صلاة وصيام، وصدقة، وحج وعمرة، وغيرها، قال ابن حجر رحمه الله: "ويستفاد منه: أن المراد بالنوافل جميع ما يندب من الأقوال والأفعال".

9- وإذا فعل العبد ذلك؛ جازاه الله تعالى أعظم الجزاء بأن جعله في معيته الخاصة التي لازمها التوفيق والتسديد، والرعاية، والحفظ والصيانة؛ فقوله: "كنت سمعه الذي يسمع به": الباء هنا بمعنى التوفيق والتسديد، فيوفقه في سمعه وبصره، ويده ورجله، وفؤاده ولسانه؛ فلا يستخدمهم إلا في مراضي الله، واجتناب معصيته.

فيوفقه في سمعه وبصره، فلا يسمع ولا يبصر بهما إلا ما أحله الله تعالى، ويوفقه في يده، فلا يبطش بها إلا في مراضي الله، ويوفقه في رجله فلا يمشي بها إلا فيما يرضيه سبحانه وتعالى، ويوفقه في عقله وتفكيره إلى الصواب والسداد، فكم من إنسان في حيرة وضلال عن الصواب، وكم من إنسان موفق مسدد، يهديه للصواب فيما ضل فيه غيره!

ويوفقه في لسانه فلا ينطق إلا بخير، وهذا فيه فائدة عظيمة، أن هذا التوفيق والتسديد يكون بالتقرب لله تعالى بالنوافل بعد الفرائض، فمن كان لله تعالى على ما يحبه، كان الله تعالى له على ما يحب.

قال ابن حجر رحمه الله: "قال الخطابي: هذه أمثال، والمعنى: توفيق الله لعبده في الأعمال التي يباشرها بهذه الأعضاء، وتيسير المحبة له فيها بأن يحفظ جوارحه عليه، ويعصمه عن مواقعة ما يكره الله من الإصغاء إلى اللهو بسمعه، ومن النظر إلى ما نهى الله عنه ببصره، ومن البطش فيما لا يحل له بيده، ومن السعي إلى الباطل برجله، وإلى هذا نحا الداودي، ومثله الكلاباذي. وعبَّر بقوله: "أحفظه فلا يتصرف إلا في محابي"؛ لأنه إذا أحبه كرّه له أن يتصرف فيما يكرهه منه، وفي حديث أبي أمامة: "وإذا استنصر بي نصرته"، وفي حديث أنس "نصحني فنصحت له".

10- قال ابن حجر رحمه الله: "وقد وقع في حديث أبي أمامة المذكور: "وأحبُّ عبادةِ عبدي إليَّ النصيحة ".

قلتُ: قد جمع رسول الله صلي الله عليه وسلم الدين كله وهو العمل الذي يرضاه الله من عباده في النصيحة فقال: "الدين النصيحة"، قالها ثلاثًا. قلنا: لمن؟ قال: "لله و لكتابه، و لرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم".

قال النووي رحمه الله: "هذا حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام... وأما ما قاله جماعات من العلماء، أنه أحد أرباع الإسلام أي: أحد الأحاديث الأربعة التي تجمع أمور الإسلام فليس كما قالوه، بل المدار على هذا وحده".

وقال الخطابي رحمه الله: "فمعنى النصيحة لله سبحانه: صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته. والنصيحة لكتاب الله: الإيمان به والعمل بما فيه. والنصيحة لرسوله: التصديق بنبوته، وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه. والنصيحة لأئمة المؤمنين: أن يطيعهم في الحق، وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف إذا جاروا، والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم".

وللحديث بقية إن شاء الله.

موقع أنا السلفي

www.anasalafy.com


الكلمات الدلالية

تصنيفات المادة