الثلاثاء، ٨ شوال ١٤٤٥ هـ ، ١٦ أبريل ٢٠٢٤
بحث متقدم

وسقطت ورقة أخرى - إنا لله وإنا إليه راجعون

وفاة الشيخ/ عبد الله بن غديان ...

وسقطت ورقة أخرى - إنا لله وإنا إليه راجعون
د/سعيد عبد العظيم- د/ ياسر برهامي
الجمعة ٠٤ يونيو ٢٠١٠ - ٢١:٣٤ م
3814

كتبه/ سعيد عبد العظيم

توفي الشيخ/ عبد الله بن غديان وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها. اللهم اغفر له وارفع درجته في المهدين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم وسع له في قبره ونور له فيه.

الشيخ/ عبد الله بن غديان هو عضو لجنة الفتوى بالمملكة العربية السعودية وأحد كبار العلماء فيها وقد انتفع الناس بعلمه ـرحمه الله - هنا وهناك، فجزاه الله خيرا على ما قدمه.

هو من آلـ محدث من بني العنبر من بني عمرو بن تميم، وينتهي نسبه إلى عمرو (طابخة) ابن إلياس بن مضر من أسرة العدنانيين، ومن جهة الأم يرتجع نسبه إلى راشد من عتيبة، وترجع عتيبة إلى هوازن. ولد عام 1345هـ في مدينة الزلفي.

تلقى مبادئ القراءة والكتابة في صغره على عبد الله بن عبد العزيز السحيمي، وعبد الله بن عبد الرحمن الغيث، وفالح الرومي، وتلقى مبادئ الفقه والتوحيد والنحو والفرائض على حمدان بن أحمد الباتل، ثم سافر إلى الرياض عام 1363هـ فدخل المدرسة السعودية الابتدائية (مدرسة الأيتام سابقا)، عام 1366هـ تقريبا، وتخرج فيها عام 1368هـ.

عين مدرسا في المدرسة العزيزية، وفي عام 1371هـ دخل المعهد العلمي، وكان أثناء هذه المدة يتلقى العلم على سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، كما تلقى علم الفقه على الشيخ سعود بن رشرد (قابضي الرياض)، والشيخ إبراهيم بن سليمان في علم التوحيد، والشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم في علم النحو والفرائض، ثم واصل دراسته إلى أن تخرج في كلية الشريعة عام 1376هـ، وعين رئيسا لمحكمة الخبر، ثم نقل للتدريس بالمعهد العلمي عام 1378هـ، وفي عام 1380هـ عين مدرسا في كلية الشريعة، وفي عام 1391هـ عين عضوا للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالإضافة إلى عضوية هيئة كبار العلماء.

تلقى العلم على مجموعة من طلبة العلم في مختلف الفنون، ومن أبرزهم بالإضافة إلى من سبق:

1ـ سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز تلقى عليه علم الفقه.

2ـ الشيخ عبد الله الخليفي في الفقه أيضا .

3ـ الشيخ عبد العزيز بن رشيد في الفقه والتوحيد والفرائض.

4ـ الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في أصول الفقه وعلوم القرآن والتفسير.

5ـ الشيخ عبد الرحمن الأفريقي علم المصطلح والحديث.

6ـ  الشيخ عبد الرزاق عفيفي.

7ـ عبد الفتاح قاري البخاري أخذ عنه القرآن برواية حفص عن عاصم، يسنده إلى الرسول ـصلى الله عليه وسلمـ ، وغيرهم.

آثاره:

إضافة إلى ما سبق كان أثناء عمله من عام 1389هـ يقوم بتدريس الفقه وأصوله وقواعده، والحديث ومصطلحه، والتفسير وعلومه، والعقيدة، والفقه في حلقات منتظمة غالب أيام الأسبوع حسب الظروف بعد المغرب، وبعد العشاء، وأحيانا بعد الفجر وبعد العصر، ومن عام 1395هـ كان بالإضافة إلى عمله في الإفتاء يلقي دروسا على طلبة الدراسات العليا في جامعة الإمام وكلية الشريعة في الفقه والأصول، وقواعد الفقه وقاعة البحث ويشرف ويشترك في مناقشة بعض الرسائل، ومن خلال هذه الفترة تلقى عليه العلم عدد كثير من طلاب العلم، كما رشح عام 1381هـ ضمن من ينتدبون إلى التوعية والإفتاء في موسم الحج إلى الوقت الحاضر، ولما توفي سماحة الشيخ عبد الله بن حميد عام 1402هـ، تولى الإفتاء في برنامج نور على الدرب.

اللهم اغفر له وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالثلج والماء والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وجازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا، فلله ما أعطى وله ما أخذ وكل شئ عنده بأجل مسمى فاصبر واحتسب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إنا لله وإنا إليه راجعون

كتبه/ ياسر برهامي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فقد فقدت الأمة الإسلامية عالمًا جليلاً من علماء أهل السنة المدافعين عن منهج السلف؛ هو فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن غديان رحمه الله، وأجزل مثوبته، وغفر له، وعافاه، وأسكنه جنته، ونجاه من عذاب النار، وعذاب القبر، آمين.

وموت العلماء موعظة وتذكير للأمة جميعاً بقرب الرحيل، وقرب انتهاء الدنيا، فإن الدنيا قد آذنت بصُرمِ وولت حذَّاء، ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء يتصابَّها صاحبها، وخراب الدنيا بموت عالم أضعاف خرابها بموت غيره، فالاستعداد ليوم الرحيل واجب، والعمل ليوم المعاد متحتم.

إن موت العالم ثُلْمَةٌ خطيرة في بناء الأمة الإسلامية، ولابد أن تبذل الجهود وتتضافر الهمم على محاولة تعويض بعض ما سُلب من العلم بموت العالم، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا(متفق عليه).

والأمة الإسلامية في مجموعها تتعرض لمخاطر جمة من الدعاة على أبواب جهنم الذين مَن أجابهم إليها قذفوه فيها، وإنما يتدثرون بالبدعِ والفتاوى الباطلة، والقولِ على الله بغير علم، والكذبِ على الله وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، هذا ظاهرهم، أما باطنهم فالكفر والنفاق وقلوب الشياطين التي تهدف إلى هدم الدين.

وإنما يقف العلماء في وجه هذه المخاطر ببيان الحق، والجهاد في الدفاع عنه، وتعليمه الناس، ونشر العلم بالكتاب والسنة، والقيام في الناس بالقسط والعدل والإنصاف.

وكم وجد المسلمون أثر فقد علمائهم عبر التاريخ، وفي زماننا خاصة حتى إن التأريخ للأحداث يمكن أن يصنف بما قبل رحيل الأفذاذ أمثال: الشيخ "ابن باز"، و"العثيمين"، و"الألباني" و"بكر أبو زيد"، وما بعد رحيلهم؛ فوالله لقد كان الفرق كثيرًا بين المرحلتين، وطريقة العلماء وطلاب العلم والحكام والعوام مختلفة بين ما كان في حياتهم وما حدث بعد وفاتهم.

نسأل الله أن يرحمهم جميعًا، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق، وأن يجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، ونقول لأهله وطلابه وأحبابه والمسلمين: لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فاصبروا واحتسبوا.

وموت العلماء يفتح أبواب الخطر، ويضاعف المسئولية على الأمة في مجموعها، وعلى علمائها وطلاب العلم والدعاة على وجه الخصوص، في التمسكِ بما كان عليه سلفهم من العلماء، والدعوةِ إلى الله -سبحانه- بما كان يدعو إليه مَنْ سبقهم مِنْ الحق والهدى والإنصاف بين الناس، وإقامة معالم الدين، ونشر العلم الذي تركه هؤلاء العلماء، والانتفاع بهديهم وسلوكهم المشهود والمقروء والمسموع.

والحمد لله أن علم هؤلاء العلماء لا يموت بموتهم، بل لا يزال محفوظاً لما حواه من نور الكتاب والسنة الذي وعد الله بحفظه.

نسأل الله أن يرحمنا، وأن يغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، وإنا لله، وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصائبنا، واخلف لنا خيراً منها.

www.salafvoice.com

ربما يهمك أيضاً